بسم الله الرحمن الرحيم
أُخيتي ... هل تحلمي بشقة قريبة من البحر... هل تحلمي بقصر على نهر... أو فيلا تطل على البحر في دار النعيم في الجنة، فهل رأيتي الجنة ؟؟؟
اسمحي لي أُخيتي الغالية أن أصطحبك في جولة سريعة لنستكمل رحلتنا داخل الجنة رزقنا الله وإياك الجنة... اللهم آمين.
عيون وأنهار:
علم ربك أن نفسك تألف المياه والبساتين والأشجار وتسكن إليها، فزين - جل وعلا - بها الجنة، وألبسها من بهاء الأشجار وعلوها وبركة الثمار ونموها، وجريان الأنهار وسيولها، وعذوبة العيون في أركانها، ما تقر به أعين عباد الله المخلصين، أما عيون الجنة التي أعدها الله لكِ، فيقول عنها - سبحانه وتعالى -:
(إن المتقين في جنات وعيون)) (الحجر: 45).
(إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيراً) (الإنسان: 5: 6).
فتارة تمزج العين التي تشرب منها بالكافور؟ فتكون باردة طيبة الرائحة، وأخرى بالزنجبيل؟ فتكون حارة طيبة الرائحة؟
قال - تعالى -: (ويسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلاً عيناً فيها تسمى سلسبيلاً) (الإنسان: 17: 18).
فأحسني أُخيتيº يحسن الله إليكِ، وصفِ سعيكِ إلى الجنة بالصدق والإخلاص والعمل الصالح، يسقكِ الله من عيون الجنة، وشرابها:
صفى المقرب سعيه فصفا له * * * ذاك الشراب فتلك تصفيتان
وأما أنهار الجنة: فبين تلك القصور الذهبية، والخيام البهية، تجري أنهار عذبة، أعدها الله - تعالى - للمؤمنين، ونوع أجناسها وشرابهاº فمنها الماء، ومنها العسل، ومنها الخمر، ومنها اللبن.
قال - تعالى -: (مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير ءاسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى) (محمد: 15).
فماء الدنيا يأسن ويأجن من طول مكثه، لكن مياه أنهار الجنة لا تأسن، ولبن الدنيا تصيبه الحموضة إذا طال مكثه، لكن لبن الآخرة لا يتغير طعمه، وخمر الدنيا كريهة المذاق كريهة الرائحة، أما خمر الجنة ففيها من اللذة ما يبعث على الشراب، وعسل الدنيا تصيبه الأخلاط، فلا يصفو، أما عسل الجنة فصاف لامع طري.
فأين هي الدنيا من الآخرة؟ وكيف يحرص عاقل على لذة ناقصة فانية، ويترك اللذة الكاملة الباقية؟
وتأملي أُخيتي في هذه الأنهار، وما أودع الله فيها من خيرات لم تجر العادة بمثلها في الدنيا، وتأملي فيها وهي تجري في الجنة من غير أخدود تحت القصور والمنازل، والغرف، والأشجار.
قال - تعالى -: (جنات تجري تحتها الأنهار) (البقرة: 25).
(جنات تجري تحتها الأنهار) (التوبة: 10).
(تجري من تحتهم الأنهار) (الكهف: 31).
أما الكوثر فهو نهر من أنهار الجنة أعطاه الله - سبحانه وتعالى - لرسوله - صلى الله عليه وسلم - (إنا أعطيناك الكوثر)، الكوثر: 1.
وعن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (بينا أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف فقلت ما هذا يا جبريل قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك قال فضرب الملك بيده فإذا طينه مسك أذفر) رواه البخاري.
ويالجمال وروعة تلك الأنهار، التي تنساب متفجرة من الأعلى، ثم تنحدر في نزول، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن في الجنة مائة درجة، أعدها الله - تعالى - للمجاهدين في سبيله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله، فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة))، رواه البخاري.
وأخبر - صلى الله عليه وسلم -: ((إن في الجنة بحر الماء، وبحر العسل، وبحر اللبن، وبحر الخمر، ثم تشقق الأنهار))، صححه الألباني.
فشمري أُخيتي عن ساعد الجد فإن الأمر جلل، فوالله إن الجنة حق، ونعيمها صدق.
درجات الجنة:
أُخيتي.... لقد خلق الله الجنة وأورثها عباده الصالحين، وجعلهم فيها متفاضلين، ولذلك كانت الجنة درجات، يفضل بعضها بعضاً، وكل ذلك كان فضلاً من ربك وعدلاً، ليشمر من اشتاقت نفسه إلى الجنة، وعلت همته لأعلى درجاتها، في
ذلك النعيم المقيم.
قال - تعالى -: (ومن يأتيه مؤمناً قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى) (طه: 75).
وإنما يتفاوت المؤمنون المتقون في تلك الدرجات بحسب إيمانهم وتقواهم.
قال - تعالى -: (من كان يريد العاجلة عجلنا لها فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا لهم جهنم يصلاها مذموماً مدحوراً، ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً، كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظوراً، انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً)) (الإسراء: 18: 21).
واسمعي إلى هذا الحديث، الذي رواه المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
\"أن موسى - عليه السلام - سأل ربه ما أدنى أهل الجنة منزلة فقال رجل يجيء بعد ما دخل أهل الجنة الجنة، فيقال له ادخل الجنة، فيقول رب كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم؟؟ فيقال له أترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول رضيت رب، فيقول له لك ذلك ومثله ومثله ومثله، فقال في الخامسة رضيت رب، فيقول هذا لك وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت نفسك، ولذت عينك، فيقول رضيت رب، قال: رب فأعلاهم منزلة قال أولئك الذين أردت، غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها، فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر\" رواه مسلم.
فهذه الجنة وهذه درجاتها، قد بنيت وهيئت لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، ففيها والله يحمد التنافس بالطاعة والقربات، وإليها تجب المسارعة بالخيرات والحسنات، فأين ذوو الهمة العالية، وقد دعوا إلى السباق؟ وأين طلابي السمو، وقد قرب اللحاق؟
وإذا كانت النفوس كباراً * * * تعبت في مرادها الأجسام
وبعد هذه الجولة السريعة في ربوع دار النعيم، فما زالت هناك ألوان وألوان من نعيم لا يخطر على البال، ولا يحيط به الخيال.
أُخيتي إذا كنت ممن يحب الطعام، إذا كنت من أصحاب المذاق الخاص للطعام، إذا كنت من عشاق الأناقة والذوق الرفيع، إذا كنت من عشاق الحلي والحلل، إذا كنت من عشاق الحرير.
-----------------------------------
المصادر:
1- هزة الإيمان: فريد مناع.
2- موقع الجنة: مقالات.
3- موقع وصف الجنة: مقالات.
4- نفحات القرآن.
5- صوت القرآن.
6- المسك الأذفر وصف الجنة والنار.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد