بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي شرع لنا الطاعات لتزكية النفوس وتطهيرها، والصلاة والسلام على معلم الناس الخير، الذي كان أسرع الناس إلى الخير، وأسبقهم إلى البر والإحسان. وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعدº
فمما لا شك فيه أن هناك العديد من المواقف التي تمر بنا في حياتنا اليومية دون أن نلقي لها بالاً، أو نعيرها اهتماماً. في حين أنها تحتاج منا إلى وقفاتٍ, طويلة لتدبر معانيها، واستلهام عبرها. ولعل من أبرز المناظر المألوفة في مجتمعنا أن يرى أحدنا فقيراً أو مسكيناً أو محتاجاً، فيمد يده له ببعض المال ولو كان قليلاً مبتغياً بذلك وجه الله - سبحانه وتعالى -، وطامعاً في الأجر والثواب ثم يولي مدبراً في حين ينطلق لسان ذلك المسكين بالدعاء الذي لا يملك سواهº في محاولة منه لرد الجميل والاعتراف بالفضل.
هنا لابد من وقفة متأنية لنرى مَن مِن الاثنين أكثر ربحاً وأعظم فائدة؟!
أهو الفقير الذي قبض شيئاً يسيراً من المال وأصبح في حوزته؟ أم المتصدق الذي جادت نفسه ببعض ما يملك فربح تلك الدعوات التي ربما خرجت من قلبٍ, صادقٍ, وفؤادٍ, مكلوم، مرتفعةً إلى الله - سبحانه - ليجيبها ولو بعد حين؟!
لاشك أن الرابح الحقيقي هو ذلك المتصدق الذي بذل شيئاً قليلاً من ماله مبتغياً بذلك وجه الله - سبحانه -، وطامعاً في مرضاتهº لأنه إنما يفعل ذلك وهو يؤمن تماماً أن ما تصدق به سيعود عليه بالخير الكثير والنفع العميم في الدنيا والآخرة، قال - تعالى -: {وَمَا أَنفَقتُم مِن شَيءٍ, فَهُوَ يُخلِفُهُ وَهُوَ خَيرُ الرَّازِقِينَ} (سورة سـبأ: من الآية 39).
وقال - تعالى -: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَموَالَهُم بِاللَّيلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً فَلَهُم أَجرُهُم عِندَ رَبِّهِم وَلا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنُونَ} (سورة البقرة: 274).
وإذا كان قد ورد في الحديث عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قوله: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \" إن الصدقة لتطفىءُ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء \" (رواه الترمذي، الحديث رقم 664، ص 167)º فما ذلك إلا لأن هذه الصدقة تُعد من صنائع المعروف التي تُقابل في العادة بالدعاء السري أو العلني الذي ربما يدعو به من العباد من لو أقسم على الله لأبره واستجاب له ليرد عن المتصدق من البلايا ما قد يخسر لأجله أضعاف ما تصدق به.
فيا إخوة الإسلام، أين نحن من هذا الخير العميم، والفضل العظيم الذي يعطيه الله - سبحانه - لكل متصدقٍ, يبتغي بصدقته ما عند الله - سبحانه -. وفق الله الجميع لمرضاته، ويسر لهم سُبل البذل والعطاء في سبيل الله، والحمد لله رب العالمين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد