قيام الليل


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين..

أخوتاه، كما قال - تعالى - في كتابه العزيز﴿ إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا﴾º وكما قال المصطفى الهادي - صلى الله عليه وسلم - شرف المؤمن في قيام الليل، ونجد من حولنا يشكون من عدم المقدرة على قيام الليل. ولهذا أردنا أن نستعرض معا بعض الأسباب التي تعين على قيام الليل، نسأل الله أن ينفعنا بها ويعين بها على طاعته:

 

• الإخلاص لله - تعالى -: كما أمر الله - تعالى - بإخلاص العمل له دون ما سواه: ﴿ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ﴾، فكلما قوي إخلاص العبد كان أكثر توفيقاً إلى الطاعات والقربات، وفي حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: بشر هذه الأمة بالسناء والدين والرفعة والنصر والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب رواه أحمد صحيح الجامع 2825.

 

قال مطرف بن عبد الله بن الشخير: صلاح العمل بصلاح القلب، وصلاح القلب بصلاح النية. قال ابن القيم - رحمه الله -: وعلى قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته يكون توفيقه - سبحانه - وإعانته، فالمعونة من الله تنزل على العباد على قدر هممهم ونياتهم ورغبتهم ورهبتهم، والخذلان ينزل عليهم على حسب ذلك. ولذا حرص السلف الكرام أشد الحرص على إخفاء الطاعات كقيام الليلº سأل رجل تميم بن أوس الداري - رضي الله عنه - فقال له: كيف صلاتك بالليل؟ فغضب غضباً شديداً ثم قال: والله لركعة أصليها في جوف الليل في السر أحب إلي من أن أصلي الليل كله، ثم أقصه على الناس. وكان أيوب السختياني يقوم الليل كله، فإذا قرب الفجر رجع فاضطجع في فراشه، فإذا طلع الصبح رفع صوته كأنه قد قام تلك الساعة.

 

• أن يستشعر مريد قيام الليل أن الله - تعالى - يدعوه للقيام: فإذا استشعر العبد أن مولاه يدعوه لذلك وهو الغني عن طاعة الناس جميعاً كان ذلك أدعى للاستجابة، قال - تعالى -: {يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً}، قال سعد بن هشام بن عامر لعائشة - رضي الله عنها -: أنبئيني عن قيام رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فقالت: ألست تقرأ {يا أيها المزمل} قلت: بلى، فقالت: إن الله - عز وجل - افترض قيام الليل في أول هذه السورة فقام النبي- صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حولاً، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهراً في السماء حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف، فصار قيام الليل تطوعاً بعد فريضة. رواه مسلم.

 

• معرفة فضل قيام الليل: فمن عرف فضل هذه العبادة حرص على مناجاة الله - تعالى -، والوقوف بين يديه في ذلك الوقت، ومما جاء في فضل هذه العبادة ما ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم رواه مسلم.

 

وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويصوم يوماً ويفطر يوماً متفق عليه.

 

 وعن عمرو بن عبسة أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن رواه الترمذي والنسائي.

 

وفي حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: عجب ربنا من رجلين: رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين أهله وحبه إلى صلاته فيقول الله - جل وعلا -: أيا ملائكتي انظروا إلى عبدي ثار من فراشه ووطائه من بين حبه وأهله إلى صلاته رغبة فيما عندي، وشفقة مما عندي رواه أحمد وهو حسن، صحيح الترغيب 258. وقيام الليل يطرد الغفلة عن القلب كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين رواه أبو داود وابن حبان وهو حسن، صحيح الترغيب 635. قال يحى بن معاذ: دواء القلب خمسة أشياء: قراءة القرآن بالتفكر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرع عند السحر، ومجالسة الصالحين.

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply