بسم الله الرحمن الرحيم
صالح قتله العشق فقتل عشيقته:
نشأ صالح نشأة صالحة، فمنذ أن كان صغيراًº كان يصحبه والده إلى المسجد فيصلي جميع الفروض هناك، بل إنه أحياناً يعتكف ولا يخرج منه إلا بعد ثلاثة أو أربعة أيام وأحياناً يستمر معتكفا نحو أسبوع حفظ عشرة أجزاء من القرآن الكريم وهو في الثامنة من عمره ولما بلغ التاسعة توفي والده إثر حادث أليم، وظلت والدته ترعاه، وتطعمه، وتكسوه، وتؤمن له سبيل السعادة، ولكنها لم تسلك الطريق الذي سلكه والده في تربيته، ولم تكن تحذره من التهاون في أداء الصلاة، أو التغاضي عن أي من فروضها بل كانت تمنعه أحياناً من الذهاب إلى المسجد خوفا عليه، إذا رأته منكباً على تلاوة القرآن كانت تنهره خوفاً على عينيه من كثرة القراءة، وتمادت في جهلها بأن منعته من صيام شهر رمضان في أحد الأعوام لأن وجهه يبدو لها شاحباً وجسمه كان يأخذ في الضمور والنحافة قالت له: ويلي عليك يا ولدي وجهك صاير أصفر سأحضر لك الغداء، وأريدك أن تأكله كله فأنت صغير و لا ذنب عليك إن أفطرت وأفطر صالح ذلك اليوم وتجاوز عن صيام بقية أيام الشهر كما تهاون في أداء الصلاة بل إنه انقطع عنها، كانت الأيام تمر بسرعة وصالح يكبر وتكبر معه ذنوبه لم يعد يصلي، أو يصوم وحينما بلغ الخامسة عشر من عمره تورط في مصاحبة رفاق السوء، فصار يدخن السجائر، ويكثر من الخروج رغم أنه وحيد أمه وليس لها سواه إلا ثلاث فتيات يصغرنه سناً، أكثر من ذلك أصبح يستهوي مصاحبة الفتيات ويكثر في الحديث معهن، وأحياناً لا يترك سماعة الهاتف حتى ساعات الصباح الأولى صديقاته كثيرات وواحدة تعرفه باسمه الحقيقي وواحدة تطلبه من شقيقاته باسم أحمد وخالد ومشعل وأسماء أخرى وكبر الفتى ونبت له شارب وصار يهتم بلباسه الأنيق ويركض وراء الجديد في الموضة من قصات الشعر، والبناطيل الضيقة، أو الفضفاضة والقمصان الملونة والأحذية وغير ذلك ولما بلغ الحادية والعشرين من عمره وقع في هوى فتاة بمثل سنه كان حبه لها يكبر بمرور الساعات وأصبح لا ينام إلا على صوتها ولا يبدأ يوماً جديداً إلا إذا قالت له صباح الخير كان حباً جارفاً وصادقاً في الوقت ذاته عرفها بنفسه جيدا وأعطاها اسمه كاملاً واسم والدته وشقيقاته وأطلعها على كل أسراره منذ أن كان صغيراً وحكى لها كيف كان ملتزماً بصلاته وبصيامه وبقراءة القرآن لكنه تخلى عن حياة التدين مبكراً بعد أن مات والده ودعاها إلى زيارة أمه ذات مره وأجابت الدعوة قدمت إليهم وتعرفت على الأم والشقيقات وعرفتهن بنفسها رغم أنهن يأنفن منها ولكنهن جاملنها إكراماً لصالح ولا شي آخر أما لماذا يكرهنها ولا يطقن رؤية وجهها فلأنها برأيهن لعبت برأس صالح بل سحرته فصار كثير الشرود والتفكير قبل النوم والأكل وقليل المكوث معهن أيضاً والسبب الأكبر أنها ليست من ثوبهن كما يذكر دائما لصالح فهي من أصل أخر وهم من أصول أخرى أكثر عراقة وأطول تاريخاً وهو أصل له حظوة عند القبائل الأخرى بعد مرور عامين على ذلك الحب العذري طلب صالح من والدته أن تخطبها له فرفضت والدته فكرر الطلب ورفضت وكان يكرر الطلب بين أسبوع وأخر إلا أن ردها واحد لا تفتح معي هذا الموضوع فإما أنا أو هذه البنت اللئيمة فماذا يفعل ورأس والدته ناشف كما يقول ولا تتزحزح قيد أنملة عن موقفها الرافض بل إن الأمر وصل بها إلى أن هددته بأن تقتل نفسها إذا ركب رأسه وتزوج من تلك البنت اللعوب ووقع صالح في حيرة من أمره ذهب يخطب الفتاة من أهلها فرفضوا القبول به إذا لم تأت والدته وتخطبها منهم حاول إقناعهم بان الوالدة مريضه ولا تقدر على الحركة فيرد عليه والد الفتاة أليس لك أحد غيرها أين أخوالك وأعمامك أقرباؤك الآخرون اذهب وأت بهم وزادت حيرة الفتى وظلت الفتاة تنتظر الخلاص من ذلك الجو المشحون هي تريد زواجاً ولكن ماذا تفعل أمام جبروت والدها الذي ضربها بشدة عندما علم بعلاقتها به وسجنها أسبوعاً كاملاً وحرم عليها الذهاب إلى الكلية سنة مرت تلتها سنة أخرى شعر صالح بعدها أن زهرة الحب بدأت تذبل من ناحيتها فقد قلت اتصالاتها به وكان يطلبها أحياناً على النقال، ولا ترد عليه فغلى الدم في عروقه مر أسبوع ولم يرها هل يعقل هذا؟ ولعب الشكوك في رأسه وراح الشيطان يوسوس له ويوهمه إنها داست على حبه وصدت عنه ووقعت في هوى فتى آخر فعاف الطعام والشراب وجافاه النوم وانحرف كثيراً في سلوكه فأخذ يكثر من التدخين، ويقضي أياماً خارج البيت، وأحياناً يعود مخموراً، وذات مره نما إلى سمعه أن عشيقته وريحانة قلبه وهواه العذري تقدم إليها شاب آخر فجن جنونه وقرر الانتقام في ساعة متقدمة من الليل تسلل إلى بيت أهلها وفي غفلة منهم استطاع الوصول إلى غرفتها كيف؟ لا أحد يعرف ولكنه دخل الغرفة على كل حال ووقف عند سريرها وأيقظها وطلب منها مرافقته إلى السيارة لأمر عاجل وإن لم تفعل سيفضحها أمام أهلها فرضخت لأوامره مرغمة وخرجت معه وركبت السيارة ظنت أنه سيعطيها الرسائل التي كانت تمطره بها في أيام عشقها له بعد أن صارحته في الطريق أنها ستتزوج بالفعل من شخص آخر وما أن ركبا السيارة معاً حتى انطلق بها مسرعاً يشق بهديرها الظلام وما أن توسط بها المنطقة الصحراوية حتى طلب منها أن تنزل وما أن نزلت حتى طرحها أرضاً وغرز السكين في قلبها راح يطعنها ويطعن ويطعن حتى سالت دماؤها أخيراً انتقمت لنفسي وبعد أن أشبعها طعنا حملها إلى الحفرة التي كان أعدها مسبقاً ثم أهال عليها التراب ولم يهرب من فعلته بل توجه فوراً إلى مخفر المنطقة وأبلغ عن ارتكابه الجريمة وسجلت قضية قتل مع سبق الإصرار والترصد وأرشد رجال المباحث عن المكان الذي دفن فيه حبيبته القتيلة فاستخرجوها من تحت التراب وتولى الطبيب الشرعي عن مهمة تشريحها فتبين أنها تلقت خمسة وعشرين طعنة في صدرها وبطنها وفي الأجزاء العلوية من جسدها وحوكم صالح الذي نشأ صالحاً بالإعدام وتوقف قلب والدته عن النبض ساعة عرفت بالأمر فيما واصلت شقيقاته الحياة عند خالهن.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد