لماذا فاطمة ؟ ( 3 - 7 )


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الدرس الثالث: الزوجة الخادمة:

كم خادماً وخادمةً تملكه سيدة نساء العالمين ـ فاطمة الزهراء ـ؟

 

من الذي يقوم بأعمال بيتها؟ ومن الذي ربى أبناءها؟ ومن الذي يخدم زوجها؟

 

إنها تؤدي كل ذلك بنفسها.

 

في الصحيحين أن فاطمة - رضي الله عنها - أتت النبي – صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى في يديها من الرحى فأتى النبي – صلى الله عليه وسلم - بسبي فانطلقت تسأله خادماً فلم تجده فذكرت ذلك لعائشة - رضي الله عنها - فلما جاء الرسول – صلى الله عليه وسلم - أخبرته، قال علي: فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم فقال: مكانكما فجاء فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على بطني. فقال: ((ألا أدلكما على ما هو خير لكما مما سألتما، إذا أخذتما مضاجعكما فسبحوا الله ثلاثاً وثلاثين واحمداه ثلاثاً وثلاثين وكبرا ثلاثاً وثلاثين)) فهو خير لكما من خادم قال علي: فما تركتها بعد، قيل: ولا ليلة صفين قال: ولا ليلة صفين.

 

نعم.. ما هي الخدمة في مصطلح عصرها. إنها العجن والطحن والغسل واستسقاء الماء والقيام بأعمال البيت كلها وهذه الخدمة منعدمة في عصرنا ومع ذلك فلا تسأل عن كثرة الخدم في بيوتنا وخدمة المرأة بيتها وزوجها ودابتها من المعروف قال - تعالى -: ((وَلَهُنَّ مِثلُ الَّذِي عَلَيهِنَّ بِالمَعرُوفِ)) (البقرة: من الآية228).

 

وهكذا كان نساء سلف الأمة فقد صح عن أسماء - رضي الله عنها - أنها قالت كنت أخدم الزبير خدمة البيت كله وكان له فرس وكنت أسوسه وأقوم عليه.

 

وصح عنها أنها كانت تعلف فرسه وتسقي الماء وتحرز الدلو وتعجن وتنقل النوى على رأسها من أرض على ثلثي فرسخ.

 

ومع هذا ربين الأبطال وأدين حق الله والرجال.. فيا من ترى في خدمة بيتها وزوجها تنقصاً.. وتمتنع من ذلك تشرفاً.. هذه أشرف نساء العالمين كانت تخدم زوجها بالعجن والطحن والغسل حتى تأثرت يداها من تلك الأعمال.. وجاءت تشكو إلى والدها الخدمة فلم يعطها خادما.. بل أمرها بالذكر لله - تعالى -!!

 

ولكم يستغرب أرباب المفاهيم المادية هذه الأجوبة النبوية.. سألته خادماً.. فعلمها - صلى الله عليه وسلم - ذكراً!! فياله من جواب عظيم، وتعليم قويم، تأملوا قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((هو خير لكما من خادم)).

 

ما السر في ذلك؟ هل هذه الأذكار تؤدي عملاً أو تعين محتاجاً، أو تكسب قوة؟ نعم اسمع كلام مجرب:

 

قال ابن تيمية فيما نقله عنه ابن القيم: بلغنا أنه من حافظ على هذه الكلمات قوله: ((فسبحوا الله ثلاثاً وثلاثين واحمداه ثلاثاً وثلاثين وكبرا ثلاثاً وثلاثين)) لم يأخذه إعياء فيما يعانيه من شغل وغيره، وذكر ابن القيم أن الذكر يعطي قوة للذاكر حتى إنه ليفعل مع الذكر مالا يطيق فعله بدونه وقد شاهدت من قوة شيخ الإسلام ابن تيمية في مشيته وكلامه وأقدامه وكتابته أمراً عجيباً، فكان يكتب في اليوم من التصنيف ما يكتبه الناسخ في جمعة أو أكثر وقد شاهد العسكر من قوته أمراً عظيماً، وذكر حديث الباب. انتهى من كلام ابن القيم.

 

فسبحان العليم بأحوال عباده وخلقه، الآمر لهم بما يصلحهم في دنياهم وآخرتهم..

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply