بسم الله الرحمن الرحيم
هناك أسباب كثيرة ومتنوعة للمشكلات والسلوكيات والأمراض النفسية التي تصيب أبنائنا ويظل بعضها مصاحبا لهم طوال عمرهم كالانطوائية والعدوانية والكذب، وهناك بعض الأسباب تكاد تكون رئيسية في معظم تلك الأمراض والمشكلات نذكرها فيما يلى:
1ـ القدوة السيئة:
فطبيعى أن يكذب الطفل إن وجد الكبير يكذب عليه أو على أحد أمامه، وطبيعي أيضا أن يعطي الأم المال المتبقى بعد شراء الخبز مثلا فتجد الأم جنيها زائدا أو رغيف زائدا فلا تنكر على الابن أو تأمره برد الزائد إلى البائع..نقول إنه من الطبيعي حينئذ أن ينشأ هذا الصغير على الغش والسرقة، والأب الذي يدخن..ماذا ينتظر من ابنه عندما يكبر وكيف يأمره بعدم التدخين وهو يدخن أمامه السنوات الطوال وهكذا فالقدوة السيئة هي من أكبر أسباب المشكلات النفسية والساوكية لأبنائنا.
2ـ التحقير والإهانة:
ضرب الولد بالحذاء أو ركله بالقدم أو صفعه على وجهه وشتمه بأقبح الألفاظ وكذلك معايرته والمبالغة في إهانته.. كلها في النهاية تؤدي إلى نتيجة واحدة ألا وهي المشكلات السلوكية والنفسية، فسوف يهون على الصغير وهذا حاله أن يكذب ويسرق ويتعدى على الآخرين ويسب ويلعن وينتقم من الصغار تعويضا عما يعانيه من الأبوين أو المعلم، ويدخل في هذا الإطار المبالغة في اللوم والتوبيخ وإساءة استخدام أسلوب الثواب والعقاب فكلها تؤدى إلى معظم المشكلات السلوكية.
3ـ المشكلات الأسرية:
يا ترى ماذا ننتظر من الصغار الذين يتشاجر آباؤهم مع أمهاتهم ليل نهار وربما لأتفه الأسباب وبدلا من التفاهم والتنسيق معا في تربية أبنائهم نجد السب والشتم وتبادل الاتهامات فيما بينهما، وضرب الأب للأم أو طردها أو تطليقها.. كل ذلك سيؤدي إلى تشويه الصغار سلوكيا ونفسيا فيفقد أحدهم الطمأنينة التي يجدها من ينعم بأبوين سعيدين في بيت هادئ، وهذا الفقدان يهون على الصغار السرقة والكذب والعدوانية والشعور بالنقص والحقد والكراهية للآخرين.
4ـ القسوة الزائدة:
بعض الآباء والمعلمين يظن أن الهيبة لا تأتيه إلا إذا ضرب ابنه ضرب مبرحا وإلا إذا داوم على التجهم والبحلقة وتقطيب الجبين في كل لحظة وحين، ولا يكون مهابا في البيت إن لم يذق أبناؤه صفعة على جبينهم الرقيق ولأتفه الأسباب هذا فضلا عن المنع المطلق للقبلة والاحتضان فكلها تقلل الهيبة ولعل هذا يذكرنا بالرجل الذي رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل الحسن والحسين فقال الرجل: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رد حازم على تلك القسوة: (من لا يرحم لا يرحم) وإن هذه القسوة الزائدة في معاملة الصغار لتورثهم
الكثير من الأمراض السلوكية والنفسية في المستقبل، فالتبول اللا إرادي والخوف والانطوائية والكذب وغيرها من المشكلات تأتى القسوة في مقدمة أسبابها.
5- التدليل الزائد:
إن الطفل المدلل الذي يحوط عليه الأبوان ويضعانه في محضن لا يخرجانه منه ويأتون له بكل ما يريد وبكل ما يطلب مهما كان طلبه، إن كل ذلك يؤدي في النهاية إلى إنسان مريض مشوه يعجز عن أخذ قرار ويخشى من جميع المحيطين به، ويزداد خوفه وكذبه وشعوره بالنقص، ونتيجة لضعف جانب تحمل المسئولية عند الابن المدلل لأن جميع طلباته مجابة، وتحكم الابن في أبويه وخضوعهما له، وتمكن مشاعر الغرور والتكبر لدى الابن، وتكراره لعبارة\" أبي لا يرفض لي طلباً وأمي لا تقول لي لا أبداً، وتمرد الابن على سلطة والديه وعدم احترامه لوالديه أو تطبيقه لقوانينهما، كل ذلك يحول الابن المدلل إلى شخص غير قادر على التكيف الاجتماعي لأنه دائما يتوقع من أصحابه وأقرانه أن يستجيبوا لغروره وطلباته لذلك نراه دائما وحيد بدون أصدقاء.
6- التسلط:
إن المراقبة المباشرة والمبالغ فيها من قبل الآباء والمربين للطفل تفقده الإحساس بالأمان والاعتماد على النفس وتشعره بالنقص وربما تضطره للكذب أحياناً، وإننا لا نقصد بذلك منع متابعة الطفل ومراقبته، ولكن المراقبة غير المباشرة وعدم المبالغة فيها وعدم التدخل في كل ما يقوله ويفعله الطفل، هي التي نعنيها هنا. حتى إن بعض الآباء والمربين يسأل ابنه: لماذا تنظر من النافذة؟ ماذا تفعل في المطبخ؟ لماذا تلبس هذا القميص؟ وغيرها من الأمور التي لا تدل إلا على تسلط واضح من الآباء والمربين، وأطفالهم في غنى عنها ولا تساهم في العملية التربوية إلا مساهمة سلبية.
أعزائي الآباء والمربين.. لنقف مع أنفسنا عند هذه الأسباب الواقعية للمشكلات التي لا يخلو بيت من إحداها وهى تؤثر سلبياً على عملية التربية!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد