بسم الله الرحمن الرحيم
أعرفكم بنفسي فأنا أخوكم في الله (إسماعيل)، وكان اسمي قبل الإسلام (جري جيور) وأنا فلبيني الجنسية، وسوف استغل هذه السطور القليلة للحديث معكم عن كيفية دخولي في الإسلام.
لقد كانت ديانتي قبل الإسلام هي الديانة النصرانيةºحيث إن الأسرة والمجتمع المحيط بي على نفس هذه الديانة، وكما هو معروف للجميع إذا كان الإنسان يعيش في وسط الظلام فإنه لا يستطيع أن يرى النورºلأنه لا يرى إلا الظلام والتخبط الذي يحيط به، ويعيش فيه، فأنا كنت أعيش في وسط مجتمع لا يحرم حراماً، ولا ينكر منكراًº ولذلك يمكنني فعل ما أريد بدون وجود الرقيب أو الحسيب أو الخوف من أحد مهما عظم شأنه أو كبرت مكانته، وكانت الحياة بالنسبة لي تقوم على عدد من الملذات والشهوات مثل: اللهو مع النساء في الملاهي الليلية، وشرب الخمر، ولعب القمار، ومحاولة كسب المال بأي طريقة سواءً كانت هذه الطريقة شرعية أو محرمة، وكانت عجلة الأيام تسير يوماً بعد يوم على هذا المنوال. وبما أن الغالبية من المجتمع تسير على نفس الطريق والمنوال الذي أسير فيه أصبح الأمر شبه طبيعي، وليس بمستغرب فعله.
في يوم من الأيام كنت أجلس كعادتي في أحد الملاهي الليلية أحتسي قدحاً من الخمر، وأستمتع بالنظر إلى الفتيات اللاتي من حولي، وكان من رآني يحس بأني سعيد جداً بهذه الملذات، ولكني كنت في نفسي من الداخل أشعر بالكثير من الملل والضيق، وعدم الرضا عن هذا الحال، وأشعر أن هناك بركاناً بداخلي يريد أن يتفجر من الألم والحسرة على هذا الوضع الذي أعيش فيه حيث لا يوجد هدف واضح أسير عليه، أو أحاول الوصول إليه، وتمضى بي الأيام والسنون وأنا على سابق عهدي بدون أي تغيير، أدخل الملاهي، وأخرج منها، وأرتع كما ترتع الأنعام، وذات مرة خرجت من الملهى، وظللت أسير في الطرقات بدون تحديد للوجهة التي أريد الذهاب إليها، وبعد فترة من المشي وجدت نفسي أقف عند إحدى الحدائق، فقررت الجلوس على أحد الكراسي للاستراحة، ثم رفعت بصري إلى الأعلى، ونظرت إلى الفضاء الواسع والسماء التي ليس لها حدود، وبدون شعور مني وجدت نفسي أرفع يدي وبصري إلى السماء وأقول من صميم قلبي، وبكامل إحساسي ووجداني: يا رب أريدك أن تخلصني من هذه الحياة السيئة السقيمة إلى حياة هانئة وسعيدة، أريد معرفة الدين الصحيح. وبعد هذه الكلمات البسيطة التي خرجت مني بدأت أشعر ببعض الارتياح، فقمت من مكاني وتوجهت إلى منزلي.
بدأت بوادر الخير تلوح لي في الأفقºحيث حصلت على عقد عمل بالمملكة العربية السعودية، وكنت أحمل في نفسي فكرة سيئة عن الإسلام والمسلمينºولكن عندما وصلت إلى المملكة تغيرت النظرة التي كنت أحملها عن المسلمين، فقد كانوا في نظري مجموعة من الإرهابيين يقومون بالقتل، وإيذاء الآخرين حسب ما كنت أقرؤه في الصحف والمجلات الغربية، أو أسمعه عبر وسائل الإعلام، ولكن عندما عاشرتهم، وعشت معهم اتضح لي عكس ذلكºحيث وجدت الاحترام والمساواة والعدل والإخاء فيما بينهم، وبذلك تحسنت الصورة التي كنت أحملها عن المسلمين في نفسي.
في إحدى الليالي عندما كنت نائماً رأيت في المنام رؤياً غريبة ارتعدت لها فرائصي، وكانت السبب الرئيس بعد الله - سبحانه وتعالى- في تغيير طريقي واتجاهي إلى الإسلامºحيث رأيت في منامي بأني أقف في ممر وحولي خمس غرف موصدة أبوابها، ويتناهى إلى سمعي صوت خرير ماء ولكني لا أعرف مصدره، فقمت بفتح الغرفة الأولى ولكني لم أجد شيئاً!! وفتحت الغرفة الثانية فلم أجد شيئاً!! وعندما فتحت الغرفة الثالثة وجدت فيها رجلاً يتوضأ؟! وقد ارتدى ملابس ناصعة البياض، فأردت من دافع الفضول معرفة ذلك الرجل واقتربت منه ولكني لم أستطع التعرف عليه، أو تمييز ملامح وجهه، والسبب في ذلك قوة النور التي كانت تخرج من وجهه، فرجعت إلى الوراء، وقررت الهروب من الغرفة خوفاً مما قد يحدث لي.
عندما أردت الخروج جاءني صوت يكلمني من داخل أعماقي ويقول لي: لماذا لا تقوم بفتح باقي الغرف لترى ما فيها بدلاً من الهروب؟! وبالفعل استجمعت قواي مرة أخرى، وذهبت لفتح باب الغرفة الرابعة، وعندما فتحتها لم أجد شيئاً!! فذهبت لفتح الغرفة الخامسة والأخيرة ففتحتها ووجدت رجلاً يصلي!! وكان ساجداً فعرفت بأن هذه هي طريقة صلاة المسلمين، وعندما أردت الاقتراب من وجهه للنظر إليه، ومعرفة من يكون استيقظت من نومي.
تعجبت وتملكتني الحيرة من هذه الرؤيا، وأخذت أفكر فيها كثيراً، وأسال نفسي: ما المقصود منها؟! فرجعت بالذاكرة إلى الوراء، وتذكرت ما طلبت من الله سابقاً من مد يد العون لي، ومساعدتي على معرفة الحقيقة والدين الصحيح، وخاطبت نفسي قائلاً: بأن هذه الرؤيا ما هي إلا رسالة من الله - تعالى - يدعوني فيها لاتباع الطريق القويم، وقررت أن يكون أول عمل أقوم به في اليوم التالي هو التوجه إلى أقرب مركز للدعوة من أجل إعلان إسلامي.
دخلت في الإسلام ولله الحمد وواجهت بعض المضايقات من الأصدقاءºحيث أصبحوا يمتنعون عن الحديث معي، ومصاحبتيºلاعتقادهم بأني على ضلال عن الدين الصحيح، ولكني ولله الحمد لم أحزن على تصرفهم هذا لأنني قد كسبت رضى الله - سبحانه وتعالى- وهو خير معين لي في الحياة الدنيا. وقد قمت بدعوة أصدقائي إلى الدين الإسلامي، وأرسلت لهم بعض الكتب الدعوية، وهذا هو ما أستطيع تقديمه لهم في الوقت الحالي، وأتمنى من المولى - عز وجل - أن يمن عليهم بالهداية.
كما أرسلت مجموعة من الكتب الدعوية إلى الفلبين لزوجتي لدعوتها إلى الإسلام، وبعد شهرين من قراءتها عن الإسلام كتب الله لها الهداية واعتنقت الدين الإسلامي، ومن ثم ذهبت في الإجازة السنوية للفلبين، وكان جل اهتمامي دعوة أبنائي للإسلام حتى نصبح على دين واحد، وهذا ما حدث ولله الحمد، ففي أحد الأيام عندما كنت أصلي المغرب سمعت ابنتي تقول لي: يا أبي إني أريد الدخول في الإسلام مثلك، فلم تصدق أذناي ما سمعت!! ومن شدة الفرحة التي أصابتني قطعت الصلاة بلا شعور والتفت إلى ابنتي وعانقتها وفي تلك اللحظات أيضاً جاء ابني وأخبرني بأنه يريد الدخول في الإسلام، فلم أتمالك نفسي من شدة البكاء فرحةً بما حصل لعائلتي وهدايتهم.
بعد ذلك توالت المفاجآت حيث جاءت أمي بعد ثلاثة أيام وأخبرتني بالتغير الذي طرأ علي أنا وأبنائي بعد اعتناقنا الإسلام، وأخبرتني أنها تريد الدخول في الإسلام ففرحت لذلك كثيراً، ولم يتبق لي مشكلة سوى أخي الأكبر الذي كان يرى أن الإسلام دين سيئ ويجب محاربته والقضاء عليهºولكني أخبرته بأن الله - تعالى - الذي جعل جميع عائلتي على الإسلام قادر على هدايته، وقمت بجميع واجبات الدعوة تجاهه حتى أنعم الله عليه بفضله، ودخل في الإسلام وبذلك اكتمل عقد إسلام عائلتي.
إخواني في الإسلام: لقد كانت هذه هي قصتي مع هذا الدين العظيم، والذي أحمد الله - تعالى - أن أنعم علينا باتباعه دون سواه، وأحب أن أختم حديثي إليكم بتوجيه نصيحة للأخوة المسلمين الجدد فأقول لهم: عليكم بطاعة الله كما أمركم في القرآن والسنة، والنصيحة الثانية: هي عليكم بطلب العلم، والاستزادة من الدين، كما لا يفوتني أن أوجه نصيحة لغير المسلمين بوجوب البحث عن الحقيقة، وهي أن الله - تعالى - هو الواحد القهار الذي يستطيع إخراجكم من النار إلى الجنة وهو الهادي إلى سواء السبيل.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد