أريد البر بوالدي .. ولكن !


بسم الله الرحمن الرحيم

 

السؤال:

أنا رجل متزوج، وأول اهتماماتي هو بر والدي الذي انفصل عن والدتي منذ زمن، وزوجتي إنسانة فاضلة، وتخاف الله كثيرا، ولكن المشكلة هي أن زوجة والدي تحارب زوجتي بالاتهام والافتراء، ولها تأثير كبير على والدي عن طريق التمثيل، وادعاء أنها مظلومة، ووالدي يهتم بهذه الأمور بشكل كبير، وفي النهاية أنا من يدفع الثمن بردات فعل والدي.علمًا أنه قد طلب مني مرارًا أن أطلق زوجتي بلا سبب واضح، ولكن إرضاء لزوجته.فأرجو منكم نصيحة لحل هذه المشكلة.

 

الجواب:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أخي السائل الكريم..

إني أجِلٌّ وأُكبِر فيك هذا الحرص على بر والدك، وليس هذا بكثير في حقه، وأهنئك على هذه الزوجة التي ذكرت أنها إنسانة فاضلة وتخاف الله، فمثل هذه لا يمكن إلا أن تكون عونا على الإصلاح، وساعداً أيمنَ يكون الاعتماد عليه بعد الله في حل المشكلة، سيما وأنها طرف متضرر في هذه المشكلة، وأحسب أن الظلم الواقع على زوجتك الصالحة لا يدعوها إلى الانتقام بقدر ما يدعوها إلى المساهمة في إصلاح زوجة أبيك (المريضة) بمرض الغيرة.

أخي سؤالك لم يكن مفصلا، فاسمح لي أن أجيب عليه حسب ما فهمت منه. إن الجواب ذو شقين: شق يتعلق بك أنت، والشق الآخر يتعلق بزوجتك:

أما بالنسبة لما يتعلق بك فأجمله في أمور:

الأمر الأول: صارح زوجتك أنك متفهم للمشكلة، وأنك تُقدِّر لها صبرها وتحملها وسعيها إلى إصلاح الأمر في سبيل رضاك عنها الناتج من رضا والدك عنك، فذلك مما يسليها ويدفعها إلى الحرص على كسب ود والدك وزوجته.

ثانيا: تعامل بالحسنى مع زوجة والدك كما لو لم تكن تعرف ما في نفسها تجاه زوجتك. ثالثا: ورد في الأثر (تهادوا تحابوا)، وهذا وإن كان في صحة نسبته للنبي - صلى الله عليه وسلم - مقال إلا أن التجربة أثبتت صحته، فاحرص على كسب قلب زوجة والدك بالهدية بين الفينة والأخرى.

رابعا: أشعر والدك بحب زوجتك له ولزوجته تلميحا لا تصريحا، كأن تقول له مثلا: إن زوجتي تقول حين ما رأت كذا -لشيء يعجب والدك- قالت ليت والدك يراه أو يحصل عليه ونحو ذلك مما يشعره بإجلالها لها ومحبتها لكل ما يسعده.

خامسا: حاول أن تقدم بعض الخدمات لزوجة والدك التي ربما كان منشأ المشكلة أنها أحست بفقد شيء مما كنت تقدمه قبل زواجك، فشعرت أن زوجتك هي السبب وراء ذلك، فتزيل أنت بذلك هذا الشعور من نفسها.

سادسا: إذا لم تكن أخبرت زوجتك بأن والدك يطلب منك فراقها، فهذا حسن وهو المطلوب، وإن كنت أخبرتها بذلك، فأخبرها أن أباك قد طلب ذلك منك وهو في فورة غضب، وأنه مع كل ما حصل فهو يحبها فهي زوجة ابنه، وأظن أن تلك هي الحقيقة لولا المؤثرات التي نسأل الله لكما العون على تخطيها.

أما الشق الثاني الذي يتعلق بزوجتك: فأوجزه في أمور -واسمح لي أن أجعل الخطاب إليها مباشرة-:

أولا: أهنئك أختي الكريمة على هذا الزوج البار بوالده فإن البر وفاء، والوفي لا يتخلى عن أصحاب الفضل، وفهمت من رسالة زوجك أنه يقدر لك حسن أخلاقك، وتدينك وحرصك، فاستمسكي به، واطلبي سعادته ففيها بإذن الله سعادتك.

ثانيا: بالنسبة لزوجة والده فإنه لا يخفى عليك أن في كسبها كسباً لوالد زوجك، فليست من الأبعدين الذين لا يكلف الإنسان نفسه في طلب ود السيئين منهم.

ويمكنك كسبها بإذن الله بأمور منها: ألا تكثري مخالطتها ولا تنقطعي عنها بل يكون تواصلا يشعر بالاهتمام، واحرصي على تعاهدها بالهدية، وإن كان لها أولاد فأكرميهم واجلبي لهم الهدايا، ولا بأس في اصطحابهم إن كانوا أطفالا إلى بعض أماكن الترفيه المباح، إنك إن كسبتيهم كسبتِ ود أمهم، واتقي شرها.

ثالثا: والد زوجك تعاهديه بالسلام، وتقبيل الرأس عند مقابلته، والاطمئنان عليه إذا مرض أو غاب، واشتري له من الهدايا ما يناسبه.

رابعا: مع كل هذا يجب أن تتعاملي مع زوجة والد زوجك كما يتعامل الطبيب مع المريض، فهي مريضة، فارحميها واسألي الله لها الهداية.

خامسا: أكثري من الدعاء وسؤال الله صلاح الحال، في سجودك، وفي الثلث الأخير من الليل، وفي الأوقات الفاضلة الأخرى، وأحسني الظن بالله أنه سيصلح حالكم، فهو - سبحانه - القائل -كما في الحديث القدسي-: (أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء).

أسأل الله أن يبدل حالكم إلى خير، وأن يجمع على المودة قلوبكم.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply