هاجس الموت


بسم الله الرحمن الرحيم

 

أخي: استشعر أنك صاحب هذه الرؤيا..........

لو أن إنسانا في كامل عافيته رأى في المنام رؤيا.... جاءه هاتف فقال له: ما بقي من عمرك في الدنيا إلا شهٌرا واحدا، فلا شك أنه يصبح مهموماً مغموماً.

فإذا جاء ت الليلة الثانية وجاءه نفس الهاتف يقول له: أعد العدة فبعد (29) يوما ً ستموت، هنا سيتضاعف الهم أضعافا ًمضاعفة.

ولما جاءت الليلة الثالثة ورأى نفس الرؤيا فهنا يتأكد الأمر لديه فلا يقر له قرار ولا يهنأ بعيش بل ينتظر الليلة الرابعة هل ستأتي الرؤيا أم لا؟

وهنا تجده يخاف أن ينام.... لقد كان في الليالي السابقة ينام أما في الليلة الرابعة لا يستطيع النوم، فيظل يقظاً مرعوباً ولكن بعد الأرق والتعب أخذته سنة النوم في آخر الليل فنام... فإذا بالهاتف والرؤيا تأتيه للمرة الرابعة فبدأ الأمر يتأكد لديه بشكل قاطع.

فيبدأ يعد العدة، يفر إلى بيوت الله، ويختم القرآن، ويتصدق، ويتسامح، ويتوب من الكبائر والصغائر، ويراجع أعماله كلها.

فإذا مر النصف الأول من الشهر رأيت ملامحه تغيرت فترى فيه الشحوب والوجوم، وإذا مر الثلثان من الشهر هنا يبدأ بالبكاء كلما نظر إلى وجه حبيب وقريب.

ثم يزيد في العبادات والطاعات ولا يدري من أين يبدأ؟ أيعتمر أولاً، أم يحج؟ أم أنه يقوم الليل أم يكثر من تلاوة القرآن......

وتبدأ العبادات تزدحم أمامه لا يدري أيها أفضل، فهو يريد أن يبدأ بالأفضل لأنه لم يبقَ من العمر إلا القليل.

فإذا جاءت ليلة التاسع والعشرين تختلط عنده الأمور وتختلط الأفكار وتختلط الألوان ويصبح لا يعي شيئاً، ولا يشتهي شيئاً، بل ينتظر ملك الموت، حتى لو لدغته نملة لظنها ملك الموت.

هذا الشعور ينتاب من رأى رؤيا تكررت، وقد تكون من الشيطان.

أليس كل واحد منا تأتيه هذه الرؤيا في الواقع والحياة أكثر مما تأتيه في المنام؟

أليس الله هو القائل - سبحانه وتعالى-: (وما جعلنا لبشرٍ, من قبلك الخلد أفان مت فهم الخالدون) سورة الأنبياء (34).

وقال - تعالى - (كل نفس ذائقة الموت) سورة الأنبياء (35)

وقال - تعالى - (قل إن الموت الذي تفرون منه فانه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون) سورة الجمعة (8)

فلماذا لا نعيشُ ذلك الشعور الذي عاشه ذلك الرجل صاحب الرؤيا؟

أم أن الرؤيا أصدق آيات الله البينات؟ أما الرسول - عليه الصلاة والسلام -، فكان يعيش بذلك الشعور فهو القائل: (ما أنا والدنيا إلا كمسافر أستظل تحت شجرةٍ, ثم أتركها وأرتحل)وكان الرسول - عليه الصلاة والسلام - لا يُرى إلا متفكراً متدبراً مهموماً ويقول (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً).

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply