آآه .. ليتني أحسن من سيرتي .. وأخبر عشيرتي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب.. لا إله إلا هو إليه المصير سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على حلمك بعد علمك ولك الحمد على عفوك بعد قدرتك.

 

الصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..

أما بعد.. إخوتي في الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

 

\" وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ بِالحَقِّ وَلِتُجزَى كُلٌّ نَفسٍ, بِمَا كَسَبَت وَهُم لَا يُظلَمُونَ (22)\" الجاثية

 

إني لا أملك أن أستغفر لنفسي.. لا أملك وقتا حتى أقوم بالعبادة.. لا أملك مالا حتى أتصدق.. عجز لساني وتجمدت أطرافي، يملكني الخوف والظلام يحوم حولي..

أرى أمامي أكفان وأغبار وأهوال مذعرة، أسمع صراخا وبكاء.. وقول:

يا ليتني أعود يوماً.. أمهلني إلهــــــي يوماً.. لعلني أصلح نفسي ومن حولي..

فهم يجهلون حقيقة ما رأيت، مساكين... يلهون في مملكتهم، لا يتعبدون.. يرقصون ويمرحون،، ويشربون الخمر ويزنون!

دعني إلهي.. أخبرهم بحقيقة ما رأيت، فهم يرون الدنيا طويلة وشيقة، شغلتهم فتن الحياة، وبرامج التلفاز، يتسابقون للشهرة بالملابس الخليعة، وتبادل القبلات، ولا يدرون أنه قد ينتظرهم ملك الموت، يقبض أرواحهم ويأتي بهم إلينا..

يا ويل آبائهم.. وأمهاتهم، أين هم عن أبنائهم!

الأب مهموم بعمله ورزقته، والأم مشغولة في مملكتهم، وابنتهم تزوجها شاب بزواج عرفي، وابنهم سارح في عالم المخدرات!

 

إني لا أملك أن أستغفر لنفسي، فكيف لي بذنوب غيري!

 

فمن أجل جمع الأموال،

أهملت أولادي وقسوت على نفسي، وقطعت أرحامي.. ونسيت أصدقائي وقسوت عليهم... ونزعت صفاتي.. المسامحة والعفو والمحبة والكرم والحلم.. وقصرت في حق زوجتي.. وفي حق أهلي...

 

إن في المال، مزرعة تنتج الأجر والمثوبة إلى الأبد.. بالزكاة والصدقة.. وفعل الخير،، لا بزرع الحقد وصفات ذميمة في نفوسنا!

إن في المال،، زكاة فأخرجوها!

يا ليتني أعود يوماً.. فكنت أعلم هذا، لكني لم أفعل! ما أسود قلبي.. وأفعالي!

 

{وَمَا أُبَرِّىءُ نَفسِي إِنَّ النَّفسَ لأَمَّارَةٌ بِالسٌّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (53) يوسف.

 

ملابسي كانت من النوع الفاخر، ألبس أجود أنواع الثياب، وأتعطر بأغلى أنواع العطور،، وها أنا هنا، يغطيني التراب، والدود يأكلني! وأشم الروائح النتنة!

 

آآه يا ليتني أعود للدنيا، لأحسن من سيرتي.. وأخبر عشيرتي!

 

{وَجَاءت سَكرَةُ المَوتِ بِالحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنهُ تَحِيدُ} (19) ق

 

إخوة الإسلام..

إن تتذكر حالة الموتي، فهذا نوع من التذكر المحمود، لموت موعود..

 

أخي / أختي المسلمة، كيف لك لا تدعوني إلى الصلاة في المساجد، وأنت تراني لا أذهب وتعلم لا أصلي،، لماذا لا تحذرني من الصحبة السوء لأولادي.. فتركتهم وكان مصيرهم الضياع في دنياهم، والخسارة في آخرتهم..

ألم تسمع بقول الله - تعالى -:

{التَّائِبُونَ العَابِدُونَ الحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالمَعرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ المُنكَرِ وَالحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ المُؤمِنِينَ} (112)التوبة

 

{الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُم فِي الأَرضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعرُوفِ وَنَهَوا عَنِ المُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} (41)الحج

 

هل أمرتني بالمعروف، ونهيت ما أقوم به من منكرات!

كان حقي عليكِ أكثر من حقوق سائر الناس عليك..

فلو علمت.. أن احتفاظك بنفسك بالصلاح، لا ينجيك يوم الدين لما أهملتني!

ومبادرتك لي بالنصيحة.. لنفعتك يومها!

 

آآه على ظلماتي ما أشدها،، فحفرة القبر موحشة!!

لم أكن أدري.. أن لا أنيس إلا العمل الصالح!!

 

ما بال قومِ يدعون المتورعين عن المنافسة المحرمة نسميهم دراويش لا طموح لهم، ولا يعرفون قيمة النجاح، ولا يتذوقون طمع السباق مع الآخرين..

ولكننا علمنا ولا نفع الآن، أن طريقتهم هي طريق النجاة.. من ظلمات القبر

كانوا يقيمون الليل، ونحن نيام.. يدعون الله - تعالى - بالثبات، بينما نسينا الله..

كان الرسول - عليه الصلاة والسلام - قدوتهم في كل عمل، فيطبقون سننه..

بينما جعلنا المطربين والممثلين هم قدوتنا.. التهينا بالدنيا ويا ويلنا مما نراه الآن!!

 

{وَبَدَا لَهُم سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَستَهزِؤُون} (33)الجاثية

 

المنافسة الحقيقية هي في قلب سليم وعمل صالح،،

 

ما بال قوم يستهزئون بدعاة الإسلام، والمسلمات الصالحات!!

 

{وَبَدَا لَهُم سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَستَهزِؤُون} (33)الجاثية

 

فيلقبونها بذات الخمار الأسود القاتم، لا تعرف الذوق باللبس، ولا المجاملة كيف تكون!! جعلوا حجتهم.. أن الله جميل يحب الجمال، وأنه لابد أن نظهر جمالنا ما دام الله قد رزقنا تلك النعمة!!

ما بال قوم، يدافعون عن المشاهير من الفنانين.. ولكن، ما إن أخطئ عالم، لا يرحموه من الكلام..

 

ما بال قومِ.. يكرمون أسيادهم من الكفار، ولكنهم.. يسجنون العلماء والشيوخ!!! لأنهم يقولون قول حق، ويدعون المسلمين للجهاد!

 

(كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)

 

حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وأحسنوا من سيرتكم فهي راحة البدن..

 

يا ليتني أعود وأخبركم عما رأت عيناي!!

 

{إِنَّا كَذَلِكَ نَجزِي المُحسِنِينَ (80)إِنَّهُ مِن عِبَادِنَا المُؤمِنِينَ (81)ثُمَّ أَغرَقنَا الآخَرِينَ (82)وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبرَاهِيمَ (83)إِذ جَاء رَبَّهُ بِقَلبٍ, سَلِيمٍ, (84)} الصافات.

 

لو كان عندي القليل من التقوى، والقليل من معرفة حال الدنيا وحال الآخرة،، لرأيت أن في النصح للناس أعظم الأجر والمثوبة..

فلم ينفعني مما جمعته من مال،، ولم ينفعني المركز الذي كنت أصارع إليه في دنياي.. فكم كنت مغرور في دنياي، حاقد لساني يذكر عورات غيري.. لم أكن أبالي!

 

آه ما أنتن اللحم الذي أكلته، بينما غيري قدم إليهم أطباق شهية..

 

افتريت على اليتامي.. من عائلتي، فأكلت أموالهم، وها أنا أغرق في بحر من دماء..

 

آه لو أعود، حتى أصلح نفسي لعلني أنجو مما أنا فيه!

 

أدركت معنى قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:

ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه كنت أرى ذلك كله، ولكن الشيطان زين لي حياتي، بفتن الحياة..

فكانت غشاوة على عياني، أبعدتني عن الحقيقة والحق!

{أَفَرَأَيتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلمٍ, وَخَتَمَ عَلَى سَمعِهِ وَقَلبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهدِيهِ مِن بَعدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23)} الجاثية.

 

اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته لا مريضا إلا شفيته..

اللهم تب على التائبين.. واقبلهم عندك برحمتك يا أرحم الراحمين..

اللهم ارحمنا برحمتك...

يا ربي إن عظمت ذنوبي كثيرة فلقد علمت أن عفوك أعظم..

إن كان لا يرجوك إلى محسن.. فبمن يلوذ ويستجير المجرم..

ربي دعوتك ما أمرت تدرعا، فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم..!

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply