بسم الله الرحمن الرحيم
الموت وسكرته وآلامه وكربته! لحظة عاصفة ومرحلة خاطفة، لا بُدَّ لكلِّ عبدٍ, منها، فالموت بوابة الولوج إلى عالم الآخرة، فهو برزخ بين حياتين، ومعبر بين مرحلتين، لأنه نهاية العاجلة، وبداية الآجلة، وكم بين الحياتين من دواهٍ, مجلجلة! وهو باب لا بُدَّ من دخوله، وكأس لا مناص من تجرعه، وكساء لا محيص من ارتدائه..فهو مرحلة خطيرة ومثيرة وعسيرة تمرٌّ بالعبد كالخروج من قمقم الزجاجة الضيق! لذلك فلا بُدَّ من الآلام الرهيبة والأوجاع القاسية والكربات المريرة التي تمرٌّ بالمؤمن فتمحِّص من ذنوبه، وتزيد من حسناته، وترفع في درجاته، وتمرٌّ بالكافر والفاجر، فتزيد من لوعاته، وتُضاعف من حسراته، وتكاثر من كرباته ونكباته. وقد ورد أن ألم الموت أشنع من ألف ضربة بالسيف، وأفظع من قرضٍ, بالمقاريض، ونشر بالمناشير، وغليٍ, في القدور... ومع شدَّة ألمه على العبد وعظيم معاناته منه إلاَّ أنه لا يستطيع أن يُعبِّر عن كربته منه، فهو فوق الألم، وأعظم من الوجع، وأشد من الضيق... وإذا أردت أن تصف ما ألمَّ بك من وجع مفجع، قلت: كأنه الموت! وأنت لم تذقه، فكيف بك عند معاناته ومقارعته على شدَّة ضعفك وشدَّة قوته؟! فلطفك يا لطيف! ولعلم الله - تعالى - به سمَّاه بالمصيبة! فقال - تعالى -: [فأصابتكم مصيبة الموت] ولمعرفة الأنبياء - عليهم السلام - به وقع لهم معه العجائب والغرائب... وتأمل: فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \" لما خلق الله آدم مسح على ظهره، فسقط كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصاً من نور، ثم عرضهم على آدم، فقال: أي ربِّ! من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك، فرأى رجلا منهم، فأعجبه وبيصُ ما بين عينيه، فقال: أي ربِّ ž! من هذا؟ قال: هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داود. قال: ربَّ! كم عمره؟ قال: ستون سنة. قال: أي رب!، زده من عمري أربعون سنة. فلما انقضى عمر آدم، جاء ملك الموت، قال: أولم يبق من عمري أربعون سنة؟ قال: أولم تعطها ابنك داود؟ قال: فجحد فجحدت ذريته، ونسي آدم فنسيت ذريته، وخطىء آدم، فخطئت ذريته \" فمن ذا يريد الموت؟! وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \" أُرسلَ ملكُ الموتِ إلى موسى - عليه السلام -، فلمَّا جاءه صكَّهُ، ففقأَ عينَهُ. فرجع إلى ربِّه، فقال: أرسلتني إلى عبدٍ, لا يريدُ الموتَ. قال: فردَّ اللهُ إليه عينَهُ، وقال: ارجع إليه، فقل لهُ: يضعُ يدَهُ على متن ثورٍ,، فلهُ بما غطَّت يدُهُ بكلِّ شعرةٍ, سنةٌ. قال: أي ربِّ ثُمَّ مَه؟ قال: ثم الموتُ. قال: فالآنَ.. \" وللوقوف على ألم الموت وشدَّته لا بُدَّ لنا من ميِّتٍ, ذاق غصصه، وتجرع هوله، وكرع من كأسه، وشرق به ليصفه لنا، فليس من ذاق كمن سمع! فهل لنا بمثل هذا؟! لقد بحثت عنه فلم أجده إلا في حديث عجيب غريب، أبعث به إليك على أمل أن يُحيي الله به قلبي وقلبك، والله ربِّي وربك! فعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \" حدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرجº فإنه كانت فيهم الأعاجيبُ \" ثم انشأ يحدِث، قال: \" خرجت طائفةٌ من بني إسرائيلَ حتى أتوا مقبرةً لهم من مقابرهم، فقالوا: لو صلينا ركعتين، ودعَونا الله - عز وجل - أن يُخرج لنا رجلاً ممن قد مات نسأله عن الموت، قال: ففعلوا. فبينما هم كذلك إذ طلع رجلٌ رأسَه من قبر من تلك المقابرº خِلاسيّ، بين عينيه أثر السجود، فقال: يا هؤلاء ما أردتم إليَّ؟ فقد متٌّ منذ مائةِ سنةٍ,، فما سكنت عني حرارة الموتِ حتى كانَ الآن، فادعوا الله - عز وجل - لي يُعيدني كما كنت \" فهل تأملت؟ مائة سنة وما زال يعاني من شدَّة الموت وحرارته، فرحماك اللهم بنا، رحماك اللهم بنا، رحماك اللهم بنا!!! سؤال أخيرٌ وخطير: هل أنت مستعدٌ للقاء ملك الموت؟!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد