خانني فخنته فهل أنا ظالمة ؟!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السؤال:

أنا متزوجة منذ سنوات، وزوجي طيب حنون، ولكنه يرفض الإنجاب، ويكثر الخروج من البيت، واكتشفت أن له علاقات عبر التلفون مع أخريات وذلك باعترافه.

ولما اقتنعت أنه من الصعب إقناعه بترك ما هو فيه، انشغلت أنا كذلك عنه بمواقع الشات والدردشة كرد فعل لزوجي ووجدت فيه سعادة مع الشباب والبنات.

وأثناء ذلك تعرفت على شاب وجدت معه ما أفتقده من مشاعر الحب والحنان والعطف بل والأمومة التي افتقدها.

ومع ذلك فأنا أحافظ على صلواتي وأحب زوجي ولا أريد الانفصال عنه، ولكن علاقتي بهذا الشاب هي علاقة عاطفة أم بابنها وذلك لحاجتي لهذه العاطفة. أرجو أنقذوني.

 

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

حدود مشكلتك يا أخية تتلخص في النقاط التالية:

1- زوج منشغل عنك ببعض الأمور الخاطئة التي لم تجدي لها تبريراً ومع ذلك هو طيب حنون (متفاهم) من وجهة نظرك؟ \"لا أعلم كيف؟ \".

2- سبع سنوات تعيشينها بدون إشباع لعاطفة الأمومة دون وجود مبرر أو مانع وواضح بالنسبة لك.

3- العلاقة الخاطئة التي نشأت بينك وبين الشاب (الابن) وكيفية إنهائك لهذه العلاقة بسلام.

بالنسبة للنقطة الأولى أنصحك بالتالي: -

- كوني واقعية وضعي النقاط على الحروف. لماذا ينشغل زوجك عنك بالخروج وبالمكالمات؟؟ هل يجد في الخارج ما لا يجده لديك؟ هل حققتِ له ما يحتاجه وما يريده منك كزوجة؟ إذا كنت تعلمين أنك لم تقصري في ذلك، فربما كان خروجه ومكالماته عادة اكتسبها من رفقة سيئة معه (ولا أخفيك أخية أن هذا الداء بدأ ينتشر وللأسف بشكل علني...) عموماً قد يكون هناك أمر أو شعور يكتنف زوجك فيحاول الانصراف عنه بالخروج أو بالتسلية من هذه المكالمات، ما أقصده: كوني قريبة أكثر لزوجك تلمسي ما يهمه، واعملي على تجديد حياتك معه وبذلك ستملئين الفراغ الذي أشبعه بطريقة غير صحيحة (المكالمات).

- استغلي صفة الحنان والتفاهم معه وصارحيه بما تجدينه من فراغ في حياتك حين يغيب عن البيت (ألحي عليه بهذه الفكرة)، وأظهري أثره هو كزوج في حياتك بالحديث عن إنجازاته وإيجابياته وكيف أنك لا تتخيلين الحياة بدونه المقصود من ذلك كله هو أن تجذبيه قدر المستطاع إلى حياتكما الزوجية.. اقترحي عليه السفر سوياً.. أعدي حفلة حتى لو كانت بلا مناسبة. أعديها حال عودته في إحدى المرات للمنزل. اكتبي ورقة صغيرة تعبر عن مشاعر شوقك له وضعيها على وسادته حال عودته ليقرأها.. وغيرها من أساليب تجديد المشاعر بينكما كلما جذبته أكثر لحياتكما، وبذلت المستطاع في ذلك كلما كان هو أكثر صراحة وأكثر شفافية معك في الحديث حول النقطة الثانية.

النقطة الثانية: (عدم الإنجاب)

- أكرر كوني واقعية بشفافية دون أن تجرحي كبرياء زوجك ناقشي معه السبب في عدم رغبته في الإنجاب.. عبري له بعمق عن العاطفة التي تجتاحك بسبب ذلك وهي عاطفة الأمومة.. هل هناك مانع من أن تشعري بها أم لا؟ مع التأكيد في كلا الحالتين له بأنك على حبك واحترامك له، ولكن البقاء على حيرة أشد على النفس من البقاء والسبب معلوم للطرفين. ثم إذا كان هناك مانع اعملا على حله بعد التوكل على الله والإلحاح عليه بالدعاء.. أنتِ يا أخية عندما تناقشين مع زوجك هذا الأمر فستشعرين بالراحة لكونك لم تهملي هذه الحاجة النفسية بداخلك.

أنتِ انصرفتِ من وضع سيئ إلى وضع أكثر سوءاً.. اعتقدت بلهوهم أن ما تبحثين عنه من اهتمام عند زوجك وجدته لديهم ربما بسؤالهم عنك إذا غبتِ وفرحهم إن حضرتِ.. قد تقولين (أبغاه يقتنع أن زوجي عرف بموضوعي ويقتنع أني لست له.. ممكن يصير له شيء.. ما أريده الآن هو أن أقنعه.. ) طبيعي شعورك المتدفق وقلقك في ضوء هذه العلاقة التي استهلكت من الوقت والتفكير والمشاعر الشيء الكثير.. عليك أن تعلمي بقدر ما يجتاز إنسان حدود آخر، ويجتازها ببراعة ويلامس احتياجات الآخر ومشاعره، بقدر ما يشعر الآخر أنه من الصعب التخلي عنه. وبالتالي يصعب عليه أن يستأصل جذوره التي نبتت بداخله.. هو الآن أصبح جزءاً من مشاعرك وليس منك.. (اعملي بنقيض الفكرة التي شرحتها).

عليك أن تبدئي بالتفكير المتدرج في انفصاله عنك.. فكري في أن حياة هذا الشخص عبارة عن أجزاء متعددة، وعلاقتك به جزء واحد من حياته. نما مع الأيام وتطور العلاقة.. لا تفكري في هذا الجزء من حياته الذي له علاقة بك.. كلما فكرتِ في أن هذا الشخص له حياته العامة وله علاقاته وله تفكيره ومهاراته التي يستطيع بها أن يتخلص من الألم خف لديك الشعور بالقلق عليه..

أنتِ قلقة لأنك تحكمين على الأمور من خلال إدراكك الممزوج بعاطفة جياشه لا من خلال الواقع الذي يقول إن له حياته، وله طريقة العيش التي يختارها، ثم له قبل ذلك كله رب يراه إن شاء لطف بحاله، وإن شاء ابتلاه فلستِ أنتِ راحته، بل أنتِ كنت سبباً في راحته أو سعادته (المزيفة) من وجهة نظري.

هناك يا أخية ما هو أهم (وأعلم أنك تعلمين) لكن عليك أن توجهي تفكيرك الآن إلى نفسك وحاجاتك. ولابد أن يفوق اهتمامك بحاجاتك ما حققه هو لك بهذه العلاقة.. فتمسك كل منكما بالآخر هو في حقيقة الأمر قلق من مواجهة إلحاح الرغبات والحاجات النفسية التي لم تحقق.. فبداخلك الحاجة للشعور بالذات كزوجة وكأم.. وهو ليس لشخصه بل لسلوكه معك حقق هذه الحاجة، وبالتالي فأنتِ تخشين انقطاعه الذي يعني بقاءك وجهاً لوجه وحيدة أمام هذه الحاجة. وبالتالي أنصحك بأن يكون اهتمامك بتحقيق رغباتك وحاجاتك يفوق ما حققته لك هذه العلاقة، ويكون اهتمامك بأن تسعي للكشف عن هذه الحاجات مع نفسك ومع زوجك..

* ختاماً ألخص ما تبقى من أفكاري لتواجهي أزمتك:

- لديك سلاح قوي ينفع لمواجهة كل أطراف أزمتك للقضاء عليهاº وهو سلاح الدعاء.. الدعاء... الدعاء..

- نوعي أساليبك في طرح أي موضوع مع زوجك، واستخدمي باهتمام وعناية أسلوب الكتابة في رسالة ورقية.. فهي طريقة أثبتت فعاليتها.

- لا تجعلي الألم حبيس صدرك. أشركي زوجك معك في الحديث عن أي حاجة نفسية تلح عليك.. لأن حبسه بالصدر بلا وجود مهارات واستراتيجيات سليمة للتخلص منه سيلجئك إلى أساليب خاطئة... (غرف الدردشة).

- أمر انصراف زوجك إلى المكالمات قيسي عليه علاقتك بهذا الشاب في عملية مساعدة زوجك على التخلص منها في الوقوف معه صفًّا واحداً لا ضده.. لأن وقوفك ضده ولجوءه للمكالمات يجعله يشعر أنك ستكونين مصدر ألم وحساب وعقاب عليه، ومصدر الفهم والراحة والانسجام هو المكالمات. اشتركي معه في الهم والإحساس واستعدادك لمساعدته على التخلص.

- في حديثك مع زوجك لا تملي عليه الصواب وتشعريه بالخطأ بشكل مباشر.

- اعملي على رفع مستوى التوافق الزوجي بينكما.

ودمتِ بأمان وراحة.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply