بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال:
أنا معلم في إحدى المدارس، ويطالبني تلاميذي بمنحهم مكافآت مالية نظير تفوقهم...فما أثر هذه المكافآت، وهل هي تصرف تربوي خاطئ؟
الإجابة:
يقول الأستاذ خالد المعلم، المدرس في إحدى مدارس بيروت الأساسية، والمفتش الأسبق في وزارة التربية والتعليم اللبنانية:
إن المدرسة مكان للعيش بقدر ما هي مكان للتعلم، لأن كثيرا من الطلاب يمضون معظم وقتهم فيها، وربما أكثر من البيت أحيانا.وهذا المكان (المدرسة) يتطلب مقومات تضمن تخريج جيل مؤمن، واعي، ينهض بأمته، بحيث نرعى أفراده ونشجعهم وندعمهم بكل إمكاناتنا كي يكونوا على قدر المسؤولية.
ولا يكفي أن يشجع المعلم طالبا لأنه نجح في حفظ جدول الضرب مثلا، بل يجب عليه أن يدعم كل جوانب تطوره: ثقته بنفسه، مهاراته وهواياته، قدرته على التواصل السليم مع الآخرين، وغير ذلك. وكل طالب، ذكرا كان أم أنثى، له شخصية فريدة، ومميزة، وعلى المعلم أن يتعرف على فردية كل طالب في صفه، وأن يتصرف بمسؤولية تجاه هذه الفردية، فيدعمها بحكمة للوصول إلى إبراز كل مواهب الطالب، ومواطن قوته.
والكثير من الطلاب، إن لم يكن جميعهم، يحبون المكافآت، مالية كانت أم عينية، ولا سيما صغار السن منهم. ولا شيء يدفع الطفل للتصرف الإيجابي، في السلوك أو الدراسة، أكثر من رغبته في الحصول على مكافأة ما.
فالطلاب يحبون المكافآت، وتوقع حصولهم عليها، يعطيهم طاقة داخلية للتجاوب مع متطلبات المحيط، فتراهم متجاوبين مع المعلم والدروس حتى أقصى درجة، الأمر الذي يعزز من نجاحهم في الدراسة وفي الحياة عموما.
والمعلم الناجح، لا يقف \"مستنفرا\" داخل الصف لالتقاط الطالب وهو أوج لحظات المشاغبة، بل \"يستنفر\" طوال النهار لالتقاط طلابه في أعمالهم الإيجابية، ويقدم لهم المكافآت نظير إنجازاتهم وتفوقهم، حتى لو كانت أعمالهم، متطلبا \"إجباريا\" منهم، لأن المكافأة هنا تكون بمثابة تقدير من المعلم إلى الطالب لما أنجز أو عمل.
على أن المكافآت لا يشترط بالضرورة أن تكون مالية، أو مادية، فالمعلم يمكن أن يقدم للطالب الذي يستحق التقدير: ابتسامة، أو تربيتة على الكتف، أو حتى كلمة مشجعة. ويمكن أن تكون المكافأة مادية مثل: وسام يوضع على الصدر، أو كتاب جميل، أو ملصقات ملونة. ولكن المكافآت المالية غير محبذة عند بعض التربويين، لأنهم يرون أن الطفل يمكن أن يتعود عليها، بحيث تصبح \"شيئا\" مطلوبا من كل من يتعامل مع ذاك الطفل، أي أنه يمكن أن يطلب المكافآت المالية من الأب والأم والخال والعم والجد وصديق الوالد والجار... الخ، كما أن المال يعود الطفل على مستوى من الإنفاق قد يكون أعلى من مستوى أو قدرات أسرته، فيلجأ إلى سلوكيات خاطئة (كالسرقة مثلا) للحصول على المال، إذا توقفت تلك المكافآت.
وعموما، المكافآت مهما كان نوعها مهمة ومرغوبة ومحبذة، لأنها تعزز من السلوكيات والأفعال الإيجابية. ويخضع اختيار نوع المكافأة، معنوية أو مادية أو مالية، إلى نوعية الطلاب، وحجم إنجازاتهم، ومهارات المعلم، وإمكانيات المدرسة، أكثر من الاعتبارات التربوية، لأن معظم المكافآت مقبولة تربويا.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد