كيف وإن يظهروا عليكم


بسم الله الرحمن الرحيم

 

عندما بدأت الحملة الصليبية الأولى على مدينة الفلوجة قبل عدة أشهر قال أحدهم: (سوف أحول الفلوجة إلى ناجازاكي ثانية)، وفي هذه الأيام التي تشهد الحملة الصليبية الثانية على المدينة نفسها تحولت الفلوجة إلى مدينة أشباح باعتراف رئيس الهلال الأحمر العراقي، بعد أن استخدمت القوات المحتلة شتى صنوف الأسلحة المحرمة دولياً بحجة تنظيف المدن العراقية.

إن شواهد الحملة الصليبية على العراق بشكل عام، وعلى الفلوجة بشكل خاص لا تحتاج إلى كبير عناء لرصدها، لأن الغزاة قد عبروا عن ذلك بوضوح تام حيث كانوا حريصين على أداء طقوسهم الدينية قبل دخول الفلوجة، أما الصلبان فقد كانت معلقة على فوهات المدافع المصوبة إلى المدينة.

لقد تحولت الحملة الصليبية الثانية على الفلوجة إلى (غزوة أحزاب) جديدة ومعاصرة، اشترك فيها الصهاينة بجوار الصليبيين، وفي ذلك يقول الحاخام اليهودي ألسون وهو أحد حاخامات مدينة نيويورك: (نحن هنا لتوديع عدد من الجنود اليهود الذين لقوا حتفهم في الفلوجة).

كما دعا الحاخام عائلات الشباب اليهودي الأمريكي إلى إرسال أبنائهم للعراق لمحاربة أعداء الدين اليهودي، واعتبر أن القتال هناك ومساعدة الجيش الأمريكي في العراق أفضل كثيراً من العمل الديني في المعابد اليهودية.

ومهما يكن من أمر فإن ما يجري في العراق ما هو إلا صراع حضارات كما عبر عنه عدد من الساسة الغربيين، بدليل أن الحضارة الغربية قد حرصت على تحويل الفلوجة إلى مدينة أشباح مع انطلاقة عملية الشبح الغاضب الذي دنس المساجد وانتهك الحرمات وقتل الشيوخ والنساء والأطفال، هذه الصور القاتمة للحضارة الغربية تستدعي إلى الذهن موقف الإسلام الفاتح من الأمم الأخرى، وهو الموقف الذي أوضحته وبينته وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للفاتحين حيث أوصاهم - عليه الصلاة والسلام - بقوله: (اخرجوا باسم الله، فقاتلوا في سبيل الله عدو الله وعدوكم، إنكم ستدخلون الشام فستجدون رجالاً في الصوامع، معتزلين الناس، فلا تعرضوا لأحد منهم إلا بخير...لا تقتُلُن كبيراً ولا فانياً، ولا صغيراً، ولا تقتلن امرأة).

هذه الوصية النبوية التي احتوت أرحم الوصايا بالإنسان لكونه إنساناً بغض النظر عن دينه ولونه، قد سار عليها صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلفاؤه من بعده.

لقد كانت الفتوحات الإسلامية رحمة للإنسانية بشهادة المنصفين من أبناء الغرب، وفي ذلك يقول المستشرق فون كريمر: (كان العرب المسلمون في حروبهم مثال الخلق الكريم، فحرم عليهم الرسول قتل الرهبان، والنساء، والأطفال، والمكفوفين، كما حرم عليهم تدمير المزارع، وقطع الأشجار، و قد اتبع المسلمون في حروبهم هذه الأوامر بدقة متناهية، فلم ينتهكوا الحرمات، ولا أفسدوا المزارع، وبينما كان الروم يرمون بالسهام المسمومة، فإنهم لم يبادلوا أعداءهم جرماً بجرم، وكان نهب القرى وإشعال النار قد درجت عليها الجيوش الرومانية في تقدمها وتراجعها، أما المسلمون فقد احتفظوا بأخلاقهم المثلى، فلم يحاولوا من هذا شيئاً).

أما الصورة الأخرى للحملة الصليبية الحالية فهي انتهاك أعراض الحرائر من فتيات العراق العفيفات، من ذلك ما نقلته مفكرة الإسلام عن رسالة خطية جديدة أرسلتها إحدى المعتقلات في سجن \'أبو غريب\' كشفت فيها عن بعض بشاعة ما تتعرض له عفيفات العراق من اغتصاب وانتهاك للأعراض وسط صمت عربي وإسلامي وعالمي ليس له نظير!!

وهذا نصها (بسم الله الرحمن الرحيم [قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَم يَلِد وَلَم يُولَد * وَلَم يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ].. اخترت هذه السورة الكريمة من كتاب اللهº لأنها أشد وقعًا على نفسي ونفسكم ولها رهبة في قلوب المؤمنين خاصة.

إخوتي المجاهدون في سبيل الله.. ماذا أقول لكم؟! أقول لكم: لقد امتلأت بطوننا من أولاد الزنى من الذين يغتصبوننا من أبناء القردة والخنازير؟! أم أقول لكم: لقد شوهوا أجسادنا وبصقوا في وجوهنا ومزقوا المصاحف التي في صدورنا؟ الله  أكبر... هل أنتم لا تعقلون حالنا؟!! هل حقيقة أنكم لا تعلمون ما بنا؟!! نحن أخواتكم، سيحاسبكم الله يوم غد.

والله لم تمضِ ليلة علينا ونحن في السجن إلا وانقض علينا أحد القردة والخنازير بشهوة جامحة مزقت أجسادنا، ونحن الذين لم تفض بكارتنا خشية من الله، فاتقوا الله، اقتلونا معهم... دمرونا معهم، ولا تدعونا هكذا ليحلو لهم التمتع بنا واغتصابنا كرامة لعرش الله العظيم.. اتقوا الله فينا، اتركوا دباباتهم وطائراتهم في الخارج، وتوجهوا إلينا هنا في سجن \'أبو غريب\'.

أنا أختكم في الله [فاطمة]، لقد اغتصبوني في يوم واحد أكثر من 9 مرات، فهل أنتم تعقلون؟ تصوروا إحدى أخواتكم يتم اغتصابها! فلماذا لا تتصورون وأنا أختكم؟! معي الآن 13 فتاة كلهن غير متزوجات يتم اغتصابهن تحت مسمع ومرأى الجميع.

وقد منعونا من الصلاة، لقد نزعوا ثيابنا ولم يسمحوا لنا بارتداء الثياب.

وأنا أكتب لكم هذه الرسالة انتحرت إحدى الفتيات والتي تم اغتصابها بوحشية، حيث ضربها جندي بعد أن اغتصبها على صدرها وفخذها، وعذبها تعذيباً لا يصدق، فأخذت تضرب رأسها بالجدار إلى أن ماتت، حيث لم تتحمل، مع أن الانتحار حرام في الإسلام، ولكني أعذر تلك الفتاة أرجو من الله أن يغفر لهاº لأنه أرحم الراحمين.

إخوتي أقول لكم مرة أخرى: اتقوا الله، اقتلونا معهم لعلنا نرتاح، وامعتصماه.. وامعتصماه.. وامعتصماه\'.

وهذه قصة أخرى لفتاة عراقية اسمها \"نادية\" التي كانت إحدى ضحايا قوات المرتزقة الأمريكيين في معتقل أبو غريبº حيث بدأت \"نادية\" روايتها بالقول: \"كنت أزور إحدى قريباتي ففوجئنا بقوات الاحتلال الأمريكية تداهم المنزل وتفتشه لتجد كمية من الأسلحة الخفيفة فتقوم على إثرها باعتقال كل من في المنزل بمن فيهم أنا، وعبثاً حاولت إفهام المترجم الذي كان يرافق الدورية الأمريكية بأنني ضيفة، إلا أن محاولاتي فشلت. بكيت وتوسلت وأغمي علي من شدة الخوف أثناء الطريق إلى معتقل أبو غريب\".

وتكمل نادية: \"وضعوني في زنزانة قذرة ومظلمة وحيدة وكنت أتوقع أن تكون فترة اعتقالي قصيرة بعدما أثبت التحقيق أنني لم ارتكب جرماً.. اليوم الأول كان ثقيلاً ولم أكن معتادة على رائحة الزنزانة الكريهة إذ كانت رطبة ومظلمة وتزيد من الخوف الذي أخذ يتنامى في داخلي بسرعة.. كانت ضحكات الجنود خارج الزنزانة تجعلني أشعر بالخوف أكثر، وكنت مرتعبة من الذي ينتظرني، وللمرة الأولى شعرت أنني في مأزق صعب للغاية وأنني دخلت عالماً مجهول المعالم لن أخرج منه كما دخلته.. ووسط هذه الدوامة من المشاعر المختلفة طرق مسامعي صوت نسائي يتكلم بلكنة عربية لمجندة في جيش الاحتلال الأمريكي بادرتني بالسؤال: \"لم أكن أظن أن تجار السلاح في العراق من النساء\".

وما إن تكلمت لأفسر لها ظروف الحادث حتى ضربتني بقسوة فبكيت وصرخت \"والله مظلومة.. والله مظلومة\".. ثم قامت المجندة بإمطاري بسيل من الشتائم التي لم أتوقع يوماً أن تطلق علي تحت أي ظروف، وبعدها أخذت تهزأ بي وتروي أنها كانت تراقبني عبر الأقمار الاصطناعية طيلة اليوم، وان باستطاعة التكنولوجيا الأمريكية أن تتعقب أعداءها حتى داخل غرف نومهم!.. وحين ضحكت قالت: \"كنت أتابعك حتى وأنت تمارسين الجنس مع زوجك! \" فقلت لها بصوت مرتبك: أنا لست متزوجة. فضربتني لأكثر من ساعة وأجبرتني على شرب قدح ماء عرفت فيما بعد أن مخدراً وضع فيه، ولم أفق إلا بعد يومين أو أكثر لأجد نفسي وقد جردوني من ملابسي، فعرفت على الفور أنني فقدت شيئاً لن تستطع كل قوانين الأرض إعادته لي، لقد اغتصبت. فانتابتني نوبة من الهستيريا وقمت بضرب رأسي بشدة بالجدران إلى أن دخل عليّ أكثر من خمسة جنود تتقدمهم المجندة وانهالوا عليّ ضرباً وتعاقبوا على اغتصابي وهم يضحكون وسط موسيقى صاخبة.. ومع مرور الأيام تكرر سيناريو اغتصابي بشكل يومي تقريباً وكانوا يخترعون في كل مرة طرقاً جديدة أكثر وحشية من التي سبقتها\".

وتضيف في وصف بشاعة أفعال المجرمين الأمريكيين: \"بعد شهر تقريباً دخل عليّ جندي زنجي ورمى لي بقطعتين من الملابس العسكرية الأمريكية وأشار عليّ بلهجة عربية ركيكة أن أرتديها، واقتادني بعدما وضع كيساً في رأسي إلى مرافق صحية فيها أنابيب من الماء البارد والحار، وطلب مني أن أستحمّ وأقفل الباب وانصرف. وعلى رغم كل ما كنت أشعر به من تعب وألم وعلى رغم العدد الهائل من الكدمات المنتشرة في أنحاء متفرقة من جسدي إلا أنني قمت بسكب بعض الماء على جسدي، وقبل أن أنهي استحمامي جاء الزنجي فشعرت بالخوف وضربته على وجهه بالإناء فكان رده قاسياً، ثم اغتصبني بوحشية وبصق في وجهي وخرج ليعود برفقة جنديين آخرين فقاموا بإرجاعي إلى الزنزانة، واستمرت معاملتهم لي بهذه الطريقة إلى حد اغتصابي عشر مرات في بعض الأيام، الأمر الذي أثر على صحتي\"!

وتكمل نادية كشف الفظائع الأمريكية ضد نساء العراق: \"بعد أكثر من أربعة شهور جاءتني المجندة التي عرفت من خلال حديثها مع باقي الجنود أن اسمها ماري، وقالت لي: إنك الآن أمام فرصة ذهبية فسيزورنا اليوم ضباط برتب عالية فإذا تعاملت معهم بإيجابية فربما يطلقون سراحك، خصوصاً أننا متأكدون من براءتك\". فقلت لها: \"إذا كنت بريئة لماذا لا تطلقون سراحي؟! \"فصرخت بعصبية: \"الطريقة الوحيدة التي تكفل لك الخروج هو أن تكوني ايجابية معهم! \".

وأخذتني إلى المرافق الصحية وأشرفت على استحمامي وبيدها عصى غليظة تضربني بها كلما رفضت الانصياع لأوامرها، ومن ثم أعطتني علبة مستحضرات تجميل وحذرتني من البكاء حتى لا أفسد زينتي، ثم اقتادتني إلى غرفة صغيرة خالية إلا من فراش وضع أرضاً، وبعد ساعة عادت ومعـها أربعة جنود يحملون كاميرات وقامت بخلع ملابسها، وأخذت تعتدي عليّ وكأنها رجل وسط ضحكات الجنود ونغمات الموسيقى الصاخبة والجنود الأربعة يلتقطون الصور بكافة الأوضاع ويركزون على وجهي وهي تطلب مني الابتسامة وإلا قتلتني، وأخذت مسدساً من أحد رفاقها وأطلقت أربع طلقات بالقرب من رأسي وأقسمت بأن تستقر الرصاصة الخامسة في رأسي، بعدها تعاقب الجنود الأربعة على اغتصابي الأمر الذي أفقدني الوعي واستيقظت لأجد نـفسي في الزنزانة وآثار أظفارهم وأسنانهم ولسعات السيجار في كل مكان من جسدي\"!

وتتوقف نادية عن مواصلة سرد روايتها المفجعة لتمسح دموعها ثم تكمل: \" بعد يوم جاءت ماري لتخبرني بأنني كنت متعاونة وأنني سأخرج من السجن ولكن بعدما أشاهد الفيلم الذي صورته\"! وتضيف: \"شاهدت الفيلم بألم وهي تردد (لقد خلقتم كي نتمتع بكم) هنا انتابتني حالة من الغضب وهجمت عليها على رغم خشيتي من رد فعلها، ولولا تدخل الجنود لقتلتها، وما إن تركني الجنود حتى انهالت علي ضرباً ثم خرجوا جميعهم ولم يقترب مني أحد لأكثر من شهر قضيتها في الصلاة والدعاء إلى الباري القدير أن يخلصني مما أنا فيه.. ثم جاءتني ماري مع عدد من الجنود وأعطوني الملابس التي كنت أرتديها عندما اعتقلت وأقلوني في سيارة أمريكية وألقوا بي على الخط السريع لمدينة أبو غريب ومعي عشرة آلاف دينار عراقي.. بعدها اتجهت إلى بيت غير بيت أهلي كان قريباً من المكان الذي تركوني فيه ولأنني أعرف رد فعل أهلي آثرت أن أقوم بزيارة لإحدى قريباتي لأعرف ما آلت إليه الأوضاع أثناء غيابي فعلمت أن أخي أقام مجلس عزاء لي قبل أكثر من أربعة أشهر واعتبرني ميتة، ففهمت أن سكين غسل العار بانتظاري، فتوجهت إلى بغداد وقامت عائلة من أهل الخير بإيوائي وعملت لديهم خادمة ومربية لأطفالهم\"!

وتتساءل نادية بألم وحسرة ومرارة: \"من سيشفي غليلي؟ ومن سيعيد عذريتي؟ وما ذنبي في كل ما حصل؟ وما ذنب أهلي وعشيرتي؟ وفي أحشائي طفل لا أدري ابن من هو؟ \"؟!

إن إحراق المساجد وانتهاك حرمات بيوت الله وقتل الأبرياء وهتك الأعراض من لوازم ثقافة أصحاب الجحيم، كلما ظهروا على الأمة المسلمة، وفي ذلك يقول الحق - سبحانه وتعالى -: (كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلاً ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون).

أما سبب عداوتهم للأمة المسلمة فقد ذكره الله - سبحانه وتعالى - حيث قال: (لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة وأولئك هم المعتدون)، قال العلامة ابن سعدي في تفسيره: (فالوصف الذي جعلهم يعادونكم لأجله ويبغضونكم هو الإيمان، فذبوا عن دينكم، وانصروه، واتخذوا من عاداه عدواً، ومن نصره لكم ولياً، واجعلوا الحكم يدور معه وجوداً وعدماً، لا تجعلوا الولاية والعداوة طبيعة تميلون بها حيث مال الهوى وتتبعون فيها النفس الأمارة بالسوء).

هذا والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply