بسم الله الرحمن الرحيم
نظراً لأن الناس يحتاجون إلى تحويل الحقائق الكلامية إلى أرقام لا يمكنهم النظر بدقة إلى الواقع المحيط بهم كان لا بد من عرض الحقائق الصادقة المتعلقة بالتدخين في صورة أرقام وإحصائيات تجسد حجم تأثير الدخان سواء على المستوى المادي والاقتصادي ومعدلات الإنفاق على مستوى الدول والأفراد، أو على المستوى الصحي وكونه أحد أهم مسببات الأمراض، وبيان معدلات الوفاة المتسبب فيها التدخين.
* جاء في تقرير إيفريت كوب وزير الصحة الأمريكية [كبير الأطباء] في تقدمته لكتاب \'تجار الموت\' لمؤلفه لاري وايت المحامي الصادر عام 1988م: \'إن ضحايا التدخين في الولايات المتحدة الأمريكية سنوياً هم ثلاثمائة وخمسون ألفاً [350000] نتيجة التدخين المباشر، وخمسون ألفاً نتيجة التدخين السلبي [50000]، فالمجموع أربعمائة ألف، أما الخمور فقد كان عدد الذين يلاقون حتفهم بسببها كل عام مئة وخمسة وعشرون ألفاً [125000]، أما ضحايا المخدرات بأنواعها المختلفة مجتمعة فلم يبلغوا سوى ستة آلاف [6000] بما في ذلك جرائم العنف، وحوادث القتل المرتبطة بتهريبها واستخدامها\'[1].
* أما في بريطانيا فإن ضحايا التبغ قد جاوزوا المئة ألف، وضحايا الخمور يبلغون في أعلى تقدير أربعين ألفاً [40000]، أما ضحايا المخدرات فقد كانوا [159] شخصاً.
* إن منظمة الصحة العالمية تقرر أن ضحايا التبغ قد جاوزوا المليونين ونصف المليون سنوياً بينما كان عدد ضحايا القنبلتين الذريتين اللتين تم إلقاؤهما على مدينتي هيروشيما ونجازاكي في نهاية الحرب العالمية الثانية 1945م مائتان وستون ألف شخص فقط، وأن الذين توفوا نتيجة الإصابة بمرض الإيدز المرعب منذ ظهوره عام 1981م إلى نهاية عام 1992م هم كما وردوا في سجلات منظمة الصحة العالمية ربع مليون شخص فقط، بينما تقدر المنظمة الدولية أن هناك نقصاً في التبليغ فترفع الرقم إلى مليون وسبعمائة ألف 1700000، ولو أخذنا بهذا الرقم الافتراضي فمعناه أن عدد الذي لاقوا حتفهم نتيجة لتعاطي التبغ بكافة صوره وأشكاله في سنة واحدة فقط كانوا يفوقون عدد ضحايا مرض الإيدز على مدى اثنتي عشرة عاماً كاملة.
* في تقرير منظمة الصحة العالمية رقم [ WHA 14 - 39] في اجتماع المنظمة المنعقد بتاريخ 15 / مايو / 1986م جاء الآتي: \'إن استخدام التبغ بكافة صوره وأشكاله تدخيناً وسعوطاً، ومضغاً ونشوقاً يعيق الوصول إلى قرار المنظمة وهو: الصحة للجميع عام [2000م]، ويؤكد التقرير أن عدد الذين يلاقون حتفهم أو يعيشون حياة مليئة بالأمراض والأسقام الناتجة عن استخدام التبغ بأشكاله المختلفة يفوق بلا ريب ولا أدنى شك عدد الذين يموتون نتيجة للإصابة بأمراض الطاعون والكوليرا، والتيفوس والتيفوئيد، والسل والجدري، والجذام مجتمعة كلها في كل عام.[2].
* ويؤكد التقرير أن التوقف عن استخدام التبغ بكافة طرق استعماله سيحسن المستوى الصحي، وإطالة الأعمار بما لا تستطيع جميع الوسائل الصحية والطبية الأخرى مجتمعة.
* \'ثلاثة من كل عشرة يدخنون سيلاقون حتفهم بسبب أمراض ناتجة عن التدخين، وأن أغلب الباقين سيعانون من أمراض لها علاقة بالتدخين: \' إن تدخين السجائر في العصر الحديث يسبب من الوفيات ما كانت تسببه أشد الأوبئة خطراً في العصور السابقة، وأن كمية النيكوتين الموجودة في سيجار واحد كفيلة بقتل إنسان في أوج صحته لو تم حقنه بالوريد\'[3].
* \' إن تدخين واستخدام التبغ يؤدي إلى [90%] من جميع حالات سرطان الرئة [ التي تقدر بمليون حالة كل عام في العالم ] و[ 75% ] من جميع حالات التهاب الشعب الهوائية المزمن، وحالات الأمغيزيما [انتفاخ أسناخ الرئة]، بالإضافة إلى مساهمته الأكيدة في ضيق شرايين القلب، وبالتالي في الجلطات والذبحات الصدرية، كما أن التدخين واستعمال التبغ مسبب رئيس في الإصابة بجملة من السرطانات المختلفة مثل: سرطان الحنجرة، والمريء، والفم، والبلعوم، ويؤدي إلى مضاعفات شديدة للأجنة في بطون الأمهات\'[4].
* \' إن الاعتياد [الإدمان] على النيكوتين أكثر من الاعتياد على الخمر فإذا شرب مئة شخص الخمر فإن [10% – 15% ] منهم سيكونون مدمنين للخمر بالمقارنة بالتدخين فإذا استخدم مئة شخص التبغ فإن [85%] منهم سيصبحون مدمنين له، مع ملاحظة أن إدمان الخمر أخطر بالتأكيد، وبلا شك من إدمان التدخين أو النيكوتين بمعنى أدق\'[5] \' ويقع النيكوتين وسط سلم العقاقير المسببة للاعتياد [الإدمان]، فيأتي على رأس القائمة في سرعة تسبب الإدمان: الأفيون ومشتقاته والهيروين والمورفين، وتسبب هذه المواد اعتماداً جسدياً ونفسياً عليها، ويأتي الكوكايين والكراك المشتق منه في أعلى قائمة المواد المسببة للاعتياد النفسي، ثم يأتي بعد ذلك النيكوتين، والغريب حقاً أن نجد أن الإدمان على النيكوتين أشد من الإدمان على الحشيش وعلى القات وهي حقيقة علمية لا جدال فيها، حيث أن متعاطي الحشيش أو القات في أغلب الحالات يستطيع أن يترك تعاطي هذه المواد دون معاناة، بينما نجد أن أغلبية متعاطي التدخين يعانون عند ترك التبغ\'[6].
* أثر التدخين على الأطفال:
1- إن كل طفل يدخن أحد والديه في المنزل ما بين عشر إلى عشرين سيجارة يومياً يكون هذا الطفل قد دخن ربع هذا العدد.
2- يتسبب التدخين السلبي في دخول ما لا يقل عن سبعة عشر ألف طفل [17000] دون سن الخامسة سنوياً في بريطانيا وحدها إلى المستشفيات نتيجة أمراض ناتجة عن تدخين الوالدين أو أحدهما.
3- الأمراض التنفسية خاصة الربو تتضاعف نسبة الإصابة بها لدى الأسر التي يدخن أحد أفرادها عن تلك التي ليس فيها مدخنين.
4- ثلث حالات الصمم في الأطفال ترجع إلى تدخين الوالدين أو أحدهما، وقد يسأل سائل وما علاقة التدخين بالسمع؟ فنجيب: السبب الرئيس أن الأمهات المدخنات يتحد عندهن أول أكسيد الكربون الذي يتحد مع هيموجلوبين الدم فيكون ما يسمى \' الكربوكسيلي هيموجلوبين\'، وقد ثبت أن تواجد هذه المادة ولو بكميات منخفضة في الدم يؤثر على مستوى السمع، كما أن تناقص تدفق الدم في الأوعية بعد التدخين له تأثيره في ضعف السمع.
أما بالنسبة للإحصائيات على المستوى الاقتصادي والمالي فالوضع كالتالي:
* الإنتاج العالمي للتبغ: يزرع التبغ كما تؤكد منظمة الفاو [الأغذية والزراعة العالمية] في أكثر من مئة وعشرون دولة [120]، وأكثر هذه الدول تقع في دول العالم الثالث، حيث يعاني السكان من سوء التغذية بل والمجاعات، أما الدول العشر الأولى المنتجة للتبغ فهي على الترتيب [ الصين - الولايات المتحدة - الهند - الاتحاد السوفيتي - تركيا - البرازيل - بلغاريا - اليابان - اليونان - بولندا ] ويأتي بعدها لا على الترتيب [ كندا - كوريا الجنوبية - زيمبابوي ][7] أما الدول العربية التي تزرع التبغ هي: العراق, سوريا, لبنان, اليمن, عمان, دول المغرب العربي، ومن الدول الإسلامية: تركيا, أذربيجان, أوزبكستان, كازاخستان, الباكستان, إندونيسيا, ماليزيا, مالاوي, تنزانيا[8].
* أما الإنتاج السنوي على مستوى العالم فيبلغ عشرة ملايين طن [10000000]، تنتج الصين وحدها عشر هذه الكمية أي مليون طن، وتنتج الولايات المتحدة كمية مقاربة تسعمائة وستون ألف طن سنوياً [960000]، وتبلغ قيمة التجارة العالمية في التبغ حوالي مليار دولار سنوياً [1000000000] هذا بالطبع طبقاً لإحصائيات عام 1995م[9].
* إن عملية تجفيف ورق التبغ بعد حصاده تحتاج إلى مصادر الطاقة المكلفة مثل: البترول وغازاته، وبعض الدول تستخدم الفحم الحجري والخشبي، أما الدول الفقيرة فتقوم بإحراق الأخشاب بعد قطع الأشجار الكبيرة من الغابات، فتجفيف التبغ في دول مثل: البرازيل وباكستان وإندونيسيا وكينيا وزيمبابوي يؤدي إلى إحراق سبعة ملايين هكتار من الغابات سنوياً[10]، وهي كارثة اقتصادية وبيئية وصحية بكل المقاييس، حيث أن محصول فدان واحد من التبغ يحتاج كي يتم تجفيفه إلى حرق 150 شجرة كبيرة في كينيا مثلاً[11].
* إن حجم المبالغ التي يتم إنفاقها سنوياً على العلاج من الأمراض التي يتسبب التدخين فيها تفوق حجم الأرباح المكتسبة من زراعة التبغ وتصنيعه بمعدلات فائقة.
إحصائيات الأرباح والخسائر:
أولاً الولايات المتحدة الأمريكية:
بما أنها من أكبر الدول مصنعة للسجائر على مستوى العالم فهي كذلك من أكبر أسواق التبغ، وقد نقل لاري وايت المحامي الشهير في كتابه تجار الموت حساب الأرباح والخسائر الناتجة عن التبغ في الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت كالتالي:
المبلغ بيان الأرباح المبلغ بيان الخسائر
140مليار دولار ضرائب على التدخين 30 مليار دولار ثمن التبغ المستهلك
7مليار دولار صافي أرباح شركات التبغ 21100 مليون دولار دخل مبكر [وفاة مبكرة]
4مليار دولار مكاسب المزارعين 9300 مليون دولار التغيب عن العمل لأمراض التبغ
_____________________________________________________________________
23300 مليون دولار الرعاية الصحية لأمراض التبغ
5 مليار دولار الحرائق الناتجة عن التدخين
والنتيجة 25 مليار دولار مكاسب يقابلها 89 مليار دولار تقريباً خسائر، وهذا مع عدم إغفال الحقيقة التي تؤكد وفاة [350000] شخص نتيجة التدخين المباشر و[50000] شخص نتيجة التدخين السلبي.
ثانياً: ألمانيا الغربية [سابقاً]:
حصلت الدولة على 12 مليار مارك من الضرائب على التبغ، بينما كانت محصلة الخسائر الناتجة عن التدخين 80 مليار مارك، بالإضافة لوفاة مئة وأربعون ألف شخص سنوياً، وإصابة نفس العدد بأمراض مزمنة.
ثالثاً: بريطانيا:
كسبت الدولة أربعة مليارات جنيه إسترليني من الضرائب على التبغ عام 1981م، وفي المقابل خسرت خمسين مليون يوم عمل بسبب التغيب عن العمل الناتج عن أمراض السبب الرئيس فيها التدخين، بالإضافة لوفاة مئة ألف شخص، ودخول مئات الآلاف المستشفيات للعلاج بمليارات الجنيهات من أمراض كانت أصابع الاتهام تتجه كلها نحو التدخين باعتباره المسبب الأول والمتهم الأوحد[12].
رابعاً: مصر:
مصر تستورد التبغ ولا تزرعه، وحسب إحصائيات الثمانينات كان معدل ما تحصل عليه الدولة كضرائب على التبغ لا يتجاوز النصف مليار جنيه مصري، وهناك زيادة مضطردة في أعداد المدخنين في مصر تتراوح بين [6 - 8%][13]، وتزيد نسبة التدخين بين العمال لتصل إلى حوالي [80%][14]، وفيما يلي بيان لمعدل الاستهلاك خلال سنوات سابقة:
عام 1977م 26 مليار سيجارة
عام 1979م 32 مليار سيجارة
عام 1985م 45 مليار سيجارة
وقد بلغ عدد المدخنين بمصر عام 1980م حوالي تسعة ملايين شخص ينفقون يومياً مليون ونصف المليون جنيه على التدخين، وعدد المدخنين يزيد بمعدل غير طبيعي حيث يبلغ 25 مدخن كل ساعة، وأن إنتاج السجائر في مصر يتزايد بمعدل 227% في الفترة ما بين 1950 إلى 1977م وما زال في ازدياد[15].
وما زال في الجعبة الكثير عن الأرقام الخاصة بكل الدول مروراً بباكستان وتركيا والمملكة العربية السعودية واليمن وغيرها مما يجلب الفزع أن الأرقام في ازدياد لا انخفاض، وأعداد المبتلين بهذا الداء والإدمان لا يتوقف عن الزيادة في الدول الإسلامية والعربية، بعكس الدول الغربية التي لا تتوقف المعدلات الاستهلاكية للتدخين فيها عن النقصان عاماً بعد الآخر لما ظهر لهم من أثرها المدمر والسيئ، ولكنهم يوجهون فائض إنتاجهم إلى العالم الثالث غير عابئين بحجم الضرر الذي يصدرونه ما داموا سيقبضون الأرباح جاهزة.
____________________
[1] ملف التدخين ص 42.
[2] ملف التدخين ص45
[3] تقرير الكلية الطبية الملكية بالمملكة المتحدة 1983م.
[4] تقرير منظمة الصحة العالمية الصادر عن المجلس التنفيذي للمنظمة في الجلسة 77 يناير/1986م.
[5] تقرير الكلية الملكية الطبية عام 1977م.
[6] هل التبغ والتدخين من المحرمات؟ د. محمد على البار ص:20 - 21.
[7] ملف التدخين محمد أمين عثمان ص 56.
[8] التجارة الخاسرة د.محمد على البار ص 19.
[9] التجارة الخاسرة د.محمد على البار ص 21.
[10] المجلة الطبية البريطانية BMG.
[11] تقرير وزارة الزراعة الأمريكية عن التبغ وزراعته 1995م.
[12] التجارة الخاسرة د,محمد على البار ص 48.
[13] ندوة الوقاية من السرطان القصيم 1991م.
[14] التدخين أو صحتك عليك أن تختار د.على سعود نقابة أطباء مصر 1980م.
[15] بحث التدخين د. آمال سامي إبراهيم مقدم للندوة العالمية للصحة والوقاية من التدخين مصر 1993م.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد
التعليقات ( 1 )
طلب تحديث
-صلاح الدين
17:14:39 2020-11-19