بسم الله الرحمن الرحيم
لم يكن في حسبان نجم الكاراتيه العالمي الشهير \"هديكو أوكاموتو\" يوماً أن يصبح مسلماً، فلم يكن يعرف عن الإسلام إلا أنه دين يعتنقه مجموعة من البشر \"متخلفة حضارياً\"، والشكوك المثارة حول هذا الدين أكبر بكثير من المعلومات الصحيحة المتاحة عنه.
إلا أن أوكاموتو صاحب إحدى الشخصيتين المحفورتين على شعار لعبة الكاراتيه العالمي وأهم ناشري لعبة الكاراتيه في المنطقة العربية ومؤسس معظم اتحادات الكاراتيه في دول المنطقة ورابع أشهر اسم في هذه اللعبة على مستوى العالم أصبح الآن لا يترك محفلاً إلا ويؤكد للعالم كله متفاخراً أنه اعتنق الإسلام حباً في هذا الدين الحنيف بأخلاقيات أهله وسلوكياتهم.
حول قصة إسلام بطل الكاراتيه العالمي أحمد كمال أوكاموتو وماذا أضاف إليه إسلامه وأهم العقبات التي واجهته بعد إعلان إسلامه وغيرها من النقاط كان هذا الحوار:
هل لنا أن نعرّف قراءنا أكثر إلى شخصكم؟
ولدت لأبوين بوذيين يهتمان بتربية أبنائهما تربية أخلاقية قويمة.. أحببت الكاراتيه منذ صغري وتعلمت في أكبر المدارس اليابانية المتخصصة في تدريس أصول اللعبة، وحصلت من هذه المدرسة على شهادة تمنحني لقب خبير في اللعبة، وتابعت تعليمي لكل أسرار اللعبة حتى حصلت على ما يشبه درجة الدكتوراه حسب قوانين اللعبة، وتدرجت بين ألقاب اللعبة حتى وصلت الآن إلى درجة خبير أول في اللعبة ورابع شخص على مستوى العالم في مراتبها، وأعمل حالياً مديراً فنياً لمنتخبات الكاراتيه المصرية ومحاضراً زائراً لمدربي لعبة الكاراتيه في المنطقة العربية، وبمجرد اعتناقي الإسلام غيرت اسمي من هديكو أوكاموتو إلى أحمد كمال أوكاموتو.
كيف كان قدومك إلى المنطقة العربية؟
في عام 1970 نتيجة تفوقي في لعبة الكاراتيه اختارتني وكالة التنمية الدولية اليابانية لنشر اللعبة في منطقة الشرق الأوسط وبخاصة المنطقة العربية، وكانت محطتي الأولى العمل كخبير كاراتيه بوزارة الداخلية السورية، وخلال ست سنوات قمت بالتدريب في سورية والعراق والأردن ولبنان وفلسطين ومصر، وفي عام 1976 انتقلت للعمل بمصر بناء على طلب الرئيس الراحل أنور السادات كخبير ومدرب للكاراتيه بالاتحاد المصري، وكانت مهمتي الأولى لا تتعدى إلقاء محاضرات حول أصول اللعبة وأهم مزاياها وطرق ممارساتها، وخلال هذه الفترة لمست طريقي نحو معرفة الإسلام كدين، فقد فوجئت بما لم أكن أتوقعه، كنت أعتقد أني قادم إلى شعوب يفصلها عن العالم عشرات السنين ويسودها أخلاقيات وسلوكيات غير متحضرة، لكنني وجدتني بين شعوب تسودها أخلاقيات وسلوكيات حضارية لا توجد في سواها من العالم، وعندما فكرت جيداً في ذلك وجدت أن دين هؤلاء هو سبب هذه السلوكيات، وهنا بدأت أفكر بجدية أن أقيم في هذه المنطقة وأعتنق دين أهلها، وكانت البداية أن قررت ترك أهلي وأسرتي واليابان بلدي والاستقرار في مصر متنقلاً بين الدول العربية كخبير للعبة الكاراتيه ومحاضر في دورات المدربين للعبة بها كي أتعرف أكثر هذا الدين، ووفقني الله إلى اعتناق الإسلام ولم يكن ذلك إلا عن اقتناع وحب بعد أن عاشرت المسلمين واقتربت من عاداتهم وسلوكياتهم وبعد أن قرأت الكثير والكثير عن الإسلام.
كيف جاء قرارك باعتناق الإسلام؟
رباني أبواي منذ صغري على سلوكيات التسامح والتراحم والتعاون، وكنت أجد تناقضاً غريباً بين ما تربيت عليه وبين ما أمارسه من طقوس دينية بحكم أني كنت بوذياً، وعندما قدمت إلى المنطقة العربية وعاشرت المسلمين عن قرب وبدأت أقرأ عن الإسلام وجدتني مبهوراً بروح الجماعة التي تسود كل سلوكيات أهله، فهم في صلاتهم جماعة وهم في حجهم جماعة وعندما يصومون جماعة ووجدت في الإسلام ضالتي في أخلاقياته العامة، فالدعوة إلى الرحمة والتسامح من أسس الدين ونبذ الكراهية والتباغض والعنصرية من شيم المسلمين التي غرسها فيهم دينهم، كنت في الماضي لا أجد إلا الفردية أمامي في كل سلوكيات الحياة: ففي الصلاة البوذية كل فرد يصلي مستقلاً ويذهب إلى دار العبادة متى شاء، ووجدتني منجذباً لكي أعرف أكثر عن هذا الدين وطبيعته ومبادئه والأخلاقيات التي يحث عليها، وتعمدت ألا ألجأ إلا لكبار المشايخ الذين يثق بهم المسلمون حتى لا تشوب المعلومات التي أحصل عليها أي شائبة، وسعيت لمجالسة الشيخ محمد متولي الشعراوي - يرحمه الله -، وبعد أكثر من جلسة معه اطمأننت إلى حقيقة استقرار هذا الدين في قلبي، وأمامه وأمام جمع من المسلمين في حضرته أعلنت إسلامي والحمد لله وغيرت اسمي إلى أحمد كمال.
ماذا كنت تعرف عن الإسلام وأهله في بداية حياتك؟
لم أكن أعرف عن الإسلام الكثير غير أنه واحد من الأديان التي يعتنقها مجموعة قليلة من الناس وتثار حوله الكثير من الشكوك في طبيعة إنسانية مبادئه العامة ومدى اتساق الأخلاقيات التي يعلّمها لأتباعه، وأن معتنقيه أناس متخلفون حضارياً وتسودهم سلوكيات رجعية، ولم أكن مشغولاً تجاه هذه الصورة السلبية بأن أعرف أكثر عن هذا الدين فضلاً عن أنه حتى في حال رغبت في معرفة معلومات أكثر لم يكن من السهل أبداً أن أحصل عليها نظراً لقلة إن لم يكن انعدام الوسائل التي تعرِّف بهذا الدين في اليابان، فهذا البلد من البلاد المحرومة من توجيه الهيئات والجهات الدعوية الإسلامية أي جهود دعوية إليها. ويكفي أن أقول لك إنه حتى بعد أن اعتنقت الإسلام لم يكن من السهل أبداً أن أتخطى حاجز اللغة في تعلم أصول ومبادئ وأحكام الدين الإسلامي لعدم وجود ترجمة لأي من كتب الفقه أو السنة إلى اللغة اليابانية، بل حتى ترجمة معاني القرآن الكريم نفسه إلى اليابانية ليست منتشرة كثيراً هناك، وهي حديثة أيضاً في إصدارها.
هل قابلتك مضايقات في المحافل الرياضية العالمية؟
حرية الاعتقاد مكفولة في الغرب بشكل كبير، وما من مرة زرت محفلاً رياضياً عالمياً أو دعيت لحضور دورة رياضية أو مسابقة رياضية عالمية إلا وكان احترام كوني مسلماً صفة أساسية في كل أساليب التعامل معي، وكنت أحرص على أن أظهر لكل من حولي أنى مسلم لسببين: أولهما عدم عرض أي أطعمة أو سلوكيات تتنافى مع تقاليد الإسلام عليّ، والثانية أنى فخور جداً بكوني مسلماً وأحرص على أن أخبر من حولي بأني مسلم عسى أن يناقشني أحدهم وأجدها فرصة كي أشرح له ما أعرف عن عظمة الإسلام وقيمه ومبادئه الرفيعة، وحدث هذا كثيراً بل إن القارئ قد لا يصدق أن كثيراً جداً من الرياضيين العالميين وممن أقابلهم بحكم موقعي في الاتحاد العالمي للكاراتيه لا يعرفون عن الإسلام إلا بقدر ما كنت أعرف أنا قبل إسلامي أو أقل.
ماذا عن أمنياتك التي تسعى لتحقيقها في الفترة القادمة؟
أن أبقى حياتي القادمة بين الناس الذين أحببتهم في البلاد الإسلامية وأتوق إلى زيارة الأراضي المقدسة بالسعودية، أرض الكعبة المشرفة وأرض رسول الله سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم -. وأتمنى أن أسافر في زيارة خاصة ليست مهمة عمل لأداء الحج أو العمرة وزيارة قبر الرسول – صلى الله عليه وسلم -.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد