بسم الله الرحمن الرحيم
قبل أن أرحل إلى سريري لأنام، أمسكت الكتاب، وقرأت قصة رجل من الصالحين اسمه الفضيل بن عياض كان لصا، ثم أصبح إماما للحرمين الشريفين، وعالما عظيما من علماء الإسلام، تأثرت بها كثيرا، ثم نمت بعد أن أنهيت قراءة القصة، وإذا بي كأني مع الفضيل في قريته أعيش معه، وكأن تسجيلا لأحداث الماضي يمر أمام عيني، وأنا أعيش هذه الأحداث.
دخلت القرية، أبحث عن الفضيل، فوجدت رجلا قويا واقفا، فسألته: أتعرف أين الفضيل؟ فنظر لي شزرا، وقال: تسأل عن الفضيل؟ قلت: نعم. فإذا شرر يخرج من عينيه، فعلمت أنه لا يحبه، فقلت له: أنا أسأل عنه، ولكني لا أعرفه.
فقال: إياك والفضيل، فإنه سارق وقاطع طريق، يقف للقوافل بالليل، ممسكا فأسا وسكينا، فيأخذ من الناس ما معهم، وإلا فالويل لهم.
فقلت له: هل له بيت؟ قال: نعم، هو في هذه الناحية.
وكان الوقت ليلا، فإذا بي أمر على بيت وأسمع صوت من بالداخل، إنها أم تريد من ولدها أن ينام، ولكنه يرفض النوم، فقالت له: إن لم تنم أتيت لك بالفضيل. فخاف الولد، وقال: لا لا، سأنام يا أمي.
فسرت في القرية، وإذا برجل ينادي: لقد تاب الفضيل، لقد تاب الفضيل، وإذا بجمع غفير من الناس يأتي من كل مكان، يهتف: الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله، الحمد لله.
وإذا بالأصوات تتداخل، وتخاطب المنادي، ويقول أحدهم: لكن كيف تاب؟! ويقول ثان: أخبرنا كيف تاب الفضيل؟.
فقال الرجل: تمهلوا يا قوم، سأخبركم كيف تاب الفضيل.
ذهب الفضيل إلى بيت رجل ووقف أمامه، وتسلق الجدار بسلم، فأطل ونظر، فوجد صاحب البيت رجلا كبير السن، يجلس أمام مصحف، مستقبلا القبلة، وأمامه سراج صغير، وهو يتلو آيات القرآن الكريم من سورة الحديد، فإذا بآية يسمعها الفضيل تؤثر فيه، إنه سمع الرجل يتلو قوله - تعالى -: (أَلَم يَأنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخشَعَ قُلُوبُهُم لِذِكرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِن الحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبلُ فَطَالَ عَلَيهِم الأَمَدُ فَقَسَت قُلُوبُهُم وَكَثِيرٌ مِنهُم فَاسِقُونَ) [الحديد: 16] فنظر الفضيل إلى السماء وقال: يا رب! إني أتوب إليك من هذه الليلة، ثم نزل فاغتسل ولبس ثيابه وذهب إلى المسجد يبكي، فتاب الله عليه.
فهلل الناس فرحين، وأسرعوا إلى بيت الفضيل، وأسرعت معهم، وظل الناس يطرقون الباب، ولكني استيقظت على أذان الفجر.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد