بسم الله الرحمن الرحيم
(1) يُصيبُ اللهُ - جل وعلا - أمةَ الإسلام بما يصيبُها بسببِ ذنوبها تارةً، وابتلاءً واختبارًا تارةً أخرى.
(2) يُصيب اللهُ - جل وعلا - الأُممَ غيرَ المسلمةِ بما يصيبُها إما عقوبةً لما هي عليه من مخالفةٍ, لأمرِ الله - جل وعلا - وإما لتكون عبرةً لمن اعتَبَرَ، وإما لتكونَ ابتلاءً للناس، هل يَنجَونَ أو لا يَنجَونَ؟ قال اللهُ - تعالى -: (فَكُلاً أَخَذنَا بِذَنبِهِ فَمِنهُم مَن أَرسَلنَا عَلَيهِ حَاصِبًا وَمِنهُم مَن أَخَذَتهُ الصَّيحَةُ وَمِنهُم مَن خَسَفنَا بِهِ الأَرضَ وَمِنهُم مَن أَغرَقنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظلِمَهُم وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُم يَظلِمُونَ).
وهذا في العقوباتِ التي أُصِيبَت بها الأُممُ، العقوباتِ الاستئصاليةِ العامةِ، والعقوباتِ التي يكونُ فيها نكايةٌ، أو يكونُ فيها إصابةٌ لهم.
(3) تُصاب الأمةُ بأن يبتليَها اللهُ بالتفرٌّقِ فِرَقًا، بأن تكونَ أحزابًا وشِيَعًاº لأنها تركت أمرَ الله - جل وعلا -.
(4) تُصاب الأمةُ بالابتلاء بسببِ بَغيِ بعضِهم على بعضٍ,، وعدمِ رجوعِهم إلى العلمِ العظيمِ الذي أنزله اللهُ - جل وعلا -. قال الله - تعالى - فيما قصَّه علينا من خبر الأُمَمِ الذين مَضَوا قبلَنا: (وَمَا اختَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعدِ مَا جَاءَهُمُ العِلمُ بَغيًا بَينَهُم). وقال - سبحانه -: (وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعدِ مَا جَاءَتهُمُ البَيِّنَةُ). عندَ أهلِ الكتابِ العلمُ النافعُ، ولكن تَفَرَّقُوا بسببِ بَغيِ بعضِهم على بعضٍ,، وعدمِ رجوعِهم إلى هذا العلمِ العظيمِ الذي أنزلَه اللهُ - جل وعلا -، تَفَرَّقُوا في العملِ، وتركُوا بعضَه.
(5) يُصاب قومٌ بالابتلاءِ بسببِ وجودِ زيغٍ, في قلوبهم، فَيَتَّبِعُونَ المتشابِه. قال اللهُ - جل وعلا - في شأنهم: (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم زَيغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنهُ ابتِغَاءَ الفِتنَةِ وَابتِغَاءَ تَأوِيلِهِ وَمَا يَعلَمُ تَأوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ). فليس وجودُ المتشابه سببًا في الزيغ، ولكنَّ الزيغَ موجودٌ أولاً في النفوسِ. فاللهُ – سبحانَهُ – أثبتَ وجودَ الزيغِ في القلوبِ أوَّلاً، ثم اتباعِ المتشابه ثانيًا، وقد جاءت (الفاءُ) في قوله - جل وعلا - : (فَيَتَّبِعُونَ) لإفادةِ الترتيبِ والتعقيبِ. ففي النصوصِ ما يَشتَبِهُ، لكن مَن في قلبه زيغٌ يذهبُ إلى النصِّ فيستدلُ به على زَيغِهِ، وليس له فيه مُستَمسَكٌ في الحقيقةِ، لكن وَجَدَ الزيغَ فذهبَ يتلمَّسُ له. وهذا هو الذي ابتُلِيَ به الناسُ - أي: الخوارجُ - في زمنِ الصحابةِ، وحصلت في زمن التابعينَ فتنٌ كثيرةٌ تَسَـبَّبَ عنها القتالُ والملاحِمُ مما هو معلومٌ.
فوائد الابتلاء:
الأمةُ الإسلاميةُ والمسلمون يُبتَلَونَ.
وفائدةُ هذا الابتلاءِ معرفةُ مَن يَرجِعُ فيه من الأمةِ إلى أمرِ اللهِ - جل وعلا - معتصِمًا بالله، متجرِّدًا، متابعًا لهدي السلفِ ممّن لا يرجعُ، وقد أصابته الفتنةُ، قلّت أو كَثُرَت.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد