بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله - تعالى -: \" ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً\"
مشهد من أعظم مشاهد الحساب يوم القيامة اليوم الموعود، اليوم المنتظر، اليوم العصيب، اليوم الذي لابد كلنا سنلقاه، يوم الجزاء والحساب، يوم يقوم الناس لرب العالمين، يوم يتمنى الإنسان لو لم يكن شيئاً مذكوراً ويوم يقول الكافر يا ليتني كنت تراباً. لا إله إلا الله... كيف سيكون ذلك اليوم؟ وكيف ستكون ساعات الترقب يا ترى؟ أحدنا لو كان ينتظر إعلان نتيجة امتحان أو مسابقة يشعر ساعتها أن قلبه يكاد يخرج من صدره من شدة القلق والخوف! فكيف بنتيجة يترتب عليها جنة أو نار! نعيم مقيم أو عذاب سرمدي أجارنا الله وإياكم.. لا إله إلا الله.. اللهم رحماك.. رحماك يا رب...
تخيل نفسك أخي الحبيب أنك الآن تقف ذلك الموقف المهيب وتترقب صحيفة أعمالك والناس من حولك في ذهول وهلع يتلقفون صحفهم، ففرح سعيد حاملاً صحيفته بيمينه يكاد يطير من شدة الفرح يطوف بين الناس ويصيح بأعلى صوته: هآؤم إقرأوا كتابيه، إني ظننت أني ملاق حسابيه فهو في عيشة راضية في جنة عالية قطوفها دانيه كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية... يا لسعادته.. يا لسعادته.. يا لسعادته... فاز ورب الكعبة وسعد سعادة لا شقاء بعدها... وآخر ممسك صحيفته بشماله وجهه مسود يبكي من حسرة وندامة على سواد صحيفته وحق له والله أن يبكي بدل الدموع دماً.. كيف لا؟ والمصير النار والمستقر سقر.. اللهم أجرنا منها: وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه، يا ليتها كانت القاضية، ما أغنى عني ماليه، هلك عني سلطانية. خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه...
أخي الحبيب هل يرضيك ساعتها أنك عصيت الله طرفة عين؟ وهل يرضيك ساعتها أنك قصرت في فرض من فروض الله؟ هل يرضيك أنك تكاسلت أو نمت عن صلاة مكتوبة؟ عصيت وتماديت في المعاصي كثيرا فهل بقى من لذة المعصية شيء؟ لو عرضت أمامك في تلك اللحظة امرأة جميلة أو صورة فاتنة هل كنت ستنظر إليها؟ هل يطيب لك ساعتها أن تتلذ بسماع مغن أو مغنية؟ هل يرضيك ساعتها أنك تكلمت في عرض فلان أو علان؟ بل هل يرضيك ساعتها أنك أضعت دقيقة من عمرك في غير طاعة الله؟
إذن فاعلم: أن كل صغيرة وكبيرة مسجلة عليك وسوف تحاسب عليها قال - تعالى -: فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره. فأعد العدة يا أخي مادمت في زمن المهلة واعلم أن اليوم عمل ولا حساب وغداَ حساب ولا عمل. ولا يغرنك طول الأمل فالموت يأتي بغتةً والقبر صندوق العمل، واعلم يا رعاك الله أن لذة المعصية تذهب ولكن أثرها يبقى مكتوباً في صحيفتك. وتعب الطاعة يذهب أيضا وثوابها يبقى.. وسيجزى كلٌ بعمله.. يقول الله - تعالى - في الحديث القدسي: (يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه) فكن أخي الكريم كيساً فطناً لا تورد نفسك موارد الهلاك وأقسرها على الخير قسراً فالكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه. اللهم إنا نسألك علماً نافعاً وعملاً صالحاً وقلباً خاشعاً ولساناً ذاكراً.
وإلى اللقاء مع وقفة قادمة في ظلال آية أخرى من كتاب الله
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد