بسم الله الرحمن الرحيم
هي قصتي أنا ولا أحد سواي .. قصتي وقد حدثت لي في هذا الزمان .. في بيتنا بل في غرفة بعيدة عن الأنظار.. وأمام شاشة الكمبيوتر..
قصتي التي عايشتها في يقظتي لا في الأحلام.. ومرت بي ومازالت آثارها تعود علي بين الحين والآخر.. أو بالأحرى، مازلت لحد الآن أعيشها..
نعم.. أعترف: أدمنت.. أدمنت بسبب شيء اسمه إنترنت.. وعبر تصفحي للمواقع المختلفة.. ولجت بحار الإدمان.. وغرقت فيها.. إلى حد الآن!
بدأت قصتي عندما أدخل أخي الأكبر النت إلى بيتنا.. لم أكن في بادئ الأمر أعلم حتى كيف أتصل.. وبعد أن تعلمت كيفية الإتصال من أخي.. دخلت الشبكة..
لم يكن الأمر سهلا بالنسبة لي كأول مرة.. لم أعرف أين أذهب.. ولا كيف أجد ما أبحث عنه.. كل ما كنت أعرفه أن أخي إذا جلس أمام الشاشة، حادث أناسا من بقاع شتى من العالم.. وقد كنت صغيرة لا أفقه مثل هذه الوسائل.. فكنت أقف من بعيد أتعجب من ذلك.. وبعد أن فشلت في أن أجد ولو صفحة واحدة-بسبب جهلي-تركت ذلك العالم المجهول، لكن ليس للأبد.. !
مرت الأيام ثم السنون،، انتقلنا إلى منزل جديد، تغيرت معه مجريات حياتي كلها..
في بيتنا الجديد، والذي سبقني إليه النت، بدأت أصول وأجول في هذا العالم العجيب.. قد كنت أغوص فيه فأنسى ما حولي كلية.. حتى إني لا أفيق من غيبوبتي إلا بعد منتصف الليل..
كانت أمي تحذرني كثيرا من فاتورة الهاتف، فكنت أعي قولها ثم لا أحس بنفسي إلا وأنا أمام الشاشة ومع النت!!
بدأت في الأول ببعض الحرص، كنت أضع حسابا لمدة الإتصال، ثم شيئا فشيئا وجدت نفسي أجلس الساعات الطوال من غير أن أدري!
ثم انتهى بي الأمر إلى أن أصبحت في عالم الإدمان، وعن إدماني لا تسأل..
أود قبل ذلك أن أذهب بعيدا، بعد أن انقطعت عن النت، وصراحة لم يكن ذلك توبة مني بل بسبب أهلي الذين قطعوا عني الهاتف نهائيا بسبب الفاتورة، بعد أن غرقت في عالم الإدمان أربعة أشهر كاملة، قد جرت لي من المشاكل ما الله عليم به..
بعد سبعة أشهر من انقطاعي، أعيد خط الهاتف إلى البيت وطبعا، عدت إلى النت.. وهذه المرة، أدمنت ولكن في ميدان آخر هو أشد من الأول..
وكان لي أخ مغترب، لم يكن يعلم الكثير من الإنترنت.. وذات يوم، بينما هو يقلب في ملفات الحاسوب، عثر على الملفات الخاصة بي، فكانت كالمغناطيس، جبذته بقوة، فأخذ يتأمل فيها طويلا..
ولما علمت بالأمر، قلت له: أنت لم تر شيئا بعد، سأحمل لك الكثير منه.. وسترى ماذا يحل بك.. !
فعلت ما وعدته به، فإذا به يجلس أمام الكمبيوتر ساعات طويلة، ويرفض أن يدخل عليه أحد، حتى أنا! نعم، أنا السبب، لم أسعد إلا وقد أغرقت أخي فيما كنت أنا غريقة فيه.. فها أنا الآن أدعي أني قد تركت تلك الأشياء، ولكني دللت أخي عليه، والدال على الشيء كفاعله.. فأصبحت الآن كأني، وفي وقت واحد، أدمن مرتين.. وفي مجالين مختلفين..
أعود بكم مرة أخرى، حيث أقص عليكم ما كان في الأربعة أشهر الأولى..
التلفاز، كان هو السبب في كل شيء، السبب المباشر في كل ما مر من عمري سابقا، والسبب الغير المباشر لما أنا فيه اليوم، رغم أني تركته..
كنت أشاهد قناة فضائية معروفة، برنامج مختص بمواقع الإنترنت، قد كان يحاول أن يقوم في كل مرة بجولة سريعة في أحد المواقع المشهورة، وكنت-كعادتي-أدون ما يعرض من عناوين في مفكرتي، ثم ما علق في ذهني من أفكار عن موقع ما، أحاول أن أجربه.. وهكذا حصل.. !
لم أعد أعي ما حولي.. !
أحلام كبيرة، وخيال واسع، إلى أن انفصلت تماما عن الواقع، وسرحت بعيــــــــدا.. في عوالم أخرى..
بدأت أتصفح وأتجول ولا أستطيع الخروج، وكأن شيئا قد أوثق الرباط علي، كل يوم أحمل العشرات من الصفحات، وهكذا أدمنت..
صدقوني، لم يكن الأمر بيدي، فقد كان ذلك في نظري أروع شيء في الحياة..
حسبت أني ذكية، فكنت أحمل الصفحات ثم أعود إليها لأراها لوحدي، خفية عن الجميع.. وهكذا سولت لي نفسي..
في دراستي، كنت المتفوقة دائما، ومكانتي مصانة عند الجميع.. ولكن!
بعد أن ولجت الشبكة، لم يمر علي إلا شهر حتى تركت الدراسة.. وبعد جهد جهيد-غصبا عني-أعادوني إليها.. كان في ذاكرة الحاسوب معظم صفحات الموقع الذي أدمنته.. وبالتالي، فقد كنت إذا تعرفت على زميلة جديدة، عمدت إليه فأطبع منه الكثير منها ثم أعطيها إياها.. وهكذا انتشرت تلك الصفحات حتى غزت الثانوية، فما كادت تسلم منها لا طالبة سنة أولى ولا أخيرة.. بل قد وقعت مرة بين يدي أستاذ!!.. كل ذلك، وصاحبها الأول-أي أنا-مجهول إلا عند بعضهن.. !
وتلقيت تحذيرات كثيرة، ولكني لم أنته.. بل على العكس..
ونهيت عن ذلك مرات، ونصحوني أنني أتأثر كثيرا بذلك أثناء دراستي.. فلم أنتصح..
.. ربي الوحيد العلم بما أنا فيه الآن... تحسبونه من التعاسة والشقاء؟
كلا والله، بل من السعادة والهناء..
تتعجبون لذلك؟!.. كانت تلك القناة، قناة المجد، برنامج المستكشف، وإن ذلك الموقع الذي حدثتكم عنه هو موقع \" صيد الفوائد\" \" http://www.saaid.net/ \"، جزى الله القائمين عليه خير الجزاء، وقد أدمنت في قسم \" للنساء فقط \"، فقد قلب لي حياتي، وجرت علي من المحن والعقبات ما الله به عليم، فلحد الآن الكل يعارضني على التزامي، فهذا شأن كل ملتزم، وخصوصا حجابي، بحكم ندرة المتحجبات عندنا.. ولولا أن أجرى الله هدايتي على يد القائمين على هذا الموقع، لما شعرت بالسعادة التي أن فيها..
فقد كنت أظن نفسي مهداة قبل ذلك، أتبع أيا كان ممن يقول أنا داعية مسلم، وأغتر بأي موقع به كلمة إسلام، وكم هي كثيـــرة ولكن.. !
فإذا بي أجد نفسي اقتربت من شفا جرف هار، فأنقذني ربي من كل ذلك بهذا الموقع!
فلو دعوت الله صبح مساء وفي كل سجدة، بل في كل حركة، للقائمين على هذا الموقع لما وفيتهم حقهم.. وحسبهم بأن الله يجعلني وصويحباتي في ميزان حسناتهم..
صرت أشعر حقا بأنني درة مكنونة وجوهرة مصونة..
وأما عن تركي للدراسة حينها فقد كان للإختلاط والسفور..
ولما رجعت- مكرهة-، لم آل جهدا ولله الحمد في أن أعرف البنات ما قد عرفت، فصرت أنشر المواضيع بين البنات، وأحاول أن أشعرهن بعض سعادتي.. كل ذلك من دون إذن صاحب الموقع!، ولست أظنه يعارض ..
وأخي، قد أغرقته في قسم القصص، \"وإن في قصصهم لعبرة\"، فقد كانت تؤثر فيه كثيرا حتى البكاء، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وأما الآن، فقد أدمنت الدعوة إلى الله في المنتديات، ولله الحمد والمنة، وطبعا كل ذلك من الأفكار التي استقيتها من الموقع، فقد وفى- جزاه الله خيرا- في شحذ الهمم وتهيئة النفوس للدعوة، وأخرجني من دائرة اسمها \"استقيمي أنت أولا ثم بعد ذلك ادعي إلى الله\"..
وأخيرا أقول لصاحب هذا الموقع، هنيــــئا لكم!.. لأني متأكدة من وجود العشرات أمثالي.. قد يسر الله لهن الهداية ثم الدعوة إليه عبر موقعكم..
وأخيرا، أوصي كل من يلج هذا الموقع أو حتى يسمع عنه أن يدعو له بجزيل الأجر والمثوبة، ومزيد من الهداية والتوفيق، وأن يجعله في ميزان حسنات صاحبه يوم لا دينار ولا درهم..
اللهم اهد شباب المسلمين إلى مثل هذه المواقع، وأبعدهم عن مواطن الشبه والمحرمات.. اللهم طهر قلوب فتيات المسلمين من أدران التحضر الزائف، واجعلهن تائبات عائدات متبعات لا مبتدعات.. آمين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد