بسم الله الرحمن الرحيم
من الأمور المهمة التي تعين الشباب، وخاصة وقت المحن والشدائد ارتيادهم للمساجد لصلاة الجماعةº حيث يجدون الراحة والطمأنينة، ويرون إخوانهم المصلين، فيتنافسون معهم في التقرب إلى الله رب العالمين، إلا أنه يُلاحظ على كثير من الشباب التهاون في هذا العمل العظيم، والزهد في الخير الكثير، مما يتطلب التذكير به، والحث عليه.
فصلاة الجماعة شأنها عظيم، ومكانتها عالية، وقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الكرام يحافظون عليها، ويعتنون بها، ولم يكن شيء يشغلهم عنها، وكان من بين الصحابة الكرام شباب تعمق الإيمان في قلوبهم، وتمكن حب المسجد منهم، فهم لا يكادون يفارقونه لحوائجهم حتى يعودوا إليه، بل منهم من انقطع للعبادة فيه.
ونحن اليوم نجد شبابنا ابتعدوا عما كان عليه أولئك الشباب - رضي الله عنهم -، وتركوا صلاة الجماعة، يسمعون الأذان فلا يجيبون، ويرون المساجد أمامهم فلا يقبلون عليها، لماذا كل هذا الإعراض؟
أين أنتم يا شباب من ذلك الموقف الرهيب الذي يهز الأبدان ويحرك المشاعرº حيث قول الله - تعالى -: {يَومَ يُكشَفُ عَن سَاقٍ, وَيُدعَونَ إِلَى السٌّجُودِ فَلا يَستَطِيعُونَ، خَاشِعَةً أَبصَارُهُم تَرهَقُهُم ذِلَّةٌ وَقَد كَانُوا يُدعَونَ إِلَى السٌّجُودِ وَهُم سَالِمُونَ} (القلم: 42، 43)، قال سعيد بن المسيبِ - رحمه الله -: \"كانوا يسمعون (حي على الصلاة حي على الفلاح) فلا يجيبون وهم أصحاء سالمون\". وقال كعب الأحبار: \"والله ما نزلت هذه الآية إلا في الذين تخلفوا عن الجماعة \".
فأي وعيد أشد وأبلغ من هذا لمن ترك صلاة الجماعة مع القدرة على إتيانها.
وأين أنتم يا شباب من أمره - سبحانه وتعالى -º حيث قال: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاركَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (البقرة: 43). فصلاة الجماعة واجبة على رأي بعض أهل العلم، يأثم تاركها، والله أمر بها في حال الحرب، فتكون في حالة السلم أولى.
أين أنتم يا شباب من هدي نبيكم - صلى الله عليه وسلم - ووعيده للمتخلفين حين قال: (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار) [متفق عليه]. ولا يتوعد بحرق بيوتهم بالنار إلا على ترك واجب.
ألم تسمعوا بموقف ذلك الصحابي الأعمى الذي أراد العذر من الرسول فلم يأذن له ما دام أنه يسمع النداء للصلاة، هذا وأنتم إخوتي الكرام أصحاء معافون تتقلبون في نعم الله، ألا تشكرون المنعم، ألا تخافون أن تسلب منكم، فتندمون حيث لا ينفع الندم.
أين أنتم يا شباب من قول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - كما في صحيح مسلم: (من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هذه الصلوات حيث ينادي بهن فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد، إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف).
وقول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: ((لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد)) قيل: ومن جار المسجد؟..قال ((من سمع الأذان)).[رواه أحمد في مسنده، والبيهقي في سننه].
وقول أبي هريرة - رضي الله عنه -: ((لأن تمتلئ أذن ابن آدم رصاصا مذابا خير له من أن يسمع النداء و لا يجيب)).
أين أنتم يا شباب من كسب تلك الفوائد العظيمة لصلاة الجماعة، التي منها:
1- كسب الحسنات وتكفير السيئات.
2ـ التعارف والتآلف والترابط بين المسلمينº ليكونوا كالجسد الواحد، وكالبنيان يشد بعضه بعضا.
2ـ تعليم الجاهل.. وتذكير الغافل، فالجاهل يرى العالم فيقتدي به، والغافل يسمع الموعظة فينتفع بها..
4ـ الخشوع والتدبر الذي يشعر به المصلي في جماعة، ومن ثم الانتفاع بالصلاة.
5ـ إغاظة أعداء الله وإرهابهم وعلى رأسهم إبليس ـ لعنه الله ـ وجنوده من شياطين الإنس والجن، الذين يؤرقهم أن يعود المسلمون إلى المساجد وخاصة الشباب.
6ـ النشاط والحركة ورياضة البدن بكثرة المشي ذهابا وإيابا ولاسيما إن كان المسجد بعيدا، بخلاف الصلاة في البيت وما يصاحبها في الغالب من الكسل والخمول.. وهذا مجرب.
تلك الفوائد وغيرها كثير يعرفها ويدركها من لازم المسجد، وحافظ على صلاة الجماعة، فهيا يا شباب الأمة، أدركوا أنفسكم قبل فوات الفرص، واعملوا لدار أنتم مقبلون عليها، ولا تغتروا بكثرة المضيعين، اللاهين اللاعبين، واصحبوا الطائعين العابدين، المصلين المحافظين، واغتنموا فترة شبابكم، قبل أن يهجم الشيب ويعتريكم العجز، أو يباغتكم ملك الموت، وعندئذ لا ينفع الندم، والحمد لله رب العالمين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد