بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله كما أمر والصلاة والسلام على خير البشر
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً ، وأنت تجعل الحزن إذا شئت يا رب سهلاً ، اللهم سهّل علينا أمورنا ، واجعل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم نلقاك بها يا رب يوم الدين .. آمين .. آمين .. آمين أما بعد:
الدنيا لاتزن عند الله جناح بعوضة ، هزيلة ، زهيدة ، فهوِّنوا من شأنها وارفعوا أنفسكم عنها .. لعب .. ولهو .. وزينة .. وتفاخر وتكاثر .. فليس السباق فيها بسباق يليق بمن شبٌّوا عن الطوق .. وتركوا عالم اللهو واللعب للأطفال الصغار !! إنما السباق إلى الأفق ، والى ذلك الهدف ، والى ذلك الملك العريض :[وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ] الحديد
مطلبٌ يستحق المنافسة ، وأفق يستحق السباق ، وغاية تستحق الغلاب، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون
إن الحياة للأرض حياة تليق بالديدان والزواحف والحشرات والهوام، والوحوش والأنعام ، فأما الحياة الآخرة فهي الحياة اللائقة بذلك الإنسان الكريم على الذي خلقه فسوّاه وأودع روحه الإيمان الذي ينزع به إلى السماء وإن استقرت على الأرض قدماه.
يا إخوتي .. هلمٌّوا إلى الدخول على الله ومجاورته في دار السلام، لانصب ، ولا تعب ، ولا معاناة.
إنها الجنة .. التي حولها دندن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنبياء الله ـ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ـ. إنها الجنة .. التي اشتاق إليها الصالحون من هذه الأمة فاسألوا عنها السيد الشهيد : ( جعفر الطيار ـ رضي الله عنه ـ) الذي قال شوقاً إليها يوم مؤتة:
يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وباردٌ شرابها
إنها الجنة .. بأنفاسها الرضية الندية التي تتجلى عليها طلعة الرحمن الجلية البهية.
إنها الجزاء الرفيع الخالص الفريد .. الجزاء الذي تتجلى فيه ظلال الرعاية الخاصة والإعزاز الذاتي .. والإكرام الإلهي، والحفاوة الربانية بهذه النفوس الأبيَّة ، فلا تعلمُ نفسٌ ما أُخفِيَ لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون
إنها الجنة ..فاسألوا عنها الصحابي الجليل ( حَرَامُ بن ملحان ) ـ رضي الله عنه ـ لما طُعن، نثر الدم على رأسه وهو يقول: \" فزت ورب الكعبة \"، وسّلُوا عنها (أنس بن النضر ) رضي الله عنه فإنها الجنة يقول لسعد بن معاذ : واهاً لريح الجنة أجده دون أُحد، آواه يابن النضر .. طال شوقكم إلى الجنة .. وطهرت منكم : الأقوال والأعمال والأجساد فشممتم عبير الجنة !! أما نحن فقد زكم أنوفَنا عطر الكاسيات العاريات .. وجيف الدنيا ونتن المعاصي .. فلم يجد ريح الجنة إليها سبيلاً
سعى بهم أعمالهم سوقاً إلى الــــ
ـدارين سَــوقَ الخيل للركبان
صبروا قليلاً فاستراحـــــــــــــوا دائماً
يا عــزة التوفيـــــــق للإنسان
باعوا الذي يفنى من الخزف الخســـ
يس بدائم من خالـص العقبان
وتَسَــــــــــــــابَقَ الأقوام وابتدروا لها
كتسابق الفرســان يوم رهان
وأخو الهوينى في الديــــــــار مخلَّفٌ
مع شكله يا خيبة الكســـلان
إنها الجنة ... لله أقوام نهضت بهم عزائمهم نحوها فسروا إليها مدلجين لم ينزلوا بشيء من منازل الطريق .. ( إنما أنا كعابر سبيل استظل تحت شجرة ثم قام عنها، وأقّبلوا على السير إلى غايتهم تحدوهم أشواقهم قاصدين إليها غير متعثرين ولا معوجين .. ما ضَّرهم في الدنيا ما أصابهم .. جبر الله لهم بالجنة كل مصابهم.
نام (عبد الواحد بن زيد ) عن ورده فإذا هو بجاريه لم يرَ أحسن منهاً وجهاً عليها ثياب حرير خضر وهي تقول: يابن زيد .. جِدَّ في طلبي فإني في طلبك
يا خاطب الحور الحســــــان مطالباً لِوِصالهنَّ بجنة الحيـــــــــــــوان
لو كنت تدري من خطبت ومن طلبـ ـت بذلت ما تحوي من الأثمـان
أو كنت تدري أيــن مسكنها جعلت السعي منك لها على الأجفان
يا إخوتاه: على هذا فلنبك ولننتحب .. قال يحيى بن معاذ : (في طلب الدنيا ذل النفوس ، وفي طلب الآخرة عز النفوس، فيا عجباً لمن يختار المذلة في طلب ما يفنى ويترك العزة في طلب ما يبقى)، وعن يزيد الرقاشي قال: ( بلغنى أن نوراً سطع في الجنة لم يبق موضع في الجنة إلا دخل ذلك النور فيه فقيل: ما هذا ؟ قال ؟حوراء ضحكت في وجه زوجها)
أنا ما حسدت الكافرين وقد غدوا في أنعم ومواكب وقصـور
بــــــل محنتي ألاّ أرى في أمتي عملاً أقدمه صداق الحور
إنها الجنة.. فيها جوار الرحمن ، وأنبياؤه والشهداء ، والصالحون { لِّلَّذِينَ أَحسَنُوا الحُسنَى وَزِيَادَةٌ } يونس
{ وُجُوهٌ يَومَئِذٍ, نَّاضِرَةٌ {22} إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } القيامة، وانظروا إلى من كَمُلَت من النساء تقول : { رَبِّ ابنِ لِي عِندَكَ بَيتاً فِي الجَنَّةِ } التحريم. قبل الدار طلبت الجوار.
أوَّاه .. أوَّاه .. يا إخوتي على جوار الرحمن في مقعد صدق، واشوقاه إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإلى أصحابه من المهاجرين والمدلجين على دربهم في القافلة .. هم أصلي وفصلي .. وإليهم يحنّ قلبي
طال شوقنا إليهم .
اللهم يا واهب المواهب ، ومحول الرغائب، نضِّر بالكمال لديك بهجتنا بالنظر إليك في دار رحمتك.
اللهم .. يا مانح الأصفياء منازل الحق أخلصنا بكمال رغبتنا و بما لا يبلغه سؤالنا.
اللهم .. أورثنا الغُرف وجوار النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً قالت أم البنين أخت عمر بن عبد العزيز : البخيل كل البخيل من بخل عن نفسه بالجنة .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وسلم تسليماً كثيراً
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد