لذة التعبد عند السلف ( 1 )


بسم الله الرحمن الرحيم

 

فلله در أقوامº شغلهم تحصيل زادهم عن أهليهم وأولادهم، ومال بهم ذكر المآل عن المال في معادهم، وصاحت بهم الدنيا فما أجابوا شغلا بمرادهم، وتوسدوا أحزانهم بدلًا عن وسادهم، واتخذوا الليل مسلكًا لجهادهم واجتهادهم، وحرسوا جوارحهم من النار عن غيهم وفسادهم، فيا طالب الهوى جز بناديهم ونادهم: أَحيَوا فُؤَادِي! ولَكِنَّهم علَى صَيحَة من البين ماتُوا جميعًا، حرمُوا رَاحة النَّوم أَجفَانهم، وَلَفٌّوا علَى الزفرات الضٌّلوعَا، طُول السَّواعد شُمٌّ الأُنوفº فطابُوا أُصُولًا، وطَابُوا فُرُوعا، أَقبلت قلوبهم تراعي حق الحق، فذهلت بذلك عن مناجاة الخلق 0 فالأبدان بين أهل الدنيا تسعى، والقُلوب في رياض الملكوت ترعى، نازلهم الخوف فصاروا والهين، وناجاهم الفكر فعادوا خائفين، وجَنَّ عليهم الليل فباتوا ساهرين، وناداهم منادى الصَّلاح حىّ على الفلاح فقاموا متهجدين، وهبت عليهم ريح الأَسحار فتيقظوا مستغفرين، وقطعوا بند المجاهدة فأصبحوا واصلين، فلمَّا رجعوا وقت الفجر بالأَجر نادى الهجر: يا خيبة النائمين.

 

لله قَومٌ شَرُوا مِن الله أَنفُسَهُم *** فَأَتعَبُوهَا بِذِكرِ اللهِ أَزمَانَا

أَمَّا النَّهَارُ فَقَد وَافَوا صِيامَهُمُ *** وَفِي الظَّلَامِ تَرَاهُم فِيهِ رُهبَانَا

أَبدَانُهُم أَتعَبَت فِي اللهِ أَنفُسَهَم *** وَأَنفُسٌ أَتعَبَت فِي اللهِ أَبدَانَا

ذَابَت لُحُومُهُمُ خَوفَ العَذَابِ غَدًا  *** وَقَطَّعُوا اللَّيلَ تَسبِيحًا وَقُرآنَا

 

فلله در أقوام هجروا لذيذ المنام، وتنصلوا لما نصبوا له الأقدام، وانتصبوا للنصب في الظلام يطلبون نصيبًا من الإنعام، إِذا جنّ الليل سهروا، وإذا جاء النَّهار اعتبروا، وإذا نظروا في عيوبهم استغفروا، وإذا تفكروا في ذنوبهم بكوا وانكسروا.

وإليك بعضًا من صورهم، ونماذج من هديهم، عسى أن نحذو حذوهم، ونتأسى بهديهم.

 

لذةُ التعبد عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

ونبدأ بسيد المرسلين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، الذي ما اكتحلت العيون بمثل رؤيته، ولا شرفت النفوس بمثل صحبته، إِن كَانَ - صلى الله عليه وسلم - لَيَقُومُ لِيُصَلِّيَ حَتَّى تَرِمُ قَدَمَاهُ أَو سَاقَاهُ فَيُقَالُ لَهُ فَيَقُولُ أَفَلَا أَكُونُ عَبدًا شَكُورًا.

وَعَن أَبَي هُرَيرَةَ فِي قَصَصِهِ يَذكُرُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: إِنَّ أَخًا لَكُم لَا يَقُولُ الرَّفَثَ - يَعنِي بِذَاكَ ابنَ رَوَاحَةَ - قَالَ:

وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ يَتلُو كِتَابَهُ *** إِذَا انشَقَّ مَعرُوفٌ من الفَجرِ سَاطِعُ

أَرَانَا الهُدَى بَعدَ العَمَى فَقُلُوبُنَا ***بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ

يَبِيتُ يُجَافِي جَنبَهُ عَن فِرَاشِهِ *** إِذَا استَثقَلَت بِالكَافِرِينَ المَضَاجِعُ

 

بل إن شئت أن تراه قائمًا، أو راكعًا، أو ساجدًا، أو ذاكرًا، في أي ساعة من ليل أو نهار وجدته - صلى الله عليه وسلم - بأمر الله قائمًا، ولعبادة الله ملازمًا، فقد كان عمله - صلى الله عليه وسلم - ديمة.

 

عَن عَلقَمَةَ قَالَ: قُلتُ لِعَائِشَةَ - رضي الله عنها -: هَل كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَختَصٌّ من الأَيَّامِ شَيئًا؟ قَالَت: لَا، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيٌّكُم يُطِيقُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُطِيقُ؟!.

ولذلك نرى الصَّحابة - رضي الله عنهم - ما رأت عيونهم ولا سمعت آذانهم النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - إلا وهو على طاعة.

عَن عَبدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيرِ قَالَ: رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي وَفِي صَدرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الرَّحَى، من البُكَاءِ - صلى الله عليه وسلم -.

وَعَن عَائِشَةَ قَالَت: فَقَدتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيلَةٍ,، فَظَنَنتُ أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى بَعضِ نِسَائِهِ، فَتَحَسَّستُهُ فَإِذَا هُوَ رَاكِعٌ أَو سَاجِدٌ، يَقُولُ: سُبحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمدِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ، فَقَالَت: بِأَبِي أَنتَ وَأُمِّي، إِنِّي لَفِي شَأنٍ, وَإِنَّكَ لَفِي آخَرَ.

وعَن عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا فَاتَتهُ الصَّلاة مِن اللَّيلِº مِن وَجَعٍ, أَو غَيرِهِ، صَلَّى مِن النَّهَارِ ثِنتَي عَشرَةَ رَكعَةً.

وعَن حُذَيفَةَ قَالَ: صَلَّيتُ مَعَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيلَةٍ, فَافتَتَحَ البَقَرَةَ، فَقُلتُ: يَركَعُ عِندَ المِائَةِ، ثُمَّ مَضَى، فَقُلتُ: يُصَلِّي بِهَا فِي رَكعَةٍ, فَمَضَى، فَقُلتُ: يَركَعُ بِهَا ثُمَّ افتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افتَتَحَ آلَ عِمرَانَ فَقَرَأَهَا، يَقرَأُ مُتَرَسِّلًا، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ, فِيهَا تَسبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ, سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوٌّذٍ, تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: سُبحَانَ رَبِّيَ العَظِيمِ، فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحوًا مِن قِيَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ، ثُمَّ قَامَ طَوِيلًا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فَقَالَ: سُبحَانَ رَبِّيَ الأَعلَى، فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِن قِيَامِهِ.

بل نرى عند الشدائد والصعاب وتغير الزمان، يكون هو أقرب الخلق من الرحمن.

فَعَن عَلِي بنِ أَبِي طَالِبٍ, قَالَ: مَا كَانَ فِينَا فَارِسٌ يَومَ بَدرٍ, غَيرَ المِقدَادِ بنِ الأَسوَدِ، وَلَقَد رَأَيتُنَا وَمَا فِينَا قَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -º تَحتَ شَجَرَةٍ, يُصَلِّي وَيَبكِي حَتَّى أَصبَحَ.

وعَن أَبِي الدَّردَاءِ - رضي الله عنه - قَالَ: خَرَجنَا مَعَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَعضِ أَسفَارِهِ فِي يَومٍ, حَارٍّ,، حَتَّى يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ عَلَى رَأسِهِ من شِدَّةِ الحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا مَا كَانَ مِن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَابنِ رَوَاحَةَ.

 

سماعه القرآن:

وكان - صلى الله عليه وسلم - يحب سماع القرآن من غيره.

فَعَن عَبدِ اللَّهِ بنَ مَسعُودٍ, قَالَ: قَالَ: لِي النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - اقرَأ عَلَيَّ، قُلتُ: آقرَأُ عَلَيكَ وَعَلَيكَ أُنزِلَ؟! قَالَ: فَإِنِّي أُحِبٌّ أَن أَسمَعَهُ من غَيرِي، فَقَرَأتُ عَلَيهِ سُورَةَ النِّسَاءِº حَتَّى بَلَغتُ [فَكَيفَ إِذَا جِئنَا من كُلِّ أُمَّةٍ, بِشَهِيدٍ, وَجِئنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا]قَالَ: أَمسِك فَإِذَا عَينَاهُ تَذرِفَانِ.

عَن أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِأَبِي مُوسَى: لَو رَأَيتَنِي وَأَنَا أَستَمِعُ لِقِرَاءَتِكَ البَارِحَةَº لَقَد أُوتِيتَ مِزمَارًا من مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ.

 

لذة التعبد عند الصحابة رضي الله عنهم:

فمهما سطَّر البنان، وتكلم العلماء بكلِّ لسانº فإن سير هؤلاء يعجز عن وصفها إنسان.

فهم أولى بالحديث من قول العباس بن الأحنف عن محبوبته:

وَحَدَّثتَنِي يَا سَعدُ عَنهًا فَزِدتَنِي جُنُونًا فَزِدنِي مِن حَدِيثِكَ يَا سَعدُ

فهم مصابيح الدٌّجى، وينابيع الرشد والحجى، خصوا بخفي الاختصاص، ونقوا من التصنع بالإخلاص، وهم الواصلون بالحبل، والباذلون للفضل، والحاكمون بالعدل، هم المبادرون إلى الحقوق من غير تسويف، والموفون للطَّاعات من غير تطفيف.

هُم الرِّجَالُ وَعَيبٌ أَن يُقَالَ لِمَن  *** لَم يَتَّصِف بِمَعَانِيَ وَصفِهم رَجُلُ

 

أبو بكر الصديق:

السّابق إلى التَّصديق، الملقب بالعتيق المؤيد من الله بالتوفيق، {ثَانِيَ اثنَينِ إِذ هُمَا فِي الغَارِ} [سورة التوبة: 40]

كان رقيق القلب غزير الدَّمع، عَن عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَت: لَمَّا مَرِضَ النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، أَتَاهُ بِلَالٌ يُوذِنُهُ بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكرٍ, فَليُصَلِّ، قُلتُ: إِنَّ أَبَا بَكرٍ, رَجُلٌ أَسِيفٌ إِن يَقُم مَقَامَكَ يَبكِي، فَلَا يَقدِرُ عَلَى القِرَاءَةِ.

وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: مَن أَنفَقَ زَوجَينِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ مِن أَبوَابِ الجَنَّةِ: يَا عَبدَ اللَّهِ هَذَا خَيرٌ، فَمَن كَانَ مِن أَهلِ الصَّلاة دُعِيَ مِن بَابِ الصَّلاة، وَمَن كَانَ مِن أَهلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِن بَابِ الجِهَادِ، وَمَن كَانَ مِن أَهلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِن بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَن كَانَ مِن أَهلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِن بَابِ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ أَبُو بَكرٍ, - رضي الله عنه -: بِأَبِي أَنتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَن دُعِيَ من تِلكَ الأَبوَابِ مِن ضَرُورَةٍ,، فَهَل يُدعَى أَحَدٌ مِن تِلكَ الأَبوَابِ كُلِّهَا؟ قَالَ: نَعَم وَأَرجُو أَن تَكُونَ مِنهُم.

كان صِدِّيقًا ما اهتز إيمانه ولا تزعزع وجدانه، عَن عَائِشَةَ - رضي الله عنها - زَوجِ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَاتَ وَأَبُو بَكرٍ, بِالسٌّنحِ - يَعنِي بِالعَالِيَةِ - فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ: وَاللَّهِ، مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَت: وَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفسِي إِلَّا ذَاكَ، وَلَيَبعَثَنَّهُ اللَّهُ فَلَيَقطَعَنَّ أَيدِيَ رِجَالٍ, وَأَرجُلَهُم، فَجَاءَ أَبُو بَكرٍ, فَكَشَفَ عَن رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَبَّلَهُ، قَالَ: بِأَبِي أَنتَ وَأُمِّي، طِبتَ حَيًّا وَمَيِّتًا، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يُذِيقُكَ اللَّهُ المَوتَتَينِ أَبَدًا. ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ: أَيٌّهَا الحَالِفُ عَلَى رِسلِكَ! فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكرٍ, جَلَسَ عُمَرُ، فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكرٍ, وَأَثنَى عَلَيهِ، وَقَالَ: أَلَا مَن كَانَ يَعبُدُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَد مَاتَ، وَمَن كَانَ يَعبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيُّ لَا يَمُوتُ، وَقَالَ [إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَيِّتُونَ] وَقَالَ [وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَد خَلَت من قَبلِهِ الرٌّسُلُ أَفَإِن مَاتَ أَو قُتِلَ انقَلَبتُم عَلَى أَعقَابِكُم وَمَن يَنقَلِب عَلَى عَقِبَيهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيئًا وَسَيَجزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ] قَالَ فَنَشَجَ النَّاس يَبكُونَ.

 

عمر بن الخطاب:

الفاروق، ذو المقام الثابت المأنوق، أعلن الله به دعوة الصّادق المصدوق، فجمع الله له بما منحه من الصَّولةº ما نشأت لهم به الدَّولة، كان معارضًا للمبطلين، موافقًا في الأحكام لرب العالمين، كان فارقًا بين الحق والباطل.

فَفِي حَدِيثِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ, - رضي الله عنهما - لَمَّا قَالَ أَبُو سُفيَانَ: أَفِي القَومِ مُحَمَّدٌ؟ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ, - فَنَهَاهُم النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم - أَن يُجِيبُوهُ، ثُمَّ قَالَ: أَفِي القَومِ ابنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ -ثَلَاثَ مَرَّاتٍ, - ثُمَّ قَالَ: أَفِي القَومِ ابنُ الخَطَّابِ؟ -ثَلَاثَ مَرَّاتٍ, -ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصحَابِهِ فَقَالَ: أَمَّا هَؤُلَاءِ فَقَد قُتِلُوا، فَمَا مَلَكَ عُمَرُ نَفسَهُ فَقَالَ: كَذَبتَ وَاللَّهِ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، إِنَّ الَّذين عَدَدتَ لَأَحيَاءٌ كُلٌّهُم، وَقَد بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوءُكَ.

ورغم شدته على الكفّار كان على إخوانه رقيق القلب سريع الدَّمع.

عَن أَبِي الدَّردَاءِ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنتُ جَالِسًا عِندَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذ أَقبَلَ أَبُو بَكرٍ, آخِذًا بِطَرَفِ ثَوبِهِº حَتَّى أَبدَى عَن رُكبَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم -: أَمَّا صَاحِبُكُم فَقَد غَامَرَ، فَسَلَّمَ، وَقَالَ: إِنِّي كَانَ بَينِي وَبَينَ ابنِ الخَطَّابِ شَيءٌ، فَأَسرَعتُ إِلَيهِ ثُمَّ نَدِمتُ، فَسَأَلتُهُ أَن يَغفِرَ لِي فَأَبَى عَلَيَّ، فَأَقبَلتُ إِلَيكَ فَقَالَ: يَغفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكرٍ, - ثَلَاثًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ، فَأَتَى مَنزِلَ أَبِي بَكرٍ, فَسَأَلَ: أَثَّمَ أَبُو بَكرٍ,؟ فَقَالُوا: لَا، فَأَتَى إِلَى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمَ، فَجَعَلَ وَجهُ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَمَعَّرُ، حَتَّى أَشفَقَ أَبُو بَكرٍ,، فَجَثَا عَلَى رُكبَتَيهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَاللَّهِ أَنَا كُنتُ أَظلَمَ - مَرَّتَينِ، فَقَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيكُم، فَقُلتُم: كَذَبتَ، وَقَالَ أَبُو بَكرٍ,: صَدَقَ وَوَاسَانِي بِنَفسِهِ وَمَالِهِ، فَهَل أَنتُم تَارِكُو لِي صَاحِبِي مَرَّتَينِ فَمَا أُوذِيَ بَعدَهَا.

وَعَن عَلقَمَةَ بنِ وَقّاصٍ, قَالَ: كَانَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ - رضي الله عنه - يَقرَأُ فِي العَتَمَةِ بسُورَةِ يُوسُف، وأنا في مُؤَخِّرِ الصٌّفُوفِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ ذِكرُ يُوسُفº سَمِعتُ نَشِيجَهُ فِي مُؤَخِّرِ الصَّفِّ.

عَن عَبدِ اللَّهِ بنِ حَنطَبٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى أَبَا بَكرٍ, وَعُمَرَ فَقَالَ: هَذَانِ السَّمعُ وَالبَصَرُ.

 

عثمان - رضي الله عنه -:

القانت الحيي ذو الهجرتين، الكريم الجواد ذو النورين، كان حظٌّه من النَّهار الج

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply