الفنانة المحجبة \ حلا شيحا \ : واجهت صعوبات شديدة في رحلتي مع الحجاب


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

حفل حجاب الفنانة حلا أحمد شيحة، بلغط كثير حول تحجبها ثم خلعها للحجاب.. وقد قوبل قرارها التزام الحجاب بصعوبات ومعارضة ممن حولها.. في الأسرة.. نتركها تروي حصاد تجربتها بالكامل في السطور التالية..

 

اسمي حلا أحمد ذو الفقار عبد الحميد شيحا، ووالدي هو الفنان التشكيلي أحمد شيحا، ولي شقيقتان هما مايا ورشا.

الحمد لله - تعالى -، أنا وشقيقتي مايا أصبحنا محجبتين، ونعمل بكل جدية للدعوة لله - عز وجل -، رغم صعوبة المشوار، وضخامة التكاليف.

كانت هناك معارضة شديدة جداً.. وما زالت.. من بعض الأصدقاء ومن الأسرة، ومن آخرين.. ودائماً.. المرء عدو ما يجهل، والشيطان دائماً يخوّف الإنسان المتردد بالفقر، ويرهبه ويحاول أن يصده عن طريق الطاعة، وعلى الإنسان أن يقطع كل سبل الشيطان هذه بالعلم والتوكل على الله حق التوكل.. حيث إن عالماً واحداً أضر على الشيطان من ألف عابد.

هداية الله - عز وجل - إذا لامست قلب الإنسان.. رفعت ضعفه، وآمنت خوفه، وطمأنت فزعه.. والفضل لله أولاً وأخيراً.. وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون (53) (النحل: 53).

هؤلاء الذين يراهنون على الحجاب، مع مرض معين، أو ظروف نفسية معينة، مخطئون جداً، حتى ولو كانوا صادقين في دعواهم... حيث إن الإنسان دائماً يلجأ إلى الله في الشدائد.. حتى الكافر في شدته لا يجد له ملجأً إلا الله، {فأين تذهبون} 26 (التكوير).. وما المانع أن يعود الإنسان إلى الله في كربه أو شدته.. فحين يرى ستر الله ورحمته وكرمه، يستحي من الله الذي أنقذه من الشدة.. ويرى واجباً عليه أن يذكره وقت العافية.. ما المانع من هذا؟ فلماذا يقرنون العودة إلى الله دائماً بالمصائب والظروف النفسية والمرضية؟! وهكذا.. فالعودة إلى الله في العافية \"شكر\".. وفي المصيبة \"ذكر\".. ونحن مأمورون أن نذكر الله ونشكره على كل حال: {فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون} 152 (البقرة).

هذا التساؤل، مثل الذي قبله.. فما إن يهتدي إنسان، أو تلتزم إنسانة سواء كانت فنانة أم لا.. أو مشهورة أو غير مشهورة.. إلا وتنطلق التساؤلات: من الذي يقف وراءها؟ وكأنها دخلت إلى طريق غير طبيعي.. مع أن الأصل أن يكون الإنسان مطيعاً لله، وأن تكون هذه التوجسات والتساؤلات هي التي تحيط بالإنسان العاصي لله، المبارز بالمعصية.. الذي يأكل خيره ويذكر غيره..

لا شك أن هناك بعض الإخوة والأخوات ممن أعانوني وثبتوني على هذا الطريق، وجعلهم الله - تعالى -سبباً في تيسير الأمور وشرح الصدور، ويكفي أنهم معروفون عند الله - عز وجل - بأسمائهم وإخلاصهم.. فلهم من الله الأجر والجزاء وجزاهم الله عنا خيراً.

إذا كان الإيمان الحق هو الخروج من الظلمات إلى النور، فإن بعض الغارقين في النجومية والأضواء، يتصورون أن الحجاب عبارة عن خروج من النور إلى الظلمات والعياذ بالله.. ويتصورون عالماً مهولاً من القيود والحدود، والضيق والإكراه الذي يصل إلى درجة السجن.. بل أشد.. ومع بعضهم عذر الجهل.. لأن أي فريضة من فرائض الإسلام.. إذا تصورتها بعيدة عن طاعة أمر الله - تعالى -.. ستبدو لك شديدة وصعبة.. والشيطان يلعب دوره الرهيب في هذه النقطة بالذات.. أما إذا تصورت أي تكليف لله في ظل طاعته.. هان الأمر.. وهان التكليف.. لأن الإنسان وما يعمل ملك لله - تعالى -.. فهو الذي يحييه ويميته.. ويبعثه ويحاسبه.. ولذلك فإن قرار الحجاب للبعض.. رغم اقتناع الكثيرات جداً به يبدو صعباً جداً.. خاصة الخطوة الأولى.. لذا فإنني أدعو الله مخلصة لي ولإخواني بالصبر والثبات والانتصار على النفس وهواها وعلى الشيطان وهواه وضلاله.. إنه نعم المجيب.

 

على الله رزقها

يصل هذا التخوف إلى درجة الرعب، لأن البعض يتصور أن الفن والعمل به هو مصدر رزقه الوحيد، ويكاد ينسى تماماً أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين.

نعم، أحب النجمة العالمية بطلة السباحة الأخت \"رانيا علواني\".. وقد كان لها دور كبير في حجابي.. ولكني أحب أن يكون جزاؤها الأكبر عند الله - تعالى -.. فهي نعم الأخت الواعية الفاهمة لدينها بصورة مشرقة وجميلة.

وصل الأمر إلى أن اتهمني أقرب المقربين لي \"بالجنون\".. وأن قرار الحجاب ما هو إلا \"الجنون\" بعينه، لكن.. الحمد لله، الذي ثبتني، كما ثبت زوجي الفنان هاني عادل، وهو أحد أعضاء فريق وسط البلد الفني.

وما المانع أن يقوم البعض من الدعاة أو الهواة أو الفنانين الملتزمين بإقناع البعض بالحجاب والالتزام؟ هل هذه جريمة؟ لدرجة أن كل من يلتزم نقول: من وراءه؟ ومن موله؟.. ومن؟.. ومن؟ ونظل نطارده بالشائعات الكاذبة المغرضة!

هو توفيق من الله - عز وجل -.. والصواب هو العودة للصواب.. والالتزام قرار شخصي بداية ونهاية.. والسعيد هو الذي ينتصر على نفسه، فالطاعة لا يمكن أن تكون بالإكراه أو الإغواء.. فكل إنسان راشد هو الذي يتخذ قراراته، ويحدد مصيره.

 

الدين لله

الدعوة الإسلامية ليست ملكاً لأحد، وليس في الإسلام تفويض إلهي أو صكوك غفران.. يوزعها الدعاة على الناس.. فإذا لم يكن هناك متحدثون رسميون باسم الطاعة، فلماذا يكون هناك متحدثون رسميون باسم المعصية؟ شيء عجيب.

أفكر كما تفكر ويفكر كل مسلم في الخير والهداية وتقديم الحسن والطيب، والله هو الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

أرفض رفضاً قاطعاً مسألة التفتيش عن الضمائر والبحث عن النيات، لأن الإخلاص سر بين العبد وربه، لا يطلع عليه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده.

أضواء الفن قاتلة، والشهرة قاتلة، والفهم الخاطئ لرسالة الإنسان في الحياة قاتل.. وافتقاد الهدف والمضمون في حياة الإنسان يحوّل حياته إلى متاهة كبيرة.

المنظور الإسلامي في الفنون مازال غائباً.. وإذا كان موجوداً فهو لا يعدو أن يكون كتابات مجردة على الورق.. أو أفكاراً في رؤوس أصحابها.. ولابد أن يتم تجسيد هذه الأفكار الطيبة في أعمال يراها الناس..فيتشبعون من الحلال الطيب، وإذا كان \"الزبون\" في التجارة دائماً على حق كما يقولون..فمن حق المشاهد العادي أن يرى بعض حقه من الأعمال المحترمة التي تغنيه وتشبعه وترضيه هو وأولاده وأسرته.. وهذه العملية الصعبة جداً يجب أن تكون رسالة الفن الإسلامي.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply