الموت أمام عينها ولكن وفت بعدها


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

البداية..

أما هي.. فكانت فتاة روسية.. من عائلة محافظة..

لكنها (آرثوذوكسية) شديدة التعصب للنصرانية..

عرض عليها أحد التجار الروس أن تصحبه مع مجموعة من الفتيات.. إلى دولة خليجية.. لشراء أجهزة كهربائية.. ثم بيعها في روسيا..

كان هذا هو الهدف المتفق عليه بين الرجل.. وهؤلاء الفتيات..

وعندما وصلوا إلى هناك.. كشر عن أنيابه.. وعرض عليهن ممارسة الرذيلة.. وبدأ في تقديم الإغراءات لهن.. مال وافر.. علاقات واسعة..

إلى أن اقتنع أكثر الفتيات بفكرته..

إلا هذه الفتاة.. كانت شديدة التعصب لدينها النصراني.. فتمنعت..

فضحك منها.. وقال: أنتِ في هذا البلد ضائعة.. ليس معكِ إلا ما تلبسين من الثياب.. ولن أعطيكِ شيئاً.. وبدأ يضيق عليها..

أسكنها في شقة مع بقية الفتيات.. وخبا جوازات سفرهن عنده.. وانجرفت الفتيات مع التيار.. وثبتت هي على العفاف..

لا زالت تلح عليه كل يوم.. في تسليمها جوازها.. أو إرجاعها إلى بلدها.. فيأبى عليها ذلك..

فبحثت يوماً في الشقة.. حتى وجدت جوازها.. فاختطفته..

وهربت من الشقة..

خرجت إلى الشارع.. لا تملك إلا لباسها..

هامت على وجهها.. لا تدري أين تذهب.. لا أهل.. ولا معارف.. ولا مال.. ولا طعام.. ولا مسكن..

أخذت المسكينة تتلفت حائرة يمنة ويسرة..

وفجأة رأت شاباً.. يمشي مع ثلاث نساء..

اطمأنت لمظهره.. فأقبلت عليه..

وبدأت تتكلم باللغة الروسية..

فاعتذر أنه لا يفهم الروسية..

قالت: هل تتكلمون الإنجليزية؟

قالوا: نعم!

فرحت.. وبكت.. وقالت: أنا امرأة من روسيا.. قصتي كذا وكذا.. ليس معي مال.. وليس لي مسكن.. أريد العودة إلى بلادي..

أريد منكم فقط إيوائي.. يومين أو ثلاثة.. حتى أتدبَّر أمري مع أهلي وإخوتي في بلادي..

أخذ الشاب (خالد) يفكر في أمرها..

ربما تكون مخادعة.. ! أو محتالة.. ! وهي تنظر إليه وتبكي..

وهو يشاور أمه وأختيه..

وفي النهاية..

أخذوها إلى البيت..

وبدأت تتصل بأهلها.. ولكن لا مجيب.. الخطوط متعطلة في ذاك البلد!

وكانت تعيد في كل ساعة الاتصال..

عرفوا أنها نصرانية.. تلطفوا معها.. رفقوا بها.. أحبتهم..

عرضوا عليها الإسلام.. ولكنها رفضت.. لا تريد..

بل لا تقبل النقاش في موضوع الدين أصلاً..

لأنها من أسرة \" أرثوذكسية \" متعصبة تكره الإسلام والمسلمين!

فذهب خالد.. إلى مركز إسلامي للدعوة..

وأحضر لها كتباً عن الإسلام باللغة الروسية..

فقرأتها.. وتأثرت بها.. ومرت الأيام.. وهم يحاولون ويقنعون..

حتى أسلمت.. وحسن إسلامها.. وبدأت تهتم بتعاليم الدين.. وتحرص على مجالسة الصالحات..

خافت أن ترجع إلى بلدها فترتد إلى نصرانيتها..

 

زواج..

فتزوجها خالد..

وكانت أكثر تمسكاً بالدين.. من كثير من المسلمات..

ذهبت يوماً مع زوجها إلى السوق.. فرأت امرأة متحجبة.. قد غطت وجهها.. وكانت هذه أول مرَّة ترى فيها امرأة متحجبة تماماً.. فاستغربت من هذا الشكل!!

وقالت: خالد.. لماذا هذه المرأة بهذا الشكل؟ لعل هذه المرأة مصابة بعلَّة شوهت وجهها.. فغطته؟

قال: لا.. هذه المرأة تحجبت الحجاب الذي ارتضاه الله - سبحانه وتعالى - لعباده..

والذي أمر به رسوله r..

فسكتت قليلاً.. ثم قالت: نعم.. فعلاً.. هذا هو الحجاب الإسلامي.. الذي أراده الله منا..

قال: وما أدراكِ؟

قالت: أنا الآن إذا دخلت أي محل تجاري.. لا تنزل أعين أصحاب المحل عن وجهي! تكاد أن تلتهم وجهي قطعة قطعة!!

إذن وجهي هذا لابد أن يُغطَّى.. لا بد أن يكون لزوجي فقط يراه.. إذن لن أخرج من هذا السوق إلا بمثل هذا الحجاب.. فمن أين نشتريه.. ؟

قال: استمري على حجابك هذا.. كأمي وأخواتي..

قالت: لا.. بل أريد الحجاب الذي يريده الله..

مرت الأيام على هذه الفتاة.. وهي لا تزداد إلا إيماناً..

وأحبها من حولها.. وملكت على زوجها قلبه ومشاعره..

وفي ذات يوم نظرت إلى جواز سفرها.. فإذا هو قد قارب الانتهاء..

ولا بد أن يُجدَّد..

والأصعب من ذلك.. أنه لا بد أن يُجدد من المدينة نفسها الذي تنتمي إليها المرأة..

إذن لا بد من السفر إلى روسيا.. وإلا تعتبر إقامتها غير نظامية..

قرر خالد السفر معها.. فهي لا تريد السفر من غير محرم..

ركبوا في طائرة تابعة للخطوط الروسية..

وركبت هي بحجابها الكامل!! وجلست بجانب زوجها شامخة بكل عزة..

قال لها خالد: أخشى أن نقع في إشكالات بسبب حجابك..

قالت: أنت الآن تريد مني أن أطيع هؤلاء الكفرة! وأعصي الله..

لا.. والله.. فليقولوا ما شاءوا..

بدأ الناس ينظرون إليها..

وبدأت المضيفات يوزعن الطعام.. ومع الطعام الخمر..

وبدأ الخمر يعمل في الرؤوس.. وبدأت الألفاظ النابية.. توجه إليها من هنا وهناك..

فهذا يتندر.. وذاك يضحك.. والثالث يسخر..

ويقفون بجانبها.. ويعلَّقون عليها..

وخالد ينظر إليهم.. لا يفهم شيئاً..

أما هي فكانت تبتسم وتضحك..

وتترجم له ما يقولون..

غضب الزوج..

فقالت: لا.. لا تحزن.. ولا يضِق صدرك.. فهذا أمر بسيط..

في مقابل ما جابهه الصحابة.. وما حصل للصحابيات من بلاء وابتلاء..

صبرت هي وزوجها.. حتى وصلت الطائرة..

 

في روسيا..

قال خالد:

عندما نزلنا في المطار.. كان أظن أننا سنذهب إلى بيت أهلها..

ونسكن عندهم ثم بعد ذلك ننهي إجراءاتنا ونعود..

لكن نظرة زوجتي كانت بعيدة..

قالت لي: أهلي (آرثوذوكس) متعصبون لدينهم.. فلا أريد أن أذهب الآن!

لكن نستأجر غرفة.. ونبقى فيها..

وننهي إجراءات الجواز.. وقبيل السفر نزور أهلي..

فرأيت أن هذا رأياً صواباً..

استأجرنا غرفة وبتنا فيها..

ومن الغد ذهبنا إلى إدارة الجوازات..

دخلنا على الموظف فطلب الجواز القديم وصور للمرأة..

فأخرجت له صوراً لها بالأسود والأبيض.. ولا يظهر منها إلا دائرة الوجه فقط..

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply