بسم الله الرحمن الرحيم
لقد كان مقتل القائد (خطّاب) - رحمه الله تعالى - فاجعة ومصيبة أصيبت بها الأمة، نسأل الله - عز وجل - أن يتقبله من الشهداء، ولما كان الأمر كذلك كثر اللغط بين الناس..فمن مكذّب للخبر إلى متهمٍ, لحرس القائد خطاب بالخيانة إلى غير ذلك من التحليلات والتفسيرات، لذلك رأينا أن من واجبنا تجلية هذا الأمر بوضوح حتى ينشغل الشباب بما ينفع أمتهم وبما هو أهم والله المستعان، وفي الرسالة التالية للقائد \" أبو الوليد\" توضيح وبيان لملابسات مقتل القائد (خطّاب) - رحمه الله تعالى - وتقبله من الشهداء ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله
فهذه قصة استشهاد القائد خطاب - يرحمه الله -...
لقد خطط أعداء الله لهذه العملية الجبانة لمدة سنة وهذا باعترافهم بأنفسهم وأظن ذلك صحيحاً لأن أحد المتهمين بقتل (خطاب) - رحمه الله - لم يكن له إلا سنة واحدة يعمل مع خطاب - رحمه الله - وقد كان كثيراً من الإخوة يحذرون منه وأنه يعمل مع الاستخبارات وتأكد هذا الأمر من أكثر من جهة بل إن صاحبه الذي يعمل معه المتهم الثاني لم ينكر ذلك وقال عمله هذا فقط من أجل الطريق وإدخال الأغراض الخطيرة وأكد هو بنفسه أنه لا يعمل معهم أي مع الاستخبارات موالاة لهم وإنما من أجل خدمة المجاهدين.
وكان (خطّاب) - رحمه الله - حُذر جداً في التعامل معهما فكان لا يتقابل معهما إلا نادراً جداً وفي مكان بعيد عن مكان تواجده هذا، كان في بداية الأمر وكان الاعتماد عليهما في إحضار الأغراض قليل وذلك لوجود من يحضر الأغراض من الخارج وأكثر ثقة من هذين الشخصين رغم أنهما أسرع من يحضر هذه الأمور وأكثر قدرة وجرأة من غيرهما واستمر الوضع على هذا الحال لعدة أشهر أظهرا خلال هذه الفترة تعاوناً كبيراً وعرفا خلالها كل الطرق التي من خلالها ندخل أمور كثيرة أخرى فبلّغوا عن هذه الطرق وعن المتعاونين معنا الذين يأتون لنا بالأغراض من الخارج فأغلقت هذه الطرق كلها وقُبض على أكثر المتعاونين معنا ولم يبقى إلا هذا الطريق مع هذين الشخصين، وزادت الشكوك وعدم الثقة فيهما وحذر الإخوة أخونا خطاب مرة ثانية منهما ولكنه كان يقول - رحمه الله - لو يريدان أن يعملا شيء لعملاه منذ سنة ورغم هذا سأكون حذراً إن شاء الله وكان يظن خطرهما يكمن في تبليغ العدو عن مكان تواجده ولكنهما أتياه من مأمن أخزاهما الله، واستمر الوضع بهذه الطريقة يأتيانه بالأموال والرسائل والأجهزة ألاسلكية من البلد المجاور وعندما جاء الموعد الذي تواطئوا عليه وضعوا له سماً قوياً في إحدى الرسائل المرسولة من أحد الإخوة العرب في البلد المجاور وكانت هذه الرسالة مرسولة من قبل وكانت في حوزتهم وذلك أن تاريخ هذه الرسالة لم يكن مطابقاً للرسائل التي جاءت معها بل أقدم منها بأكثر من أسبوعين مع العلم أن الكاتب واحد، واحضروا هذه الرسائل مع بعض الأغراض وسلموها لحرس (خطاب) وقالوا لهم إن فيها رسائل مهمة جداً يجب أن تصل إلى (خطاب) بأسرع وقت وفعلاً أخذ الحرس الأغراض والرسائل وخاطروا بأنفسهم من أجل إيصال الرسائل في أسرع وقت ووقعوا في كمين قُتل فيه أحد الإخوة المجاهدين وتركوا كل الأغراض وأخذوا الكيس الذي فيه الرسائل فقط لظنهم أن فيه رسائل مهمة وما علموا أن فيه مصير قائدهم وحبيبهم، ووصلوا إلى خطاب وكعادته - يرحمه الله - بدأ يقلب الرسائل وأخذ التي مكتوبة بالعربي وهذه الرواية ينقلها لي ألإخوة الذين كانوا مع خطاب - رحمه الله - فيقولون:
عندما فتح خطاب الرسالة لاحظنا أن الرسالة ليست كالرسائل العادية لأن عليها مثل الغشاء البلاستيكي وكنا نظن أن هذا الورق من النوع الراقي وقلنا له مازحين أكيد هذه الرسالة من ناس كبار مع أن الشك يساورنا لأن ورقها غير طبيعي وكنا نريد أن ننبهه على ذلك ولكن نحن نعلم أنه أفهم وأعرف منا في هذه ألأمور ولكن إذا حضر الأجل عمي البصر، وكان - رحمه الله - يقرأ الرسالة وهو يأكل مما جعل السم يدخل إلى جوفه مباشرة وبعد عدة دقائق بدأ يشعر بدوران وبغشاوة على عينيه وكان يظن ذلك من أثر الصيام لأنه كان صائماً في نهار ذلك اليوم ثم ذهب إلى الفراش ليأخذ قسطاً من الراحة ثم عاد بعد بعض الوقت ليقرأ الرسالة مرة ثانيه ولكنه لم يعد يرى الكتابة بوضوح وشعر بإرهاق شديد جداً ثم نام إلى الصباح وبعد صلاة الفجر بدأ يشعر بضيق التنفس وعدم وضوح الرؤية وقال للذين معه أجمعوا الأغراض حتى لو حصل أي شيء نتحرك بسرعة وهذه عادت كل المجاهدين فجمع أمير الحرس الأغراض والرسائل بما فيها تلك الرسالة المسمومة وجاء وقت صلاة الظهر فلم يستطع أن يأم الإخوة في الصلاة وقدم أمير حرسه في الصلاة وبعد انتهاء الصلاة اشتد به الألم ثم سجد وبدأ يردد:
لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله
ثم سكت وغاب عن وعيه - رحمه الله - ثم اتصل أمير الحرس بأحد الإخوة الأنصار ليرى الأمر وعندما حضر هذا الأخ بدأ يرقيه بالقرآن وقال يجب استدعاء الطبيب وهو أحد المجاهدين الأنصار وعندما حضر هذا الطبيب من مسافة بعيدة ومن مكان خطير ورأى (خطاب) - رحمه الله - وكان العرق يتصبب منه بشكل كثيف جداً ورأى منه أعراض أخرى فعرف أنها أعراض تسمم فسأل الإخوة ما الذي أكل فأخبروه أنهم أكلوا جميعاً من إناء واحد وشربوا من إبريق واحد وأنه لم يتفرد عنهم بطعام أو شراب من مدة ليست بالقصيرة ولكنهم مباشرة تذكروا الرسالة فراءها الطبيب وأكد أنها مسمومة وأمر من لمس الرسالة بغسل يده جيداً وقال إن (خطاب) في حالة خطيرة جداً ويجب له عملية غسيل معده ولكن من سيقوم بهذه العملية وأين؟ لقد كان الإخوة في موقف صعب جداً ولا يعرفون ماذا يفعلون فأميرهم وقائدهم وأحب الناس إليهم يلفظ أنفاسه بين أيديهم ولا يستطيعون تقديم أي شيء له وماذا عساهم أن يفعلوا وهم في الغابات لا مستشفى ولا دواء ولكن أحدهم اتصل بجهاز اللاسلكي وسأل عن دواء ضد التسمم ولكنه لم يجد وفي هذا الوقت أسلم (خطاب) - رحمه الله - الروح إلى باريها في هدوء وطمأنينة نسأل الله أن يتقبله في عداد الشهداء وألا يحرمنا أجره ولا يفتنا بعده وأن يعوضنا خيراً منه.
وفي صبيحة اليوم الثاني دفنوه - رحمه الله - في مكان آمن وتعاهدوا فيما بينهم ألا يخبروا أحداً باستشهاده قبل أن يخبرونني كما تعاهدوا أيضاً ألا يخبروا أحداً غيري بمكان قبره، وما زالوا على هذا العهد ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ونسأل الله - عز وجل - أن يثبتهم وألا يبدلوا.
وفي صبيحة اليوم الثاني من دفنه - رحمه الله - بدأت ألإنزالات والقوافل الروسية تتدفق على المنطقة بشكل كثيف جداً وبدأوا بالتفتيش في كل مكان وبشكل دقيق جداً لأكثر من أسبوعين وفي أثناء هذا التفتيش كان أثنين من الإخوة الذين يعرفون مكان القبر يتسللان ليموهان القبر لأنه كان في تلك الفترة أمطار كثيرة مما أدى إلى نزول القبر ألأمر الذي ربما يؤدي إلى كشف القبر، ولم تكن هذه الحملة في هذا الوقت بالذات مجرد حملة عادية ككل الحملات السابقة بل هي امتداد لعملية اغتيال القائد (خطاب) والله - تعالى - أعلم وذلك لعدة أمور منها أن السم كان من المفروض أن يكون مفعوله بعد ثلاثة أيام وهذا ما حصل بالفعل لأمير الحرس فقد تأثر في هذا الوقت وبدأت معه تلك الأعراض من عدم وضوح الرؤية وضيق التنفس على الرغم من أنه لمس الرسالة فقط عندما جمع الرسائل كما ذكرنا أنفاً ولكنه ذهب بعد إصرار ألإخوة عليه إلى أحد الأطباء المتعاونين معنا في أحدى المدن البعيدة وأخبره الطبيب أن في دمه سم ويجب أن يتعالج بأسرع وقت، كذلك من تلك ألأمور أن الروس عندما أعلنوا عن استشهاد (خطاب) - رحمه الله - ذكروا تاريخ يوم استشهاده مع العلم أنهم لم يتأكدوا من استشهاده إلا عندما وقع الشريط في أيديهم بعد ثلاثة أسابيع تقريباً كما سنذكر إنشاء الله - تعالى -.
وهذا ألأمر يدل على أنهم كانوا يريدون القبض على (خطاب)عندما يكون عاجزاً عن الحركة من أثر السم وذلك بعد أن عجزوا ولم يستطيعوا القبض عليه أو قتله وهو بصحته فكم من المرات حاصروه بآلاف الجنود وفق معلومات أكيده بمكان تواجده ولكن الله - عز وجل - يخرجه من بين أيديهم في كل مرة سالماً غانما فله الحمد والشكر، ولكن لكل أجل كتاب.
وبعد انتهاء التفتيش في تلك المنطقة اتصل بي أحد الإخوة وقال لي (خطاب) يقول لك تعال بأسرع وقت هو يحتاجك ضروري جداً ومباشرةً تحركت ووصلت إلى المنطقة التي تركته بها من قبل، وإذا بي أفاجئ بخبر كالصاعقة نزل علي ولم أصدق أبداً و والله لا أستطيع أن أصف شعوري في تلك اللحظات العصيبة و والله ما أتذكر أنني سمعت خبراً في حياتي أشد عليه من هذا الخبر......
وفي هذا اليوم أعلن الروس مقتل (خطاب) وذلك قبل أن أعرف الخبر بساعة واحدة فقط وعندما تقابلت مع الإخوة وأخبروني القصة بالتفصيل وشاهدت الفلم وأخذت بقية الرسائل. وكان من بين الرسائل رسالة من الشخصين المتهمين فيها عنوان لهما ورقم تلفون وهذه أول مرة يفعلان هكذا! !
ومباشرة أعلنت عدم صحة خبر استشهاد (خطاب) وذكرت للإخوة في المخابرة أن هذا الأمر إشاعات مثل العادة وطلبت منهم أن يخبروا الإخوة الذين في البلد المجاور الذين أرسلوا الرسائل أن (خطاب) يقول لهم أن الرسائل التي أرسلت مؤخراً لم تصل إليه لأن ألإخوة الذين كانت معهم الرسائل وقعوا في كمين وفقدوا الرسائل فإذا كان في الرسائل شيء مهم فأرسلوا غيرها، وكنت على يقين أن العدو يسمعني وهذا الذي كنت أريد وتوقف العدو بعد ذلك عن الحديث عن مقتل (خطاب) وظنوا أن الرسائل فعلاً لم تصل إليه ولكن عندهم شك كبير وذلك بسبب أن الإخوة تكلموا بالمخابرة وطلبوا دواء للتسمم كما ذكرنا من قبل.
وكنت أسعى من وراء هذا العمل أن أطمئن المتهمين ليحضرا ونحن أرسلنا لهما خبر بأن (خطاب) يطلبهما لعمل مهم ولكنهما كانا مختفيين وطلب مني الإخوة أن أرسل أشخاص إلى العنوان الذي كتباه أو نتصل على ذلك التلفون ولكني رفضت ذلك لأني كنت مدرك أنهما كتبا العنوان ورقم التلفون من أجل أن يتأكدا أن الرسالة قد وصلت إلى خطاب وإلا من أين لنا بالعنوان ورقم التلفون وكانت هذه حيلة من الاستخبارات ولكنها ولله الحمد لم تنطلي علينا..
وبعد أيام قليلة ظهر هذان الشخصان من جديد في البلد المجاور ولكنهما خائفان من المجيء إلينا فالشك لا يزال يساورهما وقالا للمرسول إذا كان (خطاب) فعلاً يريدنا فليكتب لنا رسالة يطلب منا فيها المجيء وهذا الأمر ليس من عادتهما أبدا، فأرسلت عن طريقهما رسائل كان خطاب - رحمه الله - قد كتبها قبل استشهاده بأيام وأرسلت مع هذه الرسالة خبر باسم (خطاب) أنكما إذا لم تأتيا بسرعة فسوف أقطع التعامل معكما وبعد وصول هذا الخبر لهما وعدا بالمجيء خلال أسبوع وفي هذا الوقت أمرت الإخوة بأن يواصلوا كتمان الخبر وأن يدفنا الشريط والرسالة حتى يأتي المتهمان ونقبض عليهما فالخطة تسير كما نريد..
وتحركت إلى منطقة ثانية لأرتب فيها بعض ألأمور حتى يحضر هذان الشخصان ولكن أمير الحرس غفر الله لنا وله أجتهد وأخذ الشريط والرسالة وبقية أغراض (خطاب) وذهب بها إلى قرية مجاورة لا يوجد فيها تفتيشات كثيرة والمتهمان وعدا بالمجيء إليها وفي الطريق وقع في كمين وقتل - رحمه الله - واُخذ الشريط والرسالة وبقية ألأغراض ولا حول ولا قوة إلا بالله وهكذا تأكد أعداء الله من مقتل (خطاب) - رحمه الله - ولم يأتي المتهمان وعرفا ماذا ننوي ولكن أحدهما قتله ألأبطال في تلك البلاد البعيدة وأما الأخر فإلى الآن لم نجده ومطاردته مستمرة وسوف يلحق بأخيه هو وبوتن بإذن الله - تعالى – ولو بعد حين.
هذه قصة استشهاد القائد البطل المغوار (خطاب) - رحمه الله - تعالى - وتقبله في عداد الشهداء ربما يسأل سائل لماذا (خطاب) لم يقتنع بكلام المجاهدين من حوله ويبتعد عن هذين الشخصين فأقول هناك سببين رأيسيين:
أولهما: أنه كان - رحمه الله - حريصاً على متابعة الأمور بنفسه بحكم الأمانة الملقاة على عاتقه وحقيقةً أنا أشعر الآن بهذا الشعور الذي لم أكن أشعر به من قبل فإذا كان المسؤول لا يتابع الأمور بنفسه رغم الأخطار فإن العمل لا يسير على الوجه المطلوب..
والأمر الثاني: أن أحد هذين الشخصين كان مجاهداً معنا في الحرب الأولى وكان (خطاب) - رحمه الله - يقول للأخوة هذا الأمر والإخوة يقولون له إن قديروف وسلم وغيرهما كانوا من المجاهدين في الحرب الماضية ولكن إذا جاء القدر لم ينجي الحذر ولكل أجل كتاب.
وربما يسأل سائل آخر لماذا تأخرت كتابة القصة إلى الآن فأقول والله لم أكن أعلم أن قصة استشهاد أخونا - رحمه الله - غير واضحة إلا عندما قرأت كُتيب عنه - رحمه الله - ولاحظت أن قصة استشهاده غير دقيقة بل في إحدى الروايات اتهام لحرسه بالخيانة وهذا ما لم يكن أبداً فشهادةً لله أنهم من خيرة المجاهدين ولم يبقى منهم إلا أثنين والبقية لحقوا بأميرهم.
نسأل الله أن يجمعنا وإياهم في جنته ودار كرامته، فرأيت من واجبي أن أجلي الأمر وليستفيد المسلمون من هذه القصة
هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.
كتبه: أبو الوليد عبد العزيز الغامدي
صفر1424هـ
الشيشان
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد