بسم الله الرحمن الرحيم
لقد أطال القرآن في تبيان جرائم الخالدين الذين استحقوا بها الخلود في النيران، ونحن نذكر هنا أهمها:
1- الكفر والشرك: فقد أخبرنا الحق- تبارك وتعالى - أن الذين كفروا ينادون عندما يكونون في النار، فيقال لهم: إن مقت الله لكم أعظم من مقتكم أنفسكم بسبب كفركم بالإيمان، ثم بين أن خلودهم في النار إنما هو بسبب كفرهم وشركهم {إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير } . وحدثنا الحق- تبارك وتعالى - أن خزنة النار يسألون الكفار عند ورودهم النار قائلين {أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات }؟ فيكون الجواب: أنهم استحقوا النار بسبب تكذيبهم المرسلين، وما جاؤوا به {قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلل كبير }. وقال في المكذبين بالكتاب: { وقد آتينك من لدنا ذكرا من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزراً خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا }. وقال في المكذبين بالكتاب المشركين بالله: { الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون إذ الأغلل في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون من دون الله قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندعوا من قبل شيئا كذلك يضل الله الكافرين ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين }. وقال في الكفرة المشركين المسوين آلهتهم برب العالمين {فكبكبوا فيها هم والغاوون وجنود إبليس أجمعون قالوا وهم فيها يختصمون تالله إن كنا لفي ظلال مبين إذ نسويكم برب العالمين}.
وقال في حق المكذبين بيوم الدين {بل كذبوا بالساعة واعتدنا لمن كذب بالساعة سعيراً } {وَإِن تَعجَب فَعَجَبٌ قَولُهُم أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلقٍ, جَدِيدٍ, أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِم وَأُولَئِكَ الأَغلاَلُ فِي أَعنَاقِهِم وَأُولَئِكَ أَصحَابُ النَّارِ هُم فِيهَا خَالِدونَ} (5) سورة الرعد [وقال: {مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيراً ذلك جزاؤهم بأنهم كفروا بآيتنا وقالوا أءذا كنا عظماً ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقاً جديداً}.
2- عدم القيام بالتكاليف الشرعية مع التكذيب بيوم الدين وترك الالتزام بالضوابط الشرعية، فقد أخبرنا الحق- تبارك وتعالى - أن أهل الجنة يسألون أهل النار قائلين{ما سلككم في سقر }، فيجيبون قائلين: {لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين}.
3- طاعة رؤساء الضلال وزعماء الكفر فيما قرروه من مبادئ الضلال وخطوات الكفر التي تصد عن دين الله ومتابعة المرسلين قال - تعالى - في هؤلاء: { وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون فلنذيقن الذين كفروا عذاباً شديداً ولنجزينهم أسوا الذي كانوا يعملون ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآيتنا يجحدون} وعندما يحل الكفار في النار، وتقلب وجوههم فيها يتندمون لعدم طاعتهم الله ورسوله، وطاعتهم السادة الكبراء{إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيراً خالدين فيها أبدا لا يجدون ولياً ولا نصيرا يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا}.
4- النفاق: وعد الله المنافقين النار، وهو وعد قطعه على نفسه لا يخلفه{ وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خلدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم }وأخبرنا أن موقع المنافقين في النار هو دركاتها السفلى، وهي أشدها حراً، وأكثرها إيلاما{إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار}.
5- الكبر: وهذه صفة يتصف بها عامة أهل النار، قال - تعالى -: {والذين كذبوا بآيتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خلدون}. وقد عقد مسلم في صحيحه بابا عنون له بقوله: \"باب النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء\" وذكر فيه احتجاج الجنة والنار وما قالتا وما قال الله لهما، وساق فيه حديث أبي هريرة يرفعه إلى الرسول- صلى الله عليه وسلم -، وفيه أن النار قالت: \"يدخلني الجبارون والمتكبرون\", وفي رواية قالت: \"أوثرت بالمتكبرين والجبارين\". وقال الله لها: \"أنت عذابي أعذب بك من أشاء\". وفي صحيح البخاري ومسلم, وسنن الترمذي عن حارثه بن وهب، قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : \"ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف، لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار، كل عتل جواظ مستكبر\", وفي رواية لمسلم \"كل جواظ زنيم متكبر\"، ومصداق هذا في كتاب الله - تبارك وتعالى-: {أليس في جهنم مثوى للمتكبرين} {فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق} {فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى}.
أشخاص بأعيانهم في النار:
الكفار والمشركون في النار لاشك في ذلك، وقد أخبرنا القرآن الكريم، كما أخبرنا الرسول – صلى الله عليه وسلم- أن أشخاصا بأعيانهم في النار، فمن هؤلاء فرعون موسى {يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار}, ومنهم امرأة نوح وامرأة لوط {ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين}.ومنهم أبو لهب وامرأته {تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد}, ومنهم عمرو بن عامر الخزاعي، فقد رآه الرسول – صلى الله عليه وسلم- يجر أمعاءه في النار, ومنهم الذي قتل عمار وسلبه، ففي معجم الطبراني بإسناد صحيح عن عمرو بن العاص وعن ابنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: \"قاتل عمار وسالبه في النار\".
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد