بسم الله الرحمن الرحيم
شاب تنكر لدينه ونسى ربه وغفل عن نفسه. كان يضرب به المثل في التمرد والعناد حتى لقد بلغ من أذيته للناس أن دعا عليه الكثير بالهلاك ليريح الله الناس من شره.
وعظه بعض الدعاة فما قبل، نصحوه فما سمع، حذروه فما ارتدع. كان يعيش في ظلمات من شهواته، دخل عليه أحد الدعاة وكان هذا الداعية مؤثراً صادقاً فوعظ هذا المعرض حتى أبكاه وظن أنه استجاب لله وللرسول - صلى الله عليه وسلم - ولكن دون جدوى عاد كما كان وكأنه ما سمع شيئاً أبداً.لا يعرف المسجد حتى يوم الجمعة، يخرج من بيته بعد العشاء مع عصابة من الأنذال ولا يعود إلا قبيل الفجر ثم ينام النهار كله، ترك الوظيفة وهجر العمل فأفلس في الدين والدنيا، كانت أمه تنوح بالبكاء مما تراه من واقع ولدها بل تمنت كثيراً أن يموت.
ينام على الأغنية ويستيقظ عليها وعنده من صور الخلاعة والجنس والمجون ما يهدم إيمان أهل مدينته. بل ثبت عنه تعاطي المخدرات فأصابه سكار في العقل والروح.
يسمع كل شيء إلا القرآن ويفهم كل شيء إلا الدين ويحب كل شيء إلا ذكر الله وما ولاه.
سبحان الله كيف يرتكس القلب إذا لم يعرف الله وسبحان الله كيف يتبلد الإحساس يوم يعرض عن الله - عز وجل -.
وتمر أيامه المسودة بالمعصية المغبرة بالمخالفات ويفكر أحد الصالحين من الدعاة في طريقة طريفة لانتشال هذا العاصي من المعصية، إنها طريقة مبتكرة وأوصي بها الدعاة وطلبة العلم وأهل النصح والإرشاد إنها طريقة إهداء الشريط الإسلامي إدخاله بيوت الناس وسيارات الناس، الشريط الإسلامي الذي ينقل علم المتكلم ونبرته وتأثره.
وتم إهداء هذا الشاب مجموعة من الأشرطة المؤثرة أخذها ووضعها في سيارته ولم يكن له اهتمام بسماعها، وسافر عن طريق البر وطال الطريق واستمع ما شاء من غناء وسخف ثم جرب أن يزجي وقته بسماع شريط إسلامي ليرى كيف يتكلم هؤلاء الناس وما هي طريقتهم في الكلام وابتدأ الشريط يبث ذبذبات الإيمان حية على هواء الصدق مباشرة عبر أثير الإخلاص بذبذة طولها الرسالة الخالدة لمستمعيها في مدينة المعرضين وما حولها.
أنصت الشاب للشريط وكان الحديث عن الخوف من الله - تعالى - وأخبار الخائفين ووصلت الكلمات إلى قلب الشاب فاستقرت هناك في قرار مكين، وانتهى الشريط وقد استعد الشاب واستنفر قواه الذهنية وراجع حسابه مع الله جلت قدرته وفتح الشريط الثاني، وكان الحديث عن التوبة والتائبين وارتحل الشاب بفكره إلى ماضيه المحزن المبكي فتتابع الشريط والبكاء في أداء عرض من النصح أمام القلب وكأن لسان حال الموقف يردد:\"يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم\"واقترب من المدينة وهو لا يكاد يتحكم في سيارته من التأثر لقد دخل جسمه تيار الإيمان فأخذ يهزه هزاً\"وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء\"
وصل المدينة فدخلها وقد دخل قبلها مدينة الإيمان، تغيرت الحياة في نظره، أصبح ينظر بنظرة العبد التائب بعد أن كان ينظر بنظرة المعرض المتمرد.
بدأ بالمسجد وتوضأ والدموع مع الماء:
ودخل المسجد فاستفتح حياته بالصلاة وبدأ عمراً جديداً:\"وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً\".
وعاد إلى أهله سالماً غانماً: سالماً من المعاصي غانماً من الطاعات. دخل البيت بوجه غير الوجه الذي خرج بهº لأنه خرج بوجه المعصية والذنب والخطيئة وعاد بوجه أبيض بنور الطاعة والتوبة والإنابة.
وتعجب أهله \"ماذا جرى لك يا فلان ماذا حدث قال لهم حدث أعظم شيء في حياتي، عدت إلى الله تبت إلى الله عرفت الطريق إلى الله ودمعت عيناه فدمعت عيونهم معه فرحاً، ومن الدموع دموع تسمى دموع الفرحة:
طفح السرور عليّ حتى إنني *** من عظم ما قد سرني أبكاني
وأشرقت أنوار البيت وتسامع الناس وأخذوا يدعون للتائب المنيب فهنيئاً له بتوبة ربه عليه:\"أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة , وعد الصدق الذي كانوا يوعدون\"
(يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرت لك ما كان منك ولا أبالي. يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي. يا ابن آدم لو أتيتني بقرا ب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة) حديث قدسي صحيح رواه الترمذي عن انس.
واللهم إنا نسألك حسن الخاتمة..اللهم آمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد