أنقذوني من خالي .. وأخي يتحرش بأختي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الشيخ/ عبد الله بن عبد الوهاب سردار

لديّ أخ أكبر مني غير متزوج، ويعمل في وظيفة مناسبة، والمشكلة التي نزلت عليَّ كالصاعقة أنني اكتشفت أنه يتحرش بأختي الصغيرة، حيث يقوم بلمس أعضائها!! فماذا أفعل؟ علماً بأنني لا أستطيع نصحهº نظراً لعصبيته الزائدة.

ما يتعلق بمشكلة أخيك:

أولاً: أريد منك التأكد من حصول الشيء الذي ذكرته، فهل أنت متأكد أم هو ظن ظننته وتوقّع بنيته على أشياء سابقة، فلا يصح أن تتصرف أي تصرف حتى تتأكد يقيناً أن المنكر واقع.

ثانياً: ما دمت قد عرفت بوجود هذا المنكر فاعلم أن الأمر لن يقف عند اللمس، بل سيصل إلى ما هو أبعد، فلا بد من عمل شيء يوقف هذا المنكر.

ثالثاً: اعلم أنك مسؤول الآن، وعليك حقوق كثيرة ما دمت قد عرفت أن هذا المنكر موجود، منها حق لوالديك لأن هذا شرفهما وعرضهما، وإهمال الأمر يضيع ابنتهما، ويفسد ابنهما، كما أنه حق لأختك الصغيرةº فإن إهمال العلاج وتأخيره يؤدي إلى إفسادها، وقد يضيع شرفها ويدنس عرضها، وهذا يضر بها في المستقبل كثيراً.

وهو أيضاً حق للعائلة كلها، وهو حق لك أنت، بل ومن حق أخيك أن تنصح له. فلا تتساهل في الأمر ولا تؤجل.

رابعاً: في سبيل إيقاف هذا المنكر اتخذ أولاً الخطوات التالية:

الخطوة الأولى: حاول أن تمنع هذا المنكر من الوقوع دون أن تخبر أحداًº حتى لا تفضح أخاك، فترسل إليه رسالة خفية لا يشعر بها أحد، ولا يدري هو أنك أنت المرسل، ولتكن مكتوبة بالحاسوبº حتى لا يعرف خطك، ومضمون هذه الرسالة أنه يوجد من اطلع على تصرفاتك مع أختك، وأني أذكرك بالله وأذكرك بعرضك وشرفك، وأن الأمر إذا استمر فسأكون مضطراً أن أبلغ الوالدين.

فإذا استطعت فعل الخطوة الأولى بمهارة وخفاء فهو أحسن كثيراً، وإن لم تستطع فعل الخطوة الأولى أو فعلتها ولم تنفع شيئاً فانتقل إلى الخطوة الثانية.

الخطوة الثانية: اختر واحداً من والديك لتخبره بالأمر، ولا تخبرهما معاً، ويشترط في الذي تختاره منهما أن يكون أكثر حلماً وصبراً وحكمة ودهاءً ورفقاً وليناًº لأن الموضوع لا يحتاج إلى قوة، بقدر ما يحتاج إلى حكمة ورفق وستر، حتى لا تتذمر البنت الصغيرة، وحتى لا يتحطم أفراد الأسرة، وإذا أراد أحد الأبوين أن يستشير فأنا مستعد لذلك عن طريق الموقع، أو عن طريق هاتفي الجوال. والله يرعاك ويطمئنك على الأسرة كلها.

 

مشكلتي مع خالي، وسأحكي لكم القصة من بدايتها:

فخالي هذا هو أخ أمي من أبيها فقط، في البداية كنا نسمع عنه فقط، فنحن لم نذهب لزيارتهم منذ ولادتي، وهم لم يأتوا لزيارتنا، إلى أن جاء يوم، سمعت فيه الجميع يتحدثون، ويقولون: (سوف يأتي خالكم لزيارتكم)، كان ذلك وأنا مازلت في الصف الثالث المتوسط، وكان خالي في الصف الثاني الثانوي، وعندما جاء لزيارتنا في المنزل كنت متخوفة من لقائه، لكن عندما نظرت إليه ارتاحت نفسي، وهدأ قلقي، وعندما جاء موعد رحيله عنا طلبت منه طلبًا، حيث قلت له: أريدك أن تصبح أخي الأكبرº لأنني ليس لدي إخوة من الذكور، فقال: حسنًا عزيزتي؟ لا أستطيع أن أشرح لك كيف كان شعوري في تلك اللحظة، كدت أطير من الفرح، لقد أصبح عندي أخ أكبر مني، وأحببت خالي على هذا الأساس، أحببته حبًا أخويًا، لكنه عندما زارنا في المرة الأخيرة تغيرت نظرته إلي، فلم يعد ينظر إلي على أنني شقيقته أو ابنة أخته، بل أصبح يعاملني وكأنني خليلته، بل عشيقته! يطيل النظر إلي دائماً، يقبلني ويضمني إلى صدره كثيراً وبدون سبب، يقول لي: أنا لا أستطيع العيش بدونك، أصبحت أخاف منه كثيرًا، حتى إن أمي لاحظت الوضع ووبختني، فقلت لها: أنا لا أعرف لماذا يتعامل معي هكذا. المهم بعد سفره أصبح يكلمني على جوالي يومياً، ويقول لي كلاماً غريباً، لقد صار يرسل لي رسائل عشق لا تليق. فأرشدوني ماذا أفعل؟

المجيب/ سليمان بن سعد الخضير  مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم.

 

أختي الكريمة قرأت مشكلتك، وفهمت ما جاء فيها، وتفهمت ما تعانينه من مشكلة متداخلة، ورثيتُ لحال الرجولة حين يتحول الحارس إلى لص.

الأصل أن تبدأ العلاقة بين المحارم في وقت مبكر، فيتعامل بعضهم مع بعض بمسؤولية وعلاقة رحم وغَيرةٍ,، ولا تتطرق إليها خطرات الشهوةº لمنافاة ذلك للفطرة والجبلّة، وفي قصة الأخت السائلة اجتمع أمران أفسدا هذه الطبيعة:

1- أن اللقاء بين القريبين تم على حين كبر من الطرفين، ولم ينمُ نموًّا طبيعيًا، فأصبح الشاب ينظر إليها كأنها أجنبية لا يستشعر الرحم بينهما.

2- أن الخال وقعت عينه على الفتاة حين بدوّ أنوثتها، وهجوم طيش المراهقة عليه، التي يصاحبها شهوة أعنف ما تكون، وربما يكون الخال مرّ في فترة سابقة بسلوك منحرف زاد من فرص النظرة السيئة التي أصبح ينظر بها إلى السائلة.

لقد بدأت بذرة النظرة السيئة تنمو لديه في وقت مبكر، حين كانت هي تسقي (ببراءة) تلك النظرة المنحرفة، من خلال تواصلها معه، والرسائل التي تعبر فيها عن محبتها له، فيقرؤها بصورة مشوهة بسبب غشاء الهوى، ويتوهم علاقة غرامية بينهما، ثم كان اللقاء الذي حول الخيالات إلى حقيقة، وتحول النظر إليها من صورة في الذهن إلى واقع، فتوقع أنه سيجد الوهم الذي كان غارقًا فيه، وأنا أحيِّي في الفتاة ثباتها وعدم انجرارها مع مشاعرها الفطرية، عصمها الله من كل سوء.

تتلخص المشكلة فيما يلي:

الشاب خال يمكنه النظر للفتاة والخلوة بها.

على الشاب مؤشرات سلوك منحرف.

الفتاة تحبه (حبًا أخويًا).

تريد الفتاة حلاً، وتشترط ألاّ يكون على حساب جرح كرامته!!

في المثل الصحي المشهور: \"الوقاية خير من العلاج\"، وفي القواعد الفقهية (الدفع أسهل من الرفع)، وهو ما يتعين علينا فعله، على الأخت السائلة أن تتبع الخطوات الآتية:

1- على الفتاة أن تقطع الاتصال به، مهما كانت وسيلة الاتصال، ومع ما في هذا القرار الصعب من مرارة على الفتاةº فلا بدّ أن تتحمله لصالحه ولصالحهاº لأن انقطاعها عنه سيخفف من غلواء مشاعره تجاهها، ويعيده إلى جادة الصواب بإذن الله.

2- تتجنب الفتاة الخلوة به إذا حضر لزيارتهم، ولو كانت لدقائق، ولتحرص ألاّ يكون بينهما أية أحاديث (فضلاً عما هو أكثر من ذلك) إلا بحضرة آخرين راشدين.

3- أن تبدو بحضرته أكثر استتارًا من المعتاد مع محارمها، فتختار من ملابسها القميص الذي تغطي أكمامه كامل ذراعيها، ولا يبقي إلا قدر يسير جدًا من صدرها، وتضع فوق رأسها طرحة أو منديلاً لتخفي جاذبية شعرها، ولو لم يصل الأمر إلى حد التحجبº وكل ذلك يحمل رسالة هو يفهمها (دون أن تجرح كرامته)، كما قال الله - تعالى -: (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين)، ومعنى الآية: ذلك أحرى أن تعرف النساء بعفتهن فلا يصل إلى أيٍّ, منهن أذى. وفي ذلك منفعة أخرى وهي أن تسهم الفتاة مشكورة في قطع أسباب الفتنة التي تأجّجت في صدره.

4- أن تتجنب الجلوس مقابلَ الخال (فضلاً عن جانبه)، بل تختار الجلوس في الناحية التي يصعب عليه رؤيتها إلا بتكلف.

5- أن ترسل له نسخة من كتاب (كيف تواجه الشهوة، حديث إلى الشباب والفتيات) للشيخ محمد الدويش.

و لتسهم في إعادته لجادة الصواب، ولكن دون أن تقدم رسالتها (أو أي رسالة أخرى) بعبارات المودة والحب الأخويº فليس المقام مناسبًا للتصريح بهذه المشاعر، ولو كانت صادقة وبريئةº لأنه قد لا يفهمها على وجهها العفيف. ولتحتفظ دائمًا بنسخ من تلك الرسائل احتياطًا للمستقبل.

6- إذا لم تُجدِ المحاولات السابقة، فلتطلع والدتها على ما يجري، ولتطلعها على رسالتها التي أرسلتها إليكِ، والرسالة التي تلقتها منكِ، ورسائل المناصحة التي بعثت بها مصحوبة بالتاريخ الفعلي، ثم لتصغِ إلى نصائح أمّها إذا كانت في اتجاه يحميها، وإلاّ فلتستنجد بوالدها، ولتطلعه على ما أطلعت عليه والدتها.

وثمة خطوات أخرى أرجو ألاّ تكون بحاجة إليها، لكن على الفتاة أن تراعي نصائح من نوع آخر، وهي على النحو الآتي:

أ- أن تعمل على تقوية شخصيتها، وتدرب نفسها على ما يسمَّى سلوك (الرفض) فتعبر بشجاعة ووضوح عن موقفها الرافض لأي تصرفات مشينة أو محرمة أو تؤدي إلى محرم.

ب- أن تدرب نفسها كذلك على أن تكون هي أقوى من مشاعر الحب التي تكنٌّها لخالها ما دام أن مشاعره هو لا تسير في الاتجاه الصحيحº ولتحاول أن تتناساها حتى يعود الخال إلى رشده، وإلا فإنه لا يستحق المحبة التي منحتها له.

جـ- أن تكون واعية بحقيقة المحبة التي تجدها تجاه خالها، فإن الإنسان قد يختلط عليه بعض المشاعر الوجدانيةº لأسباب متعددة. فقد تكون مشاعر المحبة التي تجدها الفتاة خليطًا من مشاعر المحبة الفطرية، مع مشاعر الانجذاب لجنس الرجل، مع مشاعر البحث عن الصداقات الحميمة التي تنمو عادة في المرحلة المتوسطة والثانوية.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply