بسم الله الرحمن الرحيم
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (سيد الاستغفار أن يقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني و أنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك على و أبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت قال ومن قالها من النهار موقناً بها فمات من يومه قبل أن يُمسِ فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة) رواه البخاري.
ويجب أن نبحث عمن سماه سيد الاستغفار وذلك تحرزا من الوقوع في البدع، فالشيطان أحرص ما يكون على إضلال الناس.
ومعنى سيد الاستغفار أي أنه يسود ويتقدم كل صيغ الاستغفار الأخرى في الفضيلة والرتبة، وهذا مقرر من كلام من لا ينطق عن الهوى..
والمتأمل فيه يجد أن هذا الدعاء قد أشتمل على التوبة والتذلل والإنابة لله - سبحانه وتعالى -:
ففيه أقرار من العبد بألوهية الله وذلك في قوله اللهم، و إقرار بربوبيته في قوله أنت ربي، و يقر بوحدانيته في وقوله لا إله إلا أنت، ويقر بأنه عبد مربوب له في قوله خلقتني وأنا عبدك، وقوله وأنا على عهدك على قولان:
الأول: أي أنا على عهدك بالإيمان بك وبملائكته وكتبك ورسلك (أركان الإيمان الستة).
والثاني: أي العهد الذي أخذ من آدم وذريته وذلك في قوله - تعالى -: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم و أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين} [الأعراف: 172].
وقوله ووعدك أي الوعد الذي وعدتنا إياه وذلك في قوله - تعالى -: {الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ألا تعبدوا إلا الله إني لكم منه نذير وبشير وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى اجل مسمى ويؤت كل ذي فضل من فضله وأن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير} [هود: 3].
فالوعد هو المتاع الحسن في الدنيا، ويؤتي كل ذي فضل من فضله أي دخول الجنة في الآخرة،
وقوله ما استطعت:
أي على قدر استطاعتي، فإنه - سبحانه وتعالى - لا يكلف نفسا إلا وسعها، والاستطاعة حقيقتها استفراغ الجهد، أي بذل كل الجهد الذي يمكن بذله وحقيقة الاستطاعة هي أن كل ما كلفنا به إلا وفي مقدورنا فعله، وعليه يجب أن نكون صادقين مع الله في الاستطاعة.
وقوله أعوذ بك من شر ما صنعت، فيستعيذ الإنسان من شر ذنوبه وتقصيره في أمره سواء كان التقصير في القيام بشكر الإنعام و تقصيره بارتكاب الآثام، فالتقصير لا يقع فقط في اجتراح الآثام بل أيضا في التقصير على شكر الإنعام، ولا يحرم العبد من نعمة إلا بذنب أصابه، والحقيقة أن التقصير واقع ولا محالة في شكر الإنعام فقد قال - تعالى -: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}[النحل: 18].
فيستعيذ الإنسان بالله - سبحانه وتعالى - من شر ما صنع أي من شر مغبته وسوء عاقبته، وحلول عقوبته، وعدم مغفرته أو من العود إلى مثله، فيلتجئ إلى الله من شر الأفعال وقبيح الأعمال، ورديء الخصال.
وقوله \" أبوء لك بنعمتك \" أي أقر واعترف بنعمة الله علي فاعترف بعظيم إنعامك وترادف فضلك وإحسانك، بل وتفضلك على بفعل الحسنات ويعلم أنه هو هداه ويسره لليسرى، ولولا توفيق الله لما هداه لها ابتداء ولما يسر له فعلها.
ويقر بذنوبه في قوله أبوء بذنبي، سواء كان ذلك تقصيرا في واجب أو فعل نهي ويتوب منها في قوله فاغفر لي، فهو يسأل المغفرة من الله - سبحانه وتعالى - من ذلك كله، معترفا بأنه لا يغفر الذنب سواه، وكما قال بعضهم:
أطعتك بفضلك والمنة لك وعصيتك بعلمك والحجة لك فأسألك بوجوب حجتك علي وانقطاع حجتي إلا ما غفرت لي. فرحمتك واسعة وصفحك كريم، ولا يتعاظمك ذنب أن تغفره، فأنت الغفور الرحيم.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد