أشعر بفقد حلاوة الإيمان


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السؤال:

أدعو الله - تعالى - أنت تصلكم رسالتي هذه وأنتم في خير حال، آمين يا رب العالمين فضيلة الشيخ الحبيب/ آمل من الله - تعالى - أن أجد عندكم ما يعينني على إيجاد ضالتي، فقدت  قلبي وكسبت أشياء كثيرة ولا أستطيع أن أجده، نعم فقدته ضاع مني في غمرة الحياة العنيفة القاسية، كنت في غاية السعادة وكانت متعتي في الحياة ذكر الله - تعالى - نعم متعة والله متعة، كنت أشعر عند الصلاة وعند قراءة القرآن أن قلبي يطير يحلق حيثما أريد، كنت أشعر أنني روح بلا جسد للأسف لن تستطيع الكتابة أن تصف ما كان بداخلي، وأرجو من الله - تعالى - أن تفهمني وأجد عند فضيلتكم ضالتي، دخلت في غمرة الحياة وليتني ما دخلت والحمد لله رب العالمين عمل ثم عمل، ثم عمل، ثم زواج فأبناء فاتساع في العمل فانشغال بدنيا، حاولت أن أجد قلبي ولكن لم أجده الدنيا أهبت قلبي، أقوم بما يقوم به المسلم ولكن القلب، الاستمتاع الروح لا أجدها قديرى الكثير أنني أسأل عن شيء عجيب غريب، ولكن من شعر بما كنت فيه من متعة لا بد سيشعر بما أقوله، كيف أجد قلبي؟ أدعو الله - تعالى - أن يجعل فضيلتكم سبباً في إيجاد ما أبحث عنه أمين يا رب العالمين سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

الجواب:

هذه اللذة الغامرة التي تصفها، أو تحاول، هي ذواقة يمنحها الله الكريم بعض عباده ليبصروا من خلالها الأفق السامي البعيد فيتطلعوا إليه، وتتجدد أشواقهم،..

ولقد مررت على ديارهمُ * * * وطلـولها بيد البلى نَهبُ

فوقفتُ حتى ضَجَّ من لغبٍ,  * * * نضوي وَلَجَّ بعذليَ الركبُ

وتلفتت عيني فمذ خفيت  * * * عني الطلول تلفت القلبُ

ليس مطلوباً أن يظل الإنسان على الدرجة نفسها من الإشراق والصفاء، ومن قبل اشتكى الصحابة، ما اشتكيت، فقال لهم المعلم الأول: \"لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن ساعة وساعة\" أخرجه مسلم (2750)

أزورهم وسواد الليل يشفع لي  * * * وأنثني وبياض الصبح يغري بي

والشريعة لم تكن إشراقاً وعرفاناً محضاً، بل جاءت تنظم شؤون الحياة، وتحفظ للقلب قدراً من الصفاء، وتستعين بصفاء القلب هذا على تجاوز عقبات التكليف بالخلافة في الأرض، فينعكس على حسن المعاملة مع الزوج، والتلطف مع الولد، والتسامح مع الصديق، بل ومع العدو، والتعالي عن الصغائر، والهمة في الإقلاع عن الذنوب وعدم الإصرار عليها. لو لم يكن لك قلب لما شعرت بفقده، والميت لا يتألم، لكن شكواك ترجع إلى أسباب، ربما:

 أ - حالة الإشراق الإيماني الأولى كانت قوية، بحيث عز عليك خفوتها أو تراجعها.

ب - معاناة حادثة تقلق بالك من زوج، أو صديق، أو من أطوار النفس وتلوٌّمها وتلجلجها وظلماتها. وقد تكون فقدت بعض أصحابك الذين كانوا يشاطرونك الهم، فشعرت بالغربة في بيداء الحياة. فالتمس قلبك أيها الحبيب عند القرآن فبذكر الله تطمئن القلوب، قراءة واستماعاً وتغنياً وتأملاً، وتذكر عند ذلك من تكلم بهذا القرآن وأوحاه إلى عبده، وأنه يخاطبك، ويوجهك، ويناديك، ويتحبب إليك، وهو عنك غني، وأنت إليه فقير. والتمس قلبك عند القبور حيث ترقد بقايا الأجساد الصامتة، وإن كانت تتحدث بأفصح لغة وأصدق لسان.

انظرى كيف تساوى الكل في هذا المكان * * * وتلاشى في بقايا العبد رب الصولجان

والتقى العاشق والقالي فمايفترقان * * * من هو المائت من عام ومن مليون عام؟.

 أيها القبر تكلم وأخبريني يا رمام  * * * هل طوى أحلامك الموت وهل مات الغرام؟

والتمس قلبك عند حاجات ذوي الحاجات من فقير، ومسكين، ويتيم، وملهوف، ومكروب، والتمس قلبك عند رؤية أصحاب المعاصي الغافلين، لا يرعوون ولا يعتبرون. والتمس قلبك عند الموعظة.. أتلهبه سياطها أم حاله كما قال الهالكون: \"سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين! \" [الشعراء: 136]. وأكثر الاستغفار، واعلم أنه لن يدخل أحداً الجنة عمله، إلا أن يتغمده الله برحمته.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply