بسم الله الرحمن الرحيم
بينما كنتُ أبحثُ عن دابتي التي ضلت مني، ساقني ذلك إلى ضفاف نهر دجلة التي كانت تبعد عن قريتنا مسافة أمتار معدودة، وكان من عادة الناس في قريتنا أن يناموا خارج المنازل في فصل الصيف هرباً من الحرّ، فترى هذا يفترش الأرض، وذاك على السرير، وآخر على كومة من القش، وهكذا...وقد كانت أمسية اليوم من الأمسيات المقمرة الجميلة التي يتصدر فيها البدر كبد السماء مرسلاً أشعته الفضية على أرجاء المعمورة، وقد بدت القرية مكشوفةً أمام الأنظار تأخذ الألباب بمناظرها الخلاّبة، وجوّها الساحر، وهوائها العليل.وبينما أنا على ضفاف دجلة أنظر حولي، فإذا بشيء صغير عائم على صفحة الماء قادم باتجاهي. لَفَتَ ذلك نظري، وأغراني الفضول وحب الاستطلاع أن أعلَمَ شيئاً عن أمرهاº فلما اقتربت من الضفة إذا هي ضفدعة على ظهرها عقربٌ قد تشبثت بهاº وما إن وصلت الضفدع إلى اليابسة حتى نزلت عنها العقرب وانطلقت بكل سُرعتها نحو قريتنا، وجريتُ بدوري خلفها مقتفياً أثرها حتى دخلت القرية، ولم أشأ قتلها بل تركتها لأرى ما أمرها، وماذا تصنع. اتجهت العقرب بسرعة نحو كومة القش التي ينام عليها حسين، ذلك الشاب الصالح، وهو نائم في سبات عميقº ثم دخلت في هذه الكومة وتوغلت فيها فلم أعد أعرف عنها شيئاً، وما هي إلا برهة من الزمن حتى شاهدتُ اضطراباً في كومة القش التي ينام عليها حسين، ثم خرجت العقرب من بين ثنايا القشّ، وانطلقت مسرعةً نحو الضفة حيث ركبت الضفدع ثانية، وانطلقتا جميعاً في عرض الماء. عدتُ لأرى ما جرى لصاحبي حسن، فرفعت بعض القش من تحته وإذا بي أرى حيّةً عظيمة قد وقعت صريعة إلى جانبه، وقد سال من رأسها خطٌ من الدماء يشير إلى أن العقرب قد لسعتها وأردتها قتيلة قبل أن تؤذي صاحبي النائم، فسبحان الله الذي سخّر العقرب لقتل الحية، وسخر الضفدع لنقل العقرب، كلٌّ ذلك حماية لذلك المسلم النائم. يقول الله - تعالى -: ((له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله)) [سورة الرعد: 11]
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد