شدة حرها وعظم دخانها


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قال الله - تعالى -: (وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال، في سموم وحميم، وظل من يحموم، لا بارد ولا كريم) وقد تضمنت هذه الآية ذكر ما يتبرد به الناس في الدنيا من الكرب والحر وهو ثلاثة: الماء والهواء والظل، وذكرت الآية أن هذه لا تغني عن أهل النار شيئا، فهواء جهنم: السموم وهو الريح الحارة الشديدة الحر، وماؤها الحميم الذي قد اشتد حره، وظلها اليحموم وهو قطع دخانها. وذكر - سبحانه - هول النار في آية أخرى، فقال - تعالى -: (وأما من خفت موازينه، فأمه هاوية، وما أدراك ما هيه، نار حاميه). وأما الظل الذي أشارت إليه الآية (وظل من يحموم)، هو ظل دخان النار، والظل يشعر عادة بالنداوة والبرودة، كما أن النفس تحبه وتستريح إليه، أما هذا الظل فإنه ليس بارد المدخل ولا بكريم المنظر، إنه ظل من يحموم. وقد تحدث القرآن عن هذا الظل الذي هو دخان جهنم الذي يعلو النار، فقال: (انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب، لا ظليل ولا يغني من اللهب، إنها ترمي بشرر كالقصر، كأنه جمالت صفر)، فالآية تقسم هذا الدخان إلى ثلاثة أقسام. وأخبر الحق - سبحانه - عن قوة النار ومدى تأثيرها في المعذبين فقال: (سأصليه سقر، وما أدراك ما سقر، لا تبقي ولا تذر، لواحة للبشر ) إنها تأكل شيء، وتدمر كل شيء، لا تبقي ولا تذر، تحرق الجلود وتصل إلى العظام وتصهر ما في البطون، وتطلع على الأفئدة. وقال - عليه الصلاة والسلام -: (نارنا جزء من سبعين جزءا من نار جهنم) قيل يا رسول الله إن كانت لكافية، قال: (فضلت عليها بتسعة وستين جزءا، كلهن مثل حرها)، رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري

وهذه النار لا يخبو أوارها مع تطاول الزمان، ومرور الأيام (فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا)، وقال: (كلما خبت زدناهم سعيرا)، ولذلك لا يجد الكفار طعم الراحة، ولا يخفف عنهم العذاب مهما طال العذاب، (فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون) والنار تسعر كل يوم كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم عن عمرو بن عبسه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (صل صلاة الصبح، ثم أقصر عن الصلاة، حتى تطلع الشمس، وترتفع فإنها تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صل فإن الصلاة مشهودة حتى يستقل الظل بالرمح، ثم اقصر عن الصلاة فإنه حينئذ تسجر جهنم، فإذا أقبل الفيء فصل)، وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم).وتسعر النار يوم القيامة عندما تستقبل أهلها (وإذا الجحيم سعرت)، أي: أوقدت وأحميت.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply