بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد لم يلد ولم يولد، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه المجد،
أمـا بعــد:فمـن الفقير إلى ربه أبي عبد الله معيلي الشمراني إلــــى كـــل شــــاب،
إلــــــى من مـــلّ السير في طريق الهلاك وطريق الغواية،........ إلـى من يريد السعـــادة،....... إلــــــــى من يريد أن يتعرف على طريــــق الاستقامة،..... إلـى من تدعوه نفسه المطمئنــة إلى الطاعة وتزين له نفسه الأمارة بالسوء الذنوب والمعاصي،....... إلــــــى من أسره الهوى، وتمكن من قياده الشيطان.
الســـــــلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فيا أخــــي الحبيب، كلمات صادقة، ودليل محبة، ولغة تواصل، وباقة ورد أنثرها بين يديك، راجياً من الله أن تمس حروفها شغــــاف قلبــــــــــك، وأن تهز سطورها أركان فؤادك، فمنه - سبحانه - العون وعليه التكلان.
أخــــي العزيز: أشهد الله أنني أحبك في الله، ومصـــداقاً لذلك فهذه رسالة ابعثها إليك وأنا لك ناصح وعليك مشفق وحريص على سعادتك وهنائك في الدنيا والآخرة إن شاء الله.
أخـــي العزيز: قد سطرت إليك هذه الرسالة فأبى قلمي أن يكتبها إلا إذا عصرت على مداده لواعج الحسـرات وسواكب العَبَــرات، فأعطيته ذلك فها هو يكتب بليلاً، رقيقاً، ليهديك أخي هذه الكلمات.
أخـــــي الحبيب: متّعني الله وإيّاك بالصحة وأسبغ علينا جلباب العافية، وأسدل علينا أستار طاعته ومحبته،..... أخــــــــي بعد ما لم نستطع أن نجلس سوياً نتجاذب أطراف الحديث ونشكي هموم بعضنا لبعض فإنني كتبت لك هذه الرسالة التي أملاها قلبي، وحملها إليك النصح والحرص على ما ينفعك، فأملـــــــــي أخي فيك أن تفتــح لها أبواب قلبــــــك، وتضمّنها في سويدائــــــــــــه، فإن فعلت أخي فإنك أن شاء الله لن تعدم خيراً تجده فيها،
أخــــي الحبيب واللـه العظيم لو كنت أملك الهداية والسعادة لبذلتهــــــــا لك من أول وهلة، لكي أخرجك مما أنت فيه من الهموم والأحزان، والتعب والنصب والأرق، ولكنني أستطيع كغيري بإذن الله فعل السبب من كلمة طيبة ونصح صادق وتوجيه وإرشاد فخذها من قلب محب، فهــــل قلب الحبيب يســــــــــمع؟!!
أخــــــي الحبيب: إنني أعرف فيك خيراً كثيراً، فاسمح لي أن آخذك بعيـــــــداً بمفــــردك عن طيش الشباب وشهوات النفس، بعيــــــداً عن وسائــــــل الفســــاد والضيــــــــاع، بعيداً عن المعاصي والآثام، بعيداً عن المغنين والمغنيات، بعيداً عن التقليد الأعمى، بعيــــــــداً عن رفقـاء السوء، بعيداً عن المظللين والمظلين والمخادعين، بعيداً عن كل المؤثرات والمنغصات.
أخـــــي وصديقي: أريدك أن ترجع معي إلى الوراء قليلاً، فأنت تريـــــــــــــد أن تكون سعيداً، مســـروراً، فرحاً، مازحاً، تبتسم للصغير والكبير، تُداعب هذا وتمزح مع ذاك، تود أن تكون سعيداً مرتاح النفس والضمير والقلب، لا همّ ولا غم ولا ضيق ولا (طفش).
أخــــــي الحبيب: بعد ما عرفت وسمعت عنك كل هذا، أريد أن أخاطـب قلبك الطيــب، ونظراتك البريئة، وفطرت الخير فيك، نعم أريد أن أخاطب فيك الشاب البسيط الحيّ لألتقي معك لقاء لا يرتبط بالمادة، ولا بالمصلحة، ولا بالمجاملة، لقاء الأخ لأخيــــه الرحيم البــار به، اسمعها مني كلمات وادعة، ومشاعر نابغة من القلب، فأرجو أن تكون هذه الرسالة لقاء القلب بالقلب، يعبر عنها اللسان ببيان رقيق جميل، وحس مرهف.
ســــــؤال؟
أخـــــي الحبيب: أريد أن أسألك سؤالاً وآمل أن تجيب عليه بكل صراحة بعد خشوع وتفكر وخضوع وهو: أيـــــــــن الآباء والأجداد.. ! وأين الكثيرين من الأهل والأحباب؟ !! بل كيـــــــف تُجيـب ربك يوم تقــف بيــن يديــه حافي القدمين، عاري الجسد، شاخص البصر، بل كيــــــف تُجيب الملكـان عندما يُحثا عليك التراب، ويفارقك الأهل والأصحاب، عندما تكون في ضيق اللحـــــود! ومراتع الـــــــــــدود!، فلا أم تؤانسك ولا صديق يخاطبك ويمازحك؟، ستجد الجواب مصحوباً بدموع الحزن... وأزيز القلوب على الفراق، هم تحت طيات الثرى والتراب؟!! نعم هذا هو المــــــــآل... وهذا هو المصيـــــــــــــــر... ؟؟!
همســــة:
أخـــــي الحبيب: إذا كان الأمــر كذلك:
فعلى صاحب البصر الناقد أن يتـــــــــــزود من نفســه لنفســه، ومن حياته لموته، ومن شبابه لهرمه، ومن صحته لمرضه. فما بعد المــــــــــوت من عتـــــــــاب، ولا بعد الدنيا ســـــــــــوى الجنــــة أو النـــــــار، فمن هنا فأنني أهمــــــس في أذنك وأدعــــــوك للانضمام لقوافل الخير التــي تُضـــــــيء لك النور بإذن الله وتدلك على طريق الخير والفلاح والصلاح والنور، وتبعـــــــــدك عن طريق الفساد، والشر، والضياع والظلام، والوحشة، والهم، والغم، إن شاء الله!!!.
وقفــــــة:
أخـــــي الحبيب: إذاًً لا بد من وقفة صادقة مع النفس وقفــــة محاسبـــــة ومساءلة، فوالله لتموتن كما تنام، ولتبعثن كما تستيقظ، ولتجزين بما تعمل، فجنة الخلد للمُطيعين، ونار جهنم للعاصين.
أخـــي الحبيب، من غفل عن نفسه تصرمت أوقاته، ثم اشتـــــدت عليه حســـــــــــراته، وأي حسرة على العبد أعظم من أن يكون عمره عليه حجة، وتقوده أيامه إلى المزيد من الردى والشقاوة، وأعلم إن الزمان وتقلباته أنصح المؤدبين، وإن الدهر بقوارعه أفصح المتكلمين، فأنتبه بإيقاظه، وأعتبر بألفاظه
أخــي الحبيب، من غرّه شبابه فنســــــي فقـــــــــــدان الأقــــــــــــــران، وغفل عن سرعـــة المفاجـــــــآت، وتعلــــــــــق بالآمـــــــال والأمانـــــــي فما هي والله إلا أوهام الكسالى، وأفكار اللاهين وما الاعتماد عليها إلا بضائع المغبونين، ورؤوس أموال المفاليس،.... والتمني والتسويف إضاعـة للحاضر والمستقبل.
إيّاك والتسويـــــــف:
أخــــــي الحبيب: إنك الآن في مقتبل عمرك وفي سن الشباب والقوة والفراغ، وقد اغتـــر كثيرٌ من الشباب بهذا الســـن فقالوا: دعونا نمتع أنفسنا في شبابنا، وسوف نتدارك ذلك إذا تقدمت بنا السن ونســـــــــوا أن المـوت يأتي في أي لحظة.
هل أكثر الشباب ســـــعداء؟
أخــــــي الحبيب: هل أكثر شبابنا اليوم سعداء؟ الجواب لا!! ولو تأملت في أحوال الكثير منهم لوجدتهم على حال سيئة، وإن رأيت منهم الابتسامة والضحكة؟! ولو سألت أحدهم: هل أنت سعيد في حياتك؟ وهــــل ضحكك ومزاحك مع الآخرين نابــــع من سعـادة حقيقيـــــــة؟!،
لرد عليك بقوله: والله لولا ما أتناسى ما أنا فيه لرأيتني مرمياً على الأرض لا أستطيع الوقوف من ثقل ما أحمل من هموم الدنيا، نعم هذه الحقيقة،...... وأي هموم يحملونها؟! هموم ماذا التي أثقلت عليه!!! همــــوم هذا الدين والدعـــــوة إليه؟ أم هموم القدس وتدنيس اليهود لها؟! أم هـــــموم الأمة الإسلامية وتكالب الأعداء عليها؟!...... ولو سألته أين توجد السعادة؟ وهل بحثت عنها؟ لقال لك: لا سعادة في هذه الدنيا أبداً، ولقد بحثت عن السعادة في كل مكان ولم أجدها!!!
ولو سألته عن حاله وحال رفقائه الشباب لقال: صدور ضيقة، وأموال ضائعة، وتصرفات طائشة، وسهرات دائمة، وجلسات فارغة، ولا نعـــرف لنا قيمة ولا لحياتنــا معنـــــى ولا يقدرنا أحد، ونكره أنفسنا دائماً ونتمنى الموت من ضيق ما نحن فيه!!! لماذا هذا كله؟؟؟ !!.
لمـاذا شبابنا لم يجدوا السعادة؟
أخــي الحبيب: أتعلم لمــــاذا شبابنا لـم يجــدوا السعــادة؟
لأنهم بحثوا عن السعادة في اللهو والطرب والسهر والدخان والمخدرات والمسلسلات وصفحات الإنترنت المشبوهة والمجلات الخليعة الماجنة و... ؟ فلم يجدوها! بحثوا عن السعادة في غيـــــر محلها، بحثوا عنها في المحــرمات بشتى أنواعها فلم يجدوها ولن يجدوها! ! لأن الله يقول - عز وجل - [ومن أعـــــــــــــرض عن ذكـري فإن له معيشة ضنكــــــــا]، فهم بعيدين عن الله ويبحثون عن السعادة؟؟ فكيــــــــــف يجدونها وقـــــد هجروا كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيهما السعادة والنجاة، نعم هذا هو حال شبابنا اليوم.
أخـــــي الحبيب: أرجو الله أن لا نكـــــــــون ممن ضيّـــع دربه وتـــاه في طريقه، ويا سبحان الله العظيم ما أبين الطريق، وما أوضح الدرب، وما أسعـد الركــــــب علــى سير الصحابة والسلف رضوان الله عنهم أجمعين.
أيـن توجد السعادة؟
أخـــــــي الحبيب: إذاً أيــــن توجد السعادة؟ لكي نجيب على هذا السؤال أقرأ قوله - سبحانه وتعالى - [من عمــل صالحــاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينــــه حياة طيبــة]، فاعلم رحمك الله أن السعادة الحقيقية هي السعادة الداخلية سعادة القلب وبهجته، وانشراح الصدر وسعته، ولــن يكــون هذا أبداً إلا في التقـــرب إلى الله والالتزام بتعاليم دينه... ذلك الدين الذي تخلى عن صدق تطبيقه كثير من الشباب،.. وأملنا أن يعودوا لرحابه، ففيه كــل الطمأنينة والفرح والسرور، قـال - تعالى -[الذين آمنــــوا وتطمئــن قلوبهم بذكر الله ألا بذكــر الله تطمئـن القلــوب].
أخـــــي الحبيب: إذا أردت السعادة في الدنيا والآخرة فسوف تجدها بشرط أن تتبع أوامر الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وطاعتهما بدون اعتراض أو تردد، وإيّــاك ومَـــــن يصور لك هذا الدين بأوامره وتكاليفه أنها نوع من تقييد الحرية وحرمان من المتع الدنيوية، فهؤلاء لا يريدون لك إلاّ السعادة المزيفة والمتعة المؤقتة ثــــــم تكــون الحســـــــــــــرة في الدنيا والعذاب في الآخرة، نسـأل الله العافية.
أخــــــي الحبيب: أنني أدعوك مرة ثانية أن تسلك طريق الاستقامة والصلاح ففيها السعادة والفلاح، والحذر كل الحذر من رفقاء السوء، فلا تنغر بهم وتنحرف معهم، وعليــــــك بالبحث عن الرفيــــق الصالـح الذي يعينك على الاستقامة والسعادة والخير إن شاء الله، وأعلم أن صلاحك في تقواك، وفـــــــــــوزك في خوفـــــــــــك من اللــــــه - تعالى -فاستعصم أخي بتقوى الله فهي خير حصن تحصنت به، أخي: أوَمَـــــــــــا تحـــب أن تكون في الدنيـــــــــا من الهانئين السعداء، ويـــــوم القيامـــــة من الناجين الفرحين إن شاء الله!!. فإن أردت أخي ذلك فلتتق مولاك - تعالى -في كل صغيرة وكبيرة، وسوف تجد عاقبة ذلك برداً وسلاماً.
فكـــــــــــن يا أخي الحبيب من هؤلاء الشباب حتى تكون من السعداء:
شـبــاب مؤمن بالله يمضي *** وللإســلام يندفــــــع اندفاعــا
ويعلنُها بـعــــــزمٍ, إن دَربي *** إلى الجنَّــات يا خُذُني سِراعاً
شبابٌ لم تُدنَّسه المعاصـي *** ولـــم تتركهُ في الدنّيا ضَياعا
أولئكَ هُم شـبــابٌ للمعـالـي *** لـقـد بُعـثـِوا لدُنيانا شـُعــــاعا
أخي على درب الخير: إليك أهدي هذه الصفحات المتواضعة، راجياً من الله أن ينفع بها، وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، فقد حاولت أن أكتب لك ولو الشيء اليسير الذي يعبر لك عن علــــو مكانتـــك وقــــــدرك في نفسي، فإنه يأنسني ويثلج صدري بهجةً وسروراً أن أرى لك موقفــــــــــــــاً إيمانيــاً في يوم من الأيام مع إخوانك الشباب الذين سبقوك بالهداية ولزموا الطريق الصحيح ووجــدوا الســــــعادة الحــقيقية.
أخي الحبيب: متـــــــــى تتحدى الصعاب وتعلنها رجعة إلى الله؟! وتنقـــــــــذ نفسك وشبابك وتخـــــدم دينك الذي سوف تسأل عنه في قبـرك، فأنت بالدين شيء وبدون الدين لا شيء،....... وفــــــي أثناء قراءتك لهذه الرسالة أرجــــــــو أن لا تحمل عليّ إن كنت قاسياً معك في بعض الأحيان، ولكن صدقنـــي إنها هيجان المشاعر حين تلتقي بمن تهواه وتحبه،
مناي من الـدنيا عـلــوم أبثــها *** وأنشــرها في كل بادٍ, وحــاضـــــــر
دعاءٌ إلى القرآن والسنن التي *** تناسى رجال ذكرها في المحاضري
أخـــــي الحبيب: إننـي سطرت إليك هذه الكلمات، لتكون دليل محبة، ولغة تواصل، وباقة ورد انثرها بين يديك استخرجتها لك من مكامن جوانحي وخلطتها لك بصدق النصيحة، وقدمتها إليك في قوالب الأخوة في الله، وكم أنا سعيد إن أنت قبلتها، وبقي أخي أني حاولت جهدي، وما عليّ إلا البلاغ، فإن أنت عملت بذلك فلن تكون بسيئ المكانة، فليس عيباً أخي أن تفتــــــــــح صفحـــــــــــــــة جديدة في حياتك لتدون عليها أعمالاً صالحة تكون ضياء ونوراً لك في دنيـــاك، ويوم لقائــك لربـــك، وأنت يومها السعيد، الفائز، المفلح، والله يرعاني ويرعاك، ويحفظني ويحفظك، واستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد