بسم الله الرحمن الرحيم
\"وإن تعدوا نعمـة الله لا تحصوها\" نعمة الهداية هي من أجلّ نِعَم الله - سبحانه وتعالى - ونعمة الثبات على دين الله - سبحانه وتعالى - كذلك، ونعمة الهداية واجبه فيها شكر الله - سبحانه وتعالى - ونحمده عليها، وهذه النعمة إذا وجدت فقد استفاد الإنسان من النعم الأخرى فيما يقربه إلى الله - تعالى - وإذا انعدمت فإن النعم الأخرى تكون وبالاً على الإنسان ولفضل هذه النعمة فإن الواجب علينا معرفة أسباب فقدها وذلك لتجنبها والمحافظة على هذه النعمة الجليلة، وأسباب فقد هذه النعمة تؤدي بالعبد إلى الانتكاس - والعياذ بالله-..
ومن هذه الأسباب:
أولاً: الالتحاق بشباب الملتزم من غير اقتناع ورغبة وإنما الالتحاق بهم لأسباب معينة:
مثلاً: التحق بهم لأنه يجد الأنس معهم والخروج إلى الرحلات دون أن يجد ملامة على ذلك من أحد..لأنه سار مع رفقة طيبة، ولم يلتحق بهم لأنه يريد الالتزام على نهج الله - تعالى - وسنة نبيه الكريم.
· التحق بهم لأنه أعجب بشخص معين.. فلا يأتي للشباب الملتزم إلاّ لأجل هذا الشخص ولأجل إرضائه
· التحق بهم بسب صدمة هائلة حدثت في حياته كأن يشاهد وفاة أحد أو حالة احتضار..مما يكّون لديه صدمة تكون سبباً في التحاقه بالشباب الملتزم.
وهذه الصدمة قد تكون مؤقتة فيكون تأثيرها مؤقتاً لذلك قد يرجع إلى ما كان عليه سابقاً.
ثانياً: عدم الاهتمام بتربية الشاب لنفسه: فلا قراءة قرآن ولا أداء الصلوات في وقتها ولا أداء النوافل كقيام ليل أو صيام نافلة، أهمل نفسه مع أنه ملتحق بالشباب الملتزم ورضى واكتفى بالمظهر وهذا ما يسمى\"الالتزام الأجوف\"وهذا قد التزم شكلاً ولكنه في الحقيقة منتكس وإذا أنتكس الباطن يكون انتكاس الظاهر سهلاً وفي الغالب لا يحدث انتكاس الظاهر إلا بعد أن ينتكس الباطن وهذا هو السر في أنك تفاجأ بأن بعض الأشخاص الذين تحسبهم من أنشط الناس وأحرصهم على العبادة تجدهم فجأة.. وإنما انتكس باطنه منذ زمن واحتفظ بشكله الخارجي حتى أتى اليوم الذي لم يبق للشكل الخارجي فائدة.. وانجرّ الانتكاس إلى الشكل الخارجي أيضاً.
ثالثاً: الكمال الزائف: ذلك أن الشاب الملتزم يجد في بداية التزامه تشجيعاً ومدحاً له مما يوهمه أنه بلغ الكمال مما يجعله يغفل عن المحافظة على نفسه والمشاركة في أعمال الخير وبذلك يفتر ثم ينتكس والعياذ بالله.
رابعاً: عدم فهم الشباب الملتزم فهماً صحيحاً:
ومن ذلك أن الشاب الذي التزم حديثاً يصوّر لنسه أنه مع ملائكة لا يخطئون ويجب ألا يخطئوا مع أن هؤلاء بشر، يخطئون ويصيبون – نحسب أن صوابهم أكثر من خطئهم- ولكن لا يعني هذا أن خطأهم غير موجود، لهم أخطاء قد تكبر وقد تصغر قد تقل وقد تكثر المهم أنهم بشر كغيرهم من البشر.
فإذا دخل الشاب بهذا التفكير وبهذا التصور يفاجأ بوجود خطأ.. وربما يفاجأ بوقوع الخطأ عليه فيولد هذا صدمة في حياته ويؤثر عليه سلبياً مما يجعله ينتكس مرة أخرى.
خامساً: سوء التربية من قبل المربين:
والمربون هم المشرفون على تجمعات الشباب الملتزم كحلق تحفيظ القرءان الكريم أو غيرها،
وللخطأ في التربية جوانب متعددة فمنها:
· عدم مراعاة الجانب الوجداني في الشخص وعدم الحرص على تقوية إيمانه وربطه بالله - سبحانه و تعالى - بل نراه يكثر من المزاح معه والإكثار من جلب ما يؤنسه كأشرطة الأناشيد مثلاً والنكت والطرائف مما يجعل الشخص يتربى على ذلك فينسى الجانب الوجداني الإيماني.
· عدم مراعاة الجانب العلمي في الشخص وذلك بعدم الحرص على تعليمه وتحبيبه في العلم وأهله ولا شك أن الدخول في مجال العلم طلباً وتعلماً وسيلة عظيمة من وسائل الثبات على دين الله - تعالى - والابتعاد عن الانتكاس.
· عدم مراعاة الجانب الخُلقي في الشخص وذلك بأنه لا يحرص على تحسين وتهذيب خلق هذا الشخص الجديد فينشأ سيئ الخلق ولا شك أن سوء الخلق قد يوصل الشخص إلى الانتكاس.
· عدم التدرج مع الشخص الملتزم حديثاً التدرج المطلوب وربما يعامله بالشدة التي تنفر هذا الشخص وربما يربيه على التساهل وعدم الانضباط وهذه أيضاً وسيلة للانتكاس.
سادساً: عدم طرح هذا الموضوع على الشباب:
إن معرفة الشر وسيلة لاجتنابه كما قيل\"عرفت الشر لا لشر ولكن لتوقيه ..ومن لا يعرف الشر من الخير يقع فيه\"وحذيفة - رضي الله عنه - قال: كان الناس يسألون الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الخير، وأسأله عن الشر، مخافة أن يقع فيه ولاشك أن طرح مثل هذا الموضوع\"أسباب الانتكاس\"يجعل لك وقاية والوقاية خير من العلاج.
سابعاً: التعلق ببعض قضايا الماضي:
كأن يكثر التفكير ببعض المعاصي التي عملها سابقاً ويتلذذ بهذا التفكير , أو يحتفظ بأفلام أو صور أو أشرطة قديمة أو غير ذلك مما يذكره بالماضي, ومن أهم ما يذكر الإنسان بالماضي صديق الماضي , الصديق قبل الالتزام وهو من أخطر الأسباب التي تجر إلى الانتكاس وذلك لأنه:
1) يتكلم بلسان لذلك يؤثر عليك وإن لم تطلب هذا التأثير – فالمجلة لا يمكن أن تؤثر فيك إلا إذا قلبت صفحاتها.. لكن الصديق هو الذي يتكلم ويؤثر فيك.
2) أنه لا يعدّ عدواً ولذلك لا يحتاط منه في الغالب (صديق الماضي لا يعد عدواً).
3) هو مفتاح للماضي , فربما يذكر بما اقترف في الماضي ولو كان ما اقترفه مباحاً , وهذا التذكير يحرك المشاعر للرغبة في إعادة الذكريات.
4) موافقته لهوى الشخص , وبذلك يكون قد جابه ثلاثة جيوش: الشيطان , الهوى , هذا الصديق.
5) قد يجعلك قائداً ورئيساً عليه مما يجعلك تكثر من مخالطته وهذا يسبب في النهاية إلى الانتكاس.
6) قد يكون كثير الدعابة والطرافة مما يجعلك منجذباً نحوه. وهذه الأمور الستة يتصف بها صديق الماضي يجعله أخطر ما يمكن أن تحتفظ به من ذكريات الماضي.
ثامناً: الانفراد عن الشباب الصالحين:
يقول الله - تعالى - ((واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشيّ يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا)).. الابتعاد عن الشباب الصالحين يجعلك منفرداً ولن تضل منفرداً طويلاً- في
الغالب- بل ستبحث لك عن أصدقاء سيئين يحثون على الشر.
تاسعاً: عدم إبراز الشخصية الدينية:
وخصوصاً إذا كان المظهر لا يدل على الالتزام فإذا لم تتميز ولم تظهر شخصيتك الدينية فإنك ستكون عرضة لوساوس شياطين الإنس مما يجعلهم يتجرءون عليك وربما يذكرون عندك المنكر وأغروك بها، لكن عندما تظهر شخصيتك الدينية بشكل واضح.. تنكر عليهم.. تأمر بالخير.. تقرأ القرآن.. تذكر الله. هذا يجعلهم -على الأقل- يحجمون عن ذكر المنكرات عندك ومن باب أولى ألا يغروك باقترافها.
عاشراً: التوسع في المباحات:
وذلك يؤدي إلى التزام الشخص التزاماً أجوف وهذا يؤدي إلى الانتكاس.
الحادي عشر: الحماس الزائد غير المضبوط بضوابط معينة:
بل حماس وثورة وفوران لمدة معينة ثم يخبو.. مثل سعف النخلة إذا أشعل ترى له ناراً تلظى , سرعان ما يخبو ويذهب.. فهذا المتحمس سرعان ما ينتكس يريد الشيء بسرعة.. يريد أن يحقق كل شيء بسرعة قد يصل به إلى الغلو ومن ثم التقصير لأنه سيتعب ويكل ويمل ثم بعد ذلك ينتكس.
الثاني عشر: الخوف من غير الله - تعالى -:
كالخوف من السجن , الفصل , قال - تعالى - ((ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله))
الثالث عشر: عدم حب الانضباط:
بل حب التساهل والتسيب وهذا يؤدي به إلى أنه لا يحصّل شيء ولا يستفيد شيء وليس هناك شيء يمنعه من الانتكاس لأنه متسيب.
الرابع عشر: أن يكون في قلبه مرض وآفة:
كبرت مع الوقت دون أن يجاهد نفسه في التخلص منها حتى جاء الوقت الذي عظمت عليه وكبرت فحرّفته عن الطريق , مثلاً:
أن يكون في قلبه كبر أو عجب أو غرور أو حب رياسة أو غير ذلك من الأوقات .. فلا يجاهد نفسه في التخلص منها فتكون مثل النبتة الصغيرة تبدأ تضرب بعروقها في قلبه حتى تحرفه عن الطريق فيما بعد - نسأل الله العافية -.
الخامس عشر: عدم العمل بما يوعظ به:
يحضر محاضرات, يسمع المواعظ لكنه لا يعمل بها ولو عمل بها لزاده الله - تعالى - ثباتاً. قال - تعالى - ((ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً..
فمن الوسائل المعينة على الثبات.. من الوسائل المعينة على عدم الانتكاس
هي العمل بما توعظ به مما هو موافق للكتاب والسنة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد