الاكتئاب


بسم الله الرحمن الرحيم

 

تناولنا في هذا العدد مشكلة الاكتئاب ومن خلال البحث وجدنا أن هناك معلومات عديدة نود إيصالها للمربين لذا ارتأينا أن نطرح هذه المشكلة على مدى عددين من أعداد المجلة فتناولنا في هذا العدد تعريف الاكتئاب وأنواعه وأسبابه و أعراضه وفي العدد القادم إن شاء الله سنتناول الوقاية والعلاج.

عمر في السابعة من عمره، بدأ يهمل واجباته المدرسية ويبكي كثيرا، وبصورة تدريجية أصبح لا مبالياً، لاحظت المعلمة ذلك وحاولت مساعدته بتقديم النشاطات التي كان يحبها من قبل، لكنه أظهر عدم الرغبة في مزاولتها، وشيئا فشيئا بدأ يجلس وحده ويبتعد عن رفاقه، تتساءل المعلمة هل يصاب الأطفال الصغار بالاكتئاب ولماذا؟ وكيف يمكن مساعدتهم؟

 إن الطب النفسي حتى سنوات قريبة، لم يكن يعترف بوجود اكتئاب عند الأطفال، وكان الاعتقاد السائد أنهم لا يصابون به، لكن اتضح اليوم أن الأطفال يصابون بالاكتئاب.

 

الاكتئاب:

هو مرض يؤدي إلى الشعور بالحزن واليأس والعجز والخمول ونقص الطاقة، وعدم الرغبة في مزاولة الأنشطة التي كان الطفل في السابق يرغبها أو يحبها.

 

أعراض الاكتئاب:

من الممكن أن يكون الاكتئاب سبباً لكثير من المشكلات السلوكية والانفعالية.

الانسحاب الاجتماعي: يبدأ الطفل بالانفصال عن الآخرين ويعتزلهم، يفضل النشاطات الذاتية والصمت والسكون، يبدو في حالة شرود ذهني.

عدم الرغبة في مزاولة الحياة الطبيعية، مثل الذهاب إلى المدرسة أو الخروج مع العائلة أو ممارسة الأنشطة اليومية.

الشعور بالذنب وبأنه غير محبوب، ولديه تدنٍّ, في مفهوم الذات.

شعور بقلة الحيلة والعجز في مواجهة مشاكل الحياة والناس، والقنوط والتشاؤم، فيتوقع الأسوأ دائما ويشكو باستمرار.

عدم إبداء أي مظاهر للفرح أو السرور، فلا يضحك أو يبتسم إلا نادراً، الحزن العميق وسرعة البكاء دون سبب.

إظهار أنماط من التأرجح المزاجي، مثل الجدية الزائدة بعد الإهمال.

الشعور الدائم بالتعب، وعدم القدرة على بذل الجهد البدني، ظهور آلام جسمية مثل الصداع وآلام المعدة، كما يمكن أن يتوهم المرض ويعتقد أنه مصاب بمرض ميئوس منه.

ظهور اضطرابات في النوم والتغذية مثل: الأرق والإرهاق الشديد أو النوم الكثير وفقدان الشهية أو زيادتها.

فقدان التركيز وتشتت الانتباه، فالطفل المكتئب لا يستطيع الصبر على نشاط معين سوى فترة بسيطة، ولا يكمله.

تدهور مستواه الدراسي بصورة مفاجئة.

إن الطفل الذي تنطبق عليه خمسة أو أكثر من أعراض الاكتئاب لمدة تزيد عن أسبوعينº يعتبر مصاباً بالاكتئاب.

إهمال المظهر الخارجي وعدم الاهتمام بالنظافة الشخصية والملابس وغيرها.

الحساسية الزائدة، فمن السهل جرح مشاعره.

الشعور برغبة في الموت، في حالة الاكتئاب الشديد، قد تبلغ حد محاولة الانتحار.

 

أنواع الاكتئاب:

ينقسم الاكتئاب عند الأطفال إلى عدة أنواع:

وهي حالة تستمر فترة قصيرة جدا، يشعر الطفل خلالها بعرض أو عرضين من أعراض الاكتئاب، ودون أسباب تذكر

 

المزاج المكتئب

تظهر فيه أعراض الاكتئاب كلها أو بعضها بصورة مفاجئة، نتيجة حادث طارئ كفقدان شخص عزيز، ويكون الطفل قبل ذلك معروفاً بنشاطه وعلاقاته الطبيعية، ويزول هذا الاكتئاب تدريجياً خلال أيام أو أسابيع دون تدخل علاجي

 

الاكتئاب الحاد

 تظهر فيه الأعراض الاكتئابية المعروفة بعضها أو كلها، وتستمر فترة طويلة، ويظهر على الطفل التباطؤ الحركي وضعف العلاقات الاجتماعية، قبل ظهور الأعراض

 

الاكتئاب المزمن

لا تظهر فيه الأعراض المعروفة للاكتئاب، بل تظهر علامات أخرى مثل كثرة الحركة، العبث بالأشياء التي بين يديه وربما تكسيرها، السلوك العدواني.

 

الاكتئاب المقنـَّع

وهو اكتئاب مخفـَّف ينتج عن الكبت والشعور بالذنب، ويمتد لفترة أطول من فترة الحزن العادية، ومع ذلك فالطفل يستجيب للتشجيع ومحاولات التخفيف من حزنه وآلامه.

 

الاكتئاب العصبي

 لا يحدث استجابة لحادثة محزنة مباشرة أو قريبة يمكن تحديدها أو تعرفها، يحس الطفل بهبوط في النشاط الحيوي والحركي وفقدان للشهية، كما يعاني الأرق والشعور بالاضطهاد والبكاء المتكرر، وقد يصل به الأمر إلى الانتحار أو التفكير به

 

الاكتئاب الذهني (الهلوسة والوسوسة)

من أنواع الاكتئاب النادرة، ويظهر على صورة نكوص إلى مرحلة عمرية سابقة، فيلزم الطفل الفراش ولا يتحدث أبداً ولا يشارك في شيء، ولا يأكل ولا يشرب إلا أن يطعمه أحد.

 

الذهول الاكتئابي

 ويتميز بتقلب في المزاج، فيكون الطفل حيناً مبتهجا ويشعر بالفرح الشديد الخارج عن المألوف والمسمـّى الهوس، ثم يمر بدورات معاكسة يكون خلالها في حالة حزن واكتئاب شديدين.

 

الاكتئاب ثنائي القطب

والذي يقع خلال الفترة الممتدة بين شهري سبتمبر/ أيلول و يناير كانون الثاني في البلاد الباردة، وينجم عن قلة التعرض لأشعة الشمس

 الاكتئاب الموسمي

 

 

أسباب الاكتئاب:

النمذجة: أثبتت الدراسات أن 58% من الأطفال المكتئبين لديهم آباء مكتئبون، وقد يتعلم الأطفال من آبائهم المصابين فيصبحون مثلهم.   شيفر وملما

 التغير في حياة الطفل بسبب قدوم مولود آخر أو الانتقال إلى مكان جديد مثل مدينة جديدة، أو الشعور بعدم الاهتمام، يمكن أن يسبب الاكتئاب.

الشعور بالعجز: القوانين المتشددة أو الحماية الزائدة في التنشئة، تشعر الطفل بعدم الرضا عن ذاته وعدم كفاءته وفاعليته.

الصدمة النفسية: مثل موت الأب أو الأم أو المربية، أو ابتعاد أحدهم، أو الطلاق، أو فقدان شيء قيـّم لدى الطفل مثل حيوانه الأليف، فالأطفال يعتمدون كليا على مصدر خارجي في الحصول على الدعم، وافتقاد هذا المصدر يجعلهم أكثر عرضة للاكتئاب.

الاستجابة للتوتر: إن الأطفال الذين يشعرون بالانزعاج المتكرر من المشاعر السلبية الناتجة عن المشكلات الأسرية المستمرةº ولا يستطيعون السيطرة على التوتر والمشاعر بطريقة مناسبة، يبحثون عن طريقة للتخلص من ذلك فيصابون بالاكتئاب.

 

التواصل: إن المربي الذي يصدر التعليمات والأحكام بدون الاستماع لمشاعر الطفل ولا السماح له بالتعبير عنها ولا الاعتراف بهاº يدفع الطفل إلى الصمت، فتبقى المشاعر السلبية في نفسه، وتجعله مكتئبا.

العوامل الفيزيولوجية: مثل الخلل في التوازن الهرموني وبخاصة لدى الفتيات، أو فقر الدم الناتج عن نقص الحديد، أو الاضطرابات في الغدة الدرقية، أو الفيروسات أو الحساسية للطعام، أو الاضطرابات في سكر وضغط الدم، كذلك الإصابة بعاهات شديدة مثل الإعاقات الشديدة والتشوهات والأمراض الجسمية المزمنة.

 تدني تقدير الذات: الانتقاد المستمر للطفل والتقليل من قيمته وطلب الكمالية والتوقعات غير المنطقية منهº تجعله محبطاً وتشعره بالذنب وبأنه يستحق العقاب بسبب سوء تصرفاته وأفكاره، فيلوم نفسه على أية مشكلة أو إخفاق، ويشعر أنه لا يستحق السعادة، وبالتالي تصبح الكآبة سلوكاً لعقاب الذات.

 

اضطرابات الشخصية: مثل الشخصيات الو سواسية والهستيرية التي تغلب عليها الانفعالات وتقلبات المزاج وتضخيم الأمور، وهؤلاء أكثر تعرضاً للإصابة بالاكتئاب من الشخصيات السوية. العوامل الوراثية والبيولوجية: يظهر كثير من حالات الاكتئاب، في الأسر التي يعاني أفرادها الاكتئاب الناتج عن نقص في بعض المواد العصبية الناقلة (مثل السيراتونين) في المراكز الدماغية، والتي تعتبر مسئولة عن المزاج والانفعالات والتفكير والسلوك.

 

يكون عامل الوراثة في الاكتئاب ثنائي القطب أقوى منه في باقي الأنواع، ولكن هذا لا يعني أن كل من يحمل المرض سيصاب به.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply