بسم الله الرحمن الرحيم
أخبر الحق أن للنار سبعة أبواب كما قال - تعالى -: (وإن جهنم لموعدهم أجمعين* لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم)
[الحجر: 43 - 44]. قال ابن كثير في تفسير الآية: \" أي قد كتب لكل باب منها جزء من أتباع إبليس يدخلونه لا محيد لهم عنه، أجارنا الله منها، وكل يدخل من باب بحسب عمله، ويستقر في درك بحسب عمله \" ونُقِلَ عن علي بن أبي طالب قوله وهو يخطب: \" إن أبواب جهنم هكذا قال أبو هارون أطباقاً بعضها فوق بعض \" ونُقل عنه أيضاً قوله: \" أبواب جهنم سبعة بعضها فوق بعض، فيمتلئ الأول، ثم الثاني، ثم الثالث، حتى تمتلئ كلها \". (1)
وعندما يردُ الكفار النار تفتح أبوابها، ثم يدخلونها خالدين (وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمراً حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين) [الزمر: 71]، وبعد هذا الإقرار يقال لهم: (ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين) [الزمر: 72]، وهذه الأبواب تغلق على المجرمين، فلا مطمع لهم في الخروج منها بعد ذلك، كما قال - تعالى -: (والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة*عليهم نار مؤصدة) [البلد: 19 - 20].
قال ابن عباس: (مؤصدة) مغلقة الأبواب، وقال مجاهد: أصد الباب بلغة قريش، أي أغلقه. (2)
وقال الحق في سورة الهمزة: (ويل لكل همزة لمزة*الذي جمع مالاً وعدده*يحسب أن ماله أخلده* كلا لينبذن في الحطمة* وما أدراك ما الحطمة* نار الله الموقدة*التي تطلع على الأفئدة* إنها عليهم مؤصدة* في عمد ممدة) [الهمزة: 1 - 9].
فأخبر الحق أن أبوابها مغلقة عليهم، وقال ابن عباس: (في عمد ممدده) يعني الأبواب هي الممددة، وقال قتادة في قراءة ابن مسعود: إنها عليهم مؤصدة بعمد ممددة (3)، وقال عطية العوفي: هي عمد من حديد، وقال مقاتل: أطبقت الأبواب عليهم، ثم شدت بأوتاد من حديد، حتى يرجع عليهم غمها وحرها، وعلى هذا فقوله: (ممددة) صفة للعمد، يعني أن العمد التي أوثقت بها الأبواب ممددة مطولة، والممدود الطويل أرسخ وأثبت من القصير. (4)
وقد تفتح أبواب النار وتغلق قبل يوم القيامة، فقد أخبر المصطفى أن أبواب النار تغلق في شهر رمضان، فعن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: \" إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين ومردة الجن \". (5)
وخرّج الترمذي من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: \" إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة، فلم يغلق منها باب \". (6)
----------------
(1) تفسير ابن كثير: (4/164).
(2) تفسير ابن كثير: (7/ 298).
(3) تفسير ابن كثير: (7/368).
(4) التخويف من النار، لابن رجب، ص 61.
(5) صحيح البخاري: 1898، 1899 ومسلم: 1079 واللفظ لمسلم.
(6) سنن الترمذي:682، وأورده الألباني في صحيح سنن الترمذي: 549.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد