بسم الله الرحمن الرحيم
1 - التمسك بهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -:
فالخير كل الخير في الاتباع، والشر كل الشر في الابتداع، واقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وحرىٌّ بمن اقتفى آثار النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصل إلى مرضاة الله حيث لا طريق إليه - سبحانه - إلا بهدي وسنة الحبيب - صلى الله عليه وسلم - ، ولما جاء ثلاثة رجال يسألون عن عبادة النبي - صلى الله عليه وسلم - فكأنهم تقالوها فقال أحدهم: أما أنا فأقوم ولا أقعد، وقال الآخر: أصوم ولا أفطر، وقال الثالث: لا أتزوج النساء، فلما عرف النبي - صلى الله عليه وسلم - مقالتهم قال: (أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلى وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتى فليس منى) [رواه البخاري].
2 - قلة الطعام والنوم:
والقاعدة في ذلك أن لا يأكل الإنسان كثيراً حتى لا يشرب كثيراً فيجر ذلك عليه النوم الطويل. كان بعضهم يقول: يا معشر المريدين لا تأكلوا كثيراً فتشربوا كثيراً فترقدوا كثيراً فتخسروا عند الموت كثيراً وقال الفضيل بن عياض: ثنتان تقسيان القلب: كثرة الكلام وكثرة الأكل.
وأصل هذا الباب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه، بحسب بن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم5550.
وجاء في الحكمة أن لقمان قال لابنه: يا بُنيَّ، إيَّاك وكثرة النوم والكسل والضجر فإنك إذا كسلت لم تؤد حقاً، وإذا ضجرت لم تصبر على حق.
3 - الاستعانة بالقيلولة:
والقيلولة: النوم في الظهيرة على ما ذكره أهل اللغة. قال الشربيني الخطيب: القيلولة هي النوم قبل الزوال. وقال العيني: القيلولة معناها النوم في الظهيرة. وقال المناوي: القيلولة: النوم وسط النهار عند الزوال وما قاربه من قبل أو بعد.
وكان الإمام أحمد - رحمه الله - يقول: قال عمر بن الخطاب: قيلوا فإن الشيطان لا تقيل، ونوم القيلولة خاصة في الصيف لاشتداد الحر يعين على قيام الليل، وقد جاء عن ابن عباس مرفوعاً عند ابن ماجه وغيره بإسناد فيه ضعف: \" استعينوا بطعام السَّحَر على صيام النهار والقيلولة على قيام الليل \" يعني الصلاة فيه. وهو التهجد وما في معناه من ذكر وقراءة فإن النفس إذا أخذت حظها من نوم النهار استقبلت السهر بنشاط وقوة انبساط، فأفاد ندب التسحر والنوم وسط النهار وبقصد التقوي على الطاعة. وقال الشربيني الخطيب: يسن للمتهجد القيلولة وهي النوم قبل الزوال وهي بمنزلة السحور للصائم.
4 - اجتناب السَّمَر بعد العشاء:
والسَّمَر بفتح الميم من المسامرة وهو الحديث بالليل، قال ابن منظور في اللسان: والسَّمَر: حديث الليل خاصةً، قال الترمذي: وقد اختلف أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعين ومن بعدهم في السَّمَر بعد صلاة العشاء الآخرة، فكره قوم منهم السَّمَر بعد صلاة العشاء ورخص بعضهم إذا كان في معنى العلم وما لابد منه من الحوائج وأكثر الحديث على الرخصة، قد روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا سمر إلا لمصلٍّ, أو مسافر. أ. هـ.
قال صاحب تحفة الأحوذي: \"وطريق الجمع بينهما أي قولى الكراهة والجواز للسمر بعد العشاء أن تُحمل أحاديث المنع على السَّمَر الذي لا يكون لحاجة دينية ولا لما لابد منه من الحوائج، وقد بوَّب البخاري في صحيحه: بابٌ السَّمَر في العلم، وقال العيني في شرح البخاري: نبه على أن السَّمَر المنهى عنه إنما هو فيما لا يكون من الخير وأما السَّمَر بالخير فليس بمنهي بل هو مرغوب فيه. ا. هـ قلت: هذا الجمع هو المتعين ولا شك أن السمر بعد العشاء قد يمنع من قيام الليل خاصةً لو كان فيما لا ينفع وربما يضر، والأولى لكل صاحب قلب حي أن يقدر المصلحة وينظر فيما ينفعه ويستحضر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - \" احرص على ما ينفعك \" والذي يريد قيام الليل ومناجاة الحبيب - تعالى - ينبغي له أن لا يضيع وقته فيما لا ينفع بل يضن عليه أن يذهب سدى وهباءً منثوراً.
5 - تحرى الحلال:
قال الشيخ سيد حسين: \" قال بعض العلماء: إذا صمت يا مسكين، فانظر عند من تفطر، وعلى أي شيء تفطر، فإن العبد ليأكل أكلة فينقلب قلبه عما كان عليه ولا يعود إلى حالته الأولى، فالذنوب كلها تورث قساوة القلب، وتمنع من قيام الليل وأخصها بالتأثير تناول الحرام، وتؤثر اللقمة الحلال في تصفية القلب وتحريكه إلى الخير ما لا يؤثر غيرها، ويعرف ذلك أهل المراقبة للقلوب بالتجربة بعد شهادة الشرع، ولذلك قال بعضهم: كم من أكلة منعت قيام ليلة، وإن العبد ليأكل أكلة فيحرم قيام سنة لأنه لم يجتنب أكل الشبهات \".
6 - الاقتصاد في سعي الدنيا:
قال الشيخ سيد حسين في كتابه رهبان الليل: \" فلا يتعب نفسه بالنهار في الأعمال التي تعيا بها الجوارح وتضعف بها الأعصاب فإن ذلك مجلبة للنوم وعليه بالقصد في هذه الأعمال وأن يتجنب فضول الكلام وفضول المخالطة التي تشتت القلب \".
7 - ترك المعاصي:
وهو الأصل في تحصيل سائر الخيرات ولن يصل إلى الله أحد بدونها ولن يفتح عليه في أبواب البر والخير إلا بها قال الماوردي:\" قال حماد بن زيد: عجبت لمن يحتمي من الأطعمة لمضراتها، كيف لا يحتمي من الذنوب لمعراتها. وقال بعض الصلحاء: أهل الذنوب مرضى القلوب، وقيل للفضيل بن عياض - رحمه الله -: ما أعجب الأشياء؟ فقال: قلب عرف الله - عز وجل - ثم عصاه. وقال رجل لابن عباس - رضي الله عنه -: أيما أحب إليك رجل قليل الذنوب قليل العمل، أو رجل كثير الذنوب كثير العمل؟ فقال ابن عباس - رضي الله عنه -: لا أعدل بالسلامة شيئا. وقيل لبعض الزهاد: ما تقول في صلاة الليل؟ فقال: خف الله بالنهار ونم بالليل. وقيل لأبي هريرة - رضي الله عنه -: ما التقوى؟ فقال: أجزت في أرض فيها شوك؟ فقال: نعم. فقال: كيف كنت تصنع؟ فقال: كنت أتوقى. قال: فتوق الخطايا \".
قال ابن حجر الهيثمي: \" اعلم وفقني الله وإياك لطاعته، وأنالنا من سوابغ رضاه ومهابته أن الله - تعالى - حذر عباده من معصيته بما أعلمهم به من نواميس ربوبيته وأقامه من سطوات قهره وجبروته ووحدانيته. قال - تعالى -: { فَلَمَّا آسَفُونَا } أي أغضبونا { انتَقَمنَا مِنهُم }[الزخرف:55] وقال - تعالى -: { فَلَمَّا عَتَوا عَن مَا نُهُوا عَنهُ قُلنَا لَهُم كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ } [الأعراف:166]، وقال - تعالى -: { وَلَو يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهرِهَا مِن دَابَّةٍ, } فاطر، وقال - تعالى -: { وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِع غَيرَ سَبِيلِ المُؤمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَت مَصِيراً } النساء، وقال - تعالى -: { مَن يَعمَل سُوءاً يُجزَ بِهِ وَلا يَجِد لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً } النساء، والآيات في ذلك كثيرة. وفي الحديث الصحيح: \" إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها \". وفي الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الله يغار وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه). وفيهما أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا أحد أغير من الله فلذا حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه المدح من الله - عز وجل -). وفي الحديث الصحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن المؤمن إذا أذنب نكتت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب واستغفر صقل قلبه وإن لم يتب زادت حتى تعلو قلبه): أي تغشيه وتغطيه تلك النكتة السوداء فذلك الران الذي ذكره الله في كتابه: { كَلَّا بَل رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَا كَانُوا يَكسِبُونَ } المطففين. وفي الصحيحين أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: (اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب). وعن ابن الجوزي أنه ذكر عن أم سليم أم أنس بن مالك - رضي الله عنهما - أنها قالت: يا رسول الله أوصني. قال: (اهجري المعاصي فإنها أفضل الهجرة، وحافظي على الفرائض فإنها أفضل الجهاد، وأكثري من ذكر الله فإنه لا يأتي العبد بشيء أحب إلى الله من كثرة ذكره). وسأل أبو ذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: \" يا رسول الله أي الهجرة - أي أصحابها - أفضل؟ قال: من هجر السيئات). والأحاديث في هذا المعنى كثيرة: وعن حذيفة - رضي الله عنه - أنه قيل له: هل تركت بنو إسرائيل دينهم أي حتى عذبوا بأنواع العذاب الأليم كمسخهم قردة وخنازير وأمرهم بقتل أنفسهم؟ قال: لا، ولكنهم كانوا إذا أمروا بشيء تركوه، وإذا نهوا عن شيء ركبوه حتى انسلخوا من دينهم كما ينسلخ الرجل من قميصه. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: يا صاحب الذنب لما تأمن سوء عاقبته ولما يتبع الذنب أعظم من الذنب؟، وقلة حيائك من ملك اليمين والشمال وأنت على الذنب: - أي بقاؤك عليه بلا توبة - أعظم من الذنب الذي عملته، وفرحك بالذنب إذا ظفرت به أعظم من الذنب، وضحكك وأنت لا تدري ما الله صانع بك أعظم من الذنب، وحزنك على الذنب إذا فاتك أعظم من الذنب، وخوفك من الريح إذا حركت ستر بابك وأنت على الذنب ولا يضطرب فؤادك من نظر الله إليك أعظم من الذنب.
وقال بلال بن سعد: لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى عظمة من عصيت. وقال الحسن: يا ابن آدم ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة. وقال محمد بن كعب القرظي: ما عبد الله بشيء أحب إليه من ترك المعاصي. ويؤيده قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: (إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)، فأتى بالاستطاعة في جانب المأمورات ولم يأت بها في جانب المنهيات إشارة إلى عظيم خطرها وقبيح وقعها، وأنه يجب بذل الجهد والوسع في المباعدة عنها سواء استطاع ذلك أم لا، بخلاف المأمورات فإن العجز له مدخل فيها تركا وغيره فتأمل ذلك.
وقال الفضيل بن عياض - رضي الله عنه -: بقدر ما يصغر الذنب عندك يعظم عند الله، وبقدر ما يعظم عندك يصغر عند الله - تعالى -.
وقال حذيفة: إذا أذنب العبد نكت في قلبه نكتة سوداء حتى يصير قلبه كله أسود، ويؤيده قول السلف: المعاصي بريد الكفر أي رسوله باعتبار أنها إذا أورثت القلب هذا السواد وعمته لم يبق يقبل خيرا قط، فحينئذ يقسو ويخرج منه كل رحمة ورأفة وخوف فيرتكب ما أراد ويفعل ما أحب، ويتخذ الشيطان وليا من دون الله ويضله ويغويه ويعده ويمنيه، ولا يرضى منه بدون الكفر ما وجد له إليه سبيلا. قال - تعالى -: { إِن يَدعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِن يَدعُونَ إِلاَّ شَيطَاناً مَّرِيداً { 117} لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِن عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفرُوضاً { 118} وَلأُضِلَّنَّهُم وَلأُمَنِّيَنَّهُم وَلآمُرَنَّهُم فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنعَامِ وَلآمُرَنَّهُم فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللّهِ فَقَد خَسِرَ خُسرَاناً مٌّبِيناً {119} يَعِدُهُم وَيُمَنِّيهِم وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيطَانُ إِلاَّ غُرُوراً { 120} أُولَئِكَ مَأوَاهُم جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنهَا مَحِيصاً } النساء، وقال - تعالى -: { يَا أَيٌّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعدَ اللَّهِ حَقُّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدٌّنيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الغَرُورُ { 5} إِنَّ الشَّيطَانَ لَكُم عَدُوُّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدعُو حِزبَهُ لِيَكُونُوا مِن أَصحَابِ السَّعِيرِ } فاطر.
وروى أحمد في مسنده عن وهب قال: \" إن الرب - سبحانه وتعالى - قال في بعض ما يقول لبني إسرائيل: إني إذا أطاعني العبد رضيت عنه وإذا رضيت عنه باركت فيه. وفي آثاره وليس لبركتي نهاية، وإذا عصاني العبد غضبت عليه وإذا غضبت عليه لعنته ولعنتي تبلغ السابع من ولده \" انتهى. ويؤيده قوله - تعالى -: { وَليَخشَ الَّذِينَ لَو تَرَكُوا مِن خَلفِهِم ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيهِم فَليَتَّقُوا اللّهَ وَليَقُولُوا قَولاً سَدِيداً } النساء. وقال المفسرون في قوله - تعالى -: { مَالِكِ يَومِ الدِّين } أي الجزاء. وفي الحديث (كما تدين تدان) أي كما تفعل يفعل معك، فالقصاص إن لم يكن فيك أخذ من ذريتك، ولذا قال - تعالى -: { خَافُوا عَلَيهِم فَليَتَّقُوا اللّهَ } فإن كان لك خوف على صغارك وأولادك المحاويج المساكين فاتق الله في أعمالك كلها لا سيما في أولاد غيرك، فإن الله - تعالى - يحفظك في ذريتك وييسر لهم من الحفظ والخير والتوفيق ببركة تقواك ما تقر به عينك بعد موتك وينشرح به صدرك، وأما إذا لم تتق الله في أولاد الناس ولا في حرمهم، فاعلم أنك مؤاخذ في ذلك بنفسك وذريتك وأن ما فعلته كله يفعل بهم. فإن قلت: هم لم يفعلوا فكيف عوقبوا بزلات آبائهم وانتقم منهم بمعاصي أصولهم؟ قلت: لأنهم أتباع لأولئك الأصول وناشئون عنهم. { وَالبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخرُجُ إِلَّا نَكِداً } الأعراف - { وَأَمَّا الجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَينِ يَتِيمَينِ فِي المَدِينَةِ وَكَانَ تَحتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبٌّكَ أَن يَبلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَستَخرِجَا كَنزَهُمَا رَحمَةً مِن رَبِّكَ وَمَا فَعَلتُهُ عَن أَمرِي } الكهف. قيل كان ذلك الصالح هو الجد السابع لأم.
وفي مسند أحمد أيضا \" كتبت عائشة إلى معاوية - رضي الله عنهما -: أما بعد، فإن العبد إذا عمل بمعصية الله عاد حامده من الناس ذاما \" وقال أبو الدرداء: احذر أن تبغضك قلوب المؤمنين وأنت لا تشعر. قال الفضيل: هو العبد يخلو بمعاصي الله فيلقي الله بغضبه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر. وقال سليمان التيمي: إن الرجل ليصيب الذنب في السر فيصبح وعليه مذلة. وقال يحيى بن معاذ: عجبت من ذي عقل يقول في دعائه: اللهم لا تشمت بي الأعداء ثم هو يشمت بنفسه كل عدو، قيل له كيف ذلك؟ قال يعصي الله فيشمت في القيامة كل عدو. وقال مالك بن دينار: أوحى الله إلى نبي من الأنبياء أن قل لقومك لا يدخلوا مداخل أعدائي: ولا يلبسوا ملابس أعدائي، ولا يركبوا مراكب أعدائي، ولا يطعموا مطاعم أعدائي فيكونوا أعدائي كما هم أعدائي، وقال الحسن: هانوا على الله فعصوه ولو عزوا عليه لعصمهم.
وقال: إن الرجل أي الكامل ليذنب الذنب فما ينساه ولا يزال متخوفا منه حتى يدخل الجنة. وفي صحيح البخاري عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: إن المؤمن يرى ذنوبه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه فقال به هكذا فطار. وعن كعب الأحبار - رضي الله عنه - قال: إن رجلا من بني إسرائيل أصاب ذنبا فحزن عليه فجعل يذهب ويجيء ويقول بم أرضي ربي فكتب صديقا.
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى بعض عماله: أما بعد فإذا مكنك الله القدرة من ظلم العباد فاذكر قدرة الله عليك، واعلم أنك لا تفعل بهم أمرا من الظلم إلا كان زائلا عنهم: أي بموتهم باقيا عليك أي عاره وناره في الآخرة. واعلم أيضا أن الله آخذ للمظلوم حقه من الظالم، وإياك إياك أن تظلم من لا ينتصر عليك إلا بالله - عز وجل - ، أي فإن الله - تعالى - إذا علم التجاء عبد إليه بالصدق والاضطرار انتصر له على الفور.
وقال بعض السلف: يا أهل المعاصي لا تغتروا بطول حلم الله عليكم واحذروا أسفه أي غضبه بسبب المعاصي فإنه قال - تعالى -: { فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمنَا مِنهُم }) أ. ه من الزواجر عن اقتراف الكبائر
وآثار المعاصي على الإنسان كثيرة جدا ولا شك أن منها حرمان الطاعة وقيام الليل من الطاعات الجليلة والعبادات الرفيعة ولا يوفق لها إلا الصالحون.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد