عذاب القبر وعذاب جهنم


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السؤال:

هل يكون عذاب القبر وعذاب جهنم حتى وإن تبنا عن المعاصي أم لا يوجد مفر من ذلك؟

 

الجواب:

الأخ الفاضل: النادم حفظك الله.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

اعلم أخي أن المؤمن الصادق التائب إلى الله يجد من النعيم في قبره الشيء الكثير، ويصبح قبره روضة من رياض الجنة، والنعيم الذي لا ينفد ولا ينقطع وهو نعيم الجنة - جعلنا الله - تعالى - من أهلها -.

وهذه بعض صور مما ينعم به المؤمن في قبره:

1- يفرش له من فراش الجنة.

2- ويُلبس من لباس الجنة.

3- ويفتح له باب إلي الجنة، لِيَأتِيَهُ مِن نَسِيمِهَا، وَيَشَمٌّ مِن طِيبِهَا، وَتَقَرٌّ عَينُهُ بِمَا يَرَى فِيهَا مِن النعيم.

4- ويفسح له في قبره.

5- ويبشر برضوان الله وجنته، ولذلك يشتاق إلى قيام الساعة.

6- سروره برؤيته مقعده من النار الذي أبدله الله - عز وجل - به مقعداً من الجنة.

7- ينام نومة العروس، وَإِنَّمَا شَبَّهَ نَومَهُ بِنَومَةِ العَرُوسِ لأَنَّهُ يَكُونُ فِي طَيِّبِ العَيشِ. أ.هـ [تحفة الأحوذي].

8- وينور له قبره.

. فلا تخف ولا يقنطك الشيطان من رحمة الله، فالشيطان حريص على زرع اليأس في نفسك لكي يشعرك بأنك معذب على ذنوبك السابقة، فلا تخف إذا صدقت في توبتك مع الله، وعملت عمل صالحº يبدل الله سيئاتك حسنات.

ومن أكبر نعم الله علينا أن فتح لنا باب التوبة، ونبهنا إليها فلم يغلق في وجه العصاة باب إلا وفتحته التوبة، ومهما بلغت الذنوب وعظمت المعاصي فإن الله يغفرها فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قال الله - عز وجل -: (يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا اغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم، يا عبدي لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا عبدي لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة )[رواه الترمذي].

فالله ربنا - جل وعلا - رحيم بعباده، لطيف بهم، يدعو عباده العاصين إليه فيقول: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم).

وانظر إلى رحمة أرحم الراحمين وكرم رب العالمين القائل: ( والذين لا يدعون مع الله إلهً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً)، وانظر إلى لطف الله بعباده كيف يفرح بتوبة عبده إذا تاب إليه، وفرحه - عز وجل - بتوبة عبده أشد من فرح الرجل يفقد دابته في فلاةٍ, من الأرض عليها طعامه وشرابه وييأس من لقياها، ثم ينام تحت شجرة فيقوم فيجدها عند رأسه، فالله أشد فرحاً بتوبة عبده من هذا براحلته، فكيف ييأس العاصون من رحمته، أو يشكون في مغفرته وهو الغفور الرحيم، والتواب الكريم؟

أما ما يتعلق بالسؤال في القبر وحال الميت فإن السؤال حق، والميت ترد إليه روحه، وقد صحت بذلك الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحياة الميت في قبره غير حياته الدنيوية، بل هي حياة خاصة برزخية، ليست من جنس حياته في الدنيا التي يحتاج فيها إلى الطعام والشراب ونحو ذلك، بل هي حياة خاصة يعقل معها السؤال والجواب، فيسأله الملكان من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟

فالمؤمن يقول: ربي الله، والإسلام ديني، ومحمد نبيي هكذا يجيب المؤمن والمؤمنة، ويقال له: ما علمك بهذا الرجل؟ ( محمد - صلى الله عليه وسلم - ) فيقول: هو رسول الله، جاءنا بالهدى فآمنا به وصدقناه، واتبعناه، فيقال له: قد علمنا إن كنت لمؤمناً، ويفتح له باب إلى الجنة، فيأتيه من روحها ونعيمها، ويقال: هذا مكانك حتى يبعثك الله إليه، ويرى مقعده من النار، ويقال له: هذا مكانك لو كفرت بالله، أما الآن فقد أعاذك الله منه، وصرت إلى الجنة.

أما الكافر فإذا سئل عن ربه ودينه ونبيه، فإنه يقول: هاه هاه لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته، فيضرب بمرزبة من حديد فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين: يعني الجن والإنس، وتسمعها البهائم، فيفتح له باب إلى النار، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه، ويكون قبره عليه حفرة من حفر النار، ويفتح له باب إلى النار يأتيه من سمومها وعذابها، ويقال: هذا مكانك حتى يبعثك الله إليه، ويفتح له باب إلى الجنة فيرى مقعده في الجنة، ويقال له: هذا مكانك لو هداك الله.

وبذلك يعلم أن القبر إما روضة من رياض الجنة، أو إما حفرة من حفر النار، والعذاب والنعيم للروح والجسد جميعاً في القبر، وهكذا في الآخرة في الجنة أو في النار.

أما من مات بالغرق أو بالحرق أو بأكل السباع فإن روحه يأتيها نصيبها من العذاب والنعيم، ويأتي جسده من ذلك في البر أو البحر أو في بطون السباع ما شاء الله من ذلك، لكن معظم النعيم والعذاب على الروح التي تبقى إما منعمة وإما معذبة، فالمؤمن تذهب روحه إلى الجنة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ( إن روح المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة، يأكل من ثمارها، والكافر تذهب روحه إلى النار ).

فالواجب على كل مسلم ومسلمة الاطمئنان إلى ما أخبر به الله - عز وجل - وأخبر به رسوله - عليه الصلاة والسلام -، وأن يصدق بذلك على الوجه الذي أراده الله - عز وجل -، ويعمل لكي يكون قبره روضة من رياض الجنة، ويبدأ بالتوبة إلى الله ليغفر الله ذنوبه السابقة بإذنه وكرمه.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply