زوجي غير موجود في الخدمة مؤقتا


بسم الله الرحمن الرحيم

 

أكتب لكم عن حالي وأنا واثقة أن الكثيرات يشاركنني الشكوى..مشكلتي باختصار زوجي مشغول، فهو ولله الحمد رجل ملتزم ومهتم بالعلم والدعوة لذلك فنصيبي أنا وأولادي منه الأكل والنوم، قليلاً ما نجلس معا ونتحدث أو نخرج فهو دائما مشغول إما محاضرة أو درس أو ضيوف..!!!

طلبات المنزل والأولاد أصبحت تمثل لدي مشكلة كبيرة وسبب دائم للخلاف، السوق لا يعجبه ولا يريد دخوله وأيضاً لا وقت لديه لإضاعته في الأسواق وهو غائب عنا سواء كان خارج البيت أو داخله فإذا كان في المنزل فهو مشغول بهذا البحث أو هذا الكتاب أو الإنترنت.. !! أنا أقدر أهمية دوره في المجتمع وأنا مستمرة على الصبر والاحتساب ولكني بدأت أضعف وأشعر أن الأولاد زادت مسؤوليتهم ولا أستطيع تحملها بمفردي وأنا لا نصيب لي في النشاطات النسائية من محاضرات وغيرها أو الاجتماعات الأسرية وأشعر بالوحدة كثيرا فأرجو منكم توجيه النصيحة لي وله وجزاكم الله خيراً.

 

الجواب:

أقول لأختي السائلة... نعم لقد ظهرت مشكلة الزوج المشغول في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، ومنها مجتمعنا السعودي، وينقسم انشغال الزوج إما في طموحاته وأعماله الدنيوية، أو في إنشغاله في الدعوة إلى الله - عز وجل -، وفي كلا الحالين الزوج مشغول عن الإهتمام بزوجته وأولاده وتحمل كامل مسؤلياتهم ومتطلباتهم.

 

وفي تصوري واعتقادي، أن الزوج لو أدرك طبيعة دوره التربوي في الأسرة وعظم المسؤلية الملقاة على عاتقه أمام الله - عز وجل - لما فرط فيها، قال الله - تعالى -: ياأيها الذين أمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة... وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: إن الله - تعالى -سائل كل راعٍ, عما استرعاه أحفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته.

وقال الإمام الغزالي - رحمه الله - في كتابه: إحياء علوم الدين: اعلم أن الطريق في رياضة الصبيان من أهم الأمور وأوكدها، والصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية عن كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما نقش ومائل إلى كل ما يمال إليه، فإن عوِد الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة، وشاركه في ثوابه أبوه وكل معلمٍ, له ومؤدب، وإن عوِد الشر وأهمل إهمال البهائم شقى وهلك وكان الوزر في رقبة القيِم عليه والوالي له، ومهما كان الأب يصونه عن نار الدنيا فبأن يصونه عن نار الآخرة أولى وصيانته بأن يؤدبه ويهذبه ويعلمه محاسن الأخلاق.. إلى غير ذلك.

 

لذلك أقول لأخي الزوج المشغول بأعماله وأمواله عن زوجه وأولاده، لابد أن تعي حقيقة دورك التربوي قبل أن تجد ولدك قد فسد أو انحرف أو ضل الطريق، فماذا ستفيدك أموالك وأعمالك؟ هل سترده إلى جادة الطريق؟؟ أم هل ستقَوم خلقه بعد فوات الأوان... يقول ابن القيم الجوزية في كتابه تحفة المودود في أحكام المولود: وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله وترك تأديبه، وإعانته على شهواته، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه، ففاته انتفاعه بولده، وفوَت عليه حظه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء.

 

كذلك على أخي الزوج المشغول أن يوازن بين أعماله وأولاده، فكما يخصص جزءاً لأعماله فعليه أن يخصص جزءاً للإهتمام بأولاده، لأننا مأمورين شرعاً أن نعطي لكل ذي حقٍ, حقه دون إفراط وتفريط.

 

ويكفي الزوج المشغول أن يستحضر شخصية رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - ودوره العظيم في قيادة الأمة الإسلامية، ورغم ذلك لم تشغله تلك الأعباء الجسام، والمسؤليات العظام عن الإهتمام والقيام بمسؤلياته الأسرية من تسع زوجات وأربعة بنات وأحفاد وأبناء المسلمين من إعطاءهم حقهم كاملاً من جميع الجوانب.

فهل ستكون أعباء الزوج المشغول وأعماله أكثر من مسؤليات رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - الذي قاد الأمة؟؟

أما أختي السائلة... فأقول لها.. حاولي أن تسندي بعض المسؤليات التربوية لزوجك واتفقي معه على أنها من واجباته مثال: أخذ الأولاد الذكور لحضور الصلوات المفروضة في المسجد، أو حضور بعض مجالس العلم معه لسماعه والإستفادة والإقتداء به، مصاحبة لبعض أعماله التي تكسب أولاده خبرة ووعي وثقافة.. إلى غير ذلك.

 

كذلك اجعليه مشاركاً لك في بعض أعباء المنزل كقضاء لوازم المنزل من مأكولات وملابس معك، أو متابعة ومذاكرة لبعض أولاده معك، ومشاركة لكم في جلسة أسبوعية على الأقل لمعرفة أحوال أولادك ثم إلقاء بعض التوجيهات منه لهم.. إلى غير ذلك.

وأخيراً أختي السائلة لا تنسي أن تنمي وتطوري ذاتك حتى تستطيعي أن ترعي أسرتك بفعالية وإيجابية عالية.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply