حل لكنه .. كارثة !


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

نيران تغلي في الصدور وشهوة تثور في الرؤؤس، وصور تتدافع أمام العيون لا يملك الشباب منها فرارًا، ويملك أصحابها القدرة العجيبة على التنوع فيها بالإبداع في فنون التعري، وإثارة الشهوات والتنافس على تجارة الجسد بشتى أنواعها على أشده، وبين هذا الضغط الخارجي من المثيرات والمغريات وبين الضغط الداخلي الذي يمكننا أن نعبر عنه بالطاقة، طاقة النمو والنضج والحياة، هذه الطاقة التي تتمثل صورها في حب المعرفة والرغبة والقدرة والجرأة على المغامرة، واقتحام الجديد والهمة على الفعل والرغبة في التميز وكسر الحواجز، كل هذا نتيجة للضغط الخارجي المستمر والطرق العنيف يتمحور حول الجنس والشهوة.

 

وبين المطرقة والسندان يقف الشاب الحائر بحثًا عن حل للمشكلة وطريقة تمنع من الوقوع في الكارثة، ويبدأ البحث عن المجهول وكشفه واستطلاع الغيب حول هذه الأزمة ويتعرف الشباب على الحل [من وجهة نظرهم].

 

ـ إما بالممارسة الذاتية بأنفسهم وهؤلاء نسبتهم كما في الإحصائيات العربية [1%].

 

ـ أو بتعلمها سواء من خلال الرفقاء والأصدقاء.

 

ـ أو بقراءة كتب ومجلات تتحدث عنها بالتفصيل وهؤلاء نسبتهم من الذكور [94%] ومن الإناث [62%] وهي نسبة مرتفعة للغاية كما يتضح لنا.

 

وهذه العادة السيئة كما سنجتمع على تسميتها يتفاوت تأثيرها من شخص لآخر سواء على المستوى النفسي أو الجسدي، وتتحد دفة الخطر من الوقوع تحت طائلة هذا الحل الكارثة من أول البلوغ إلى أواخر العشرينات من العمر حيث ثبت أن أغلبية الحالات التي تعاني مما يطلق عليه إدمان العادة السيئة إنما كان مرجعه إلى الابتداء به في سن مبكرة، ثم الاستمرار عليه والاستدامة والمبالغة في فعله خلال هذه الفترة حتى تحول إلى إدمان وعادة وليس وسيلة لتفريغ شهوة وتسكينها، حتى إنه يفقد ذلك الشعور باللذة الذي كان متوافرًا في أول مرة وما بعدها.

 

وبما أن هذه العادة لا تحتاج إلى عناء كبير لممارستها والدافع إليها قوي، وسلطان الشهوة مستحكم لأجل ذلك لكنه ونتيجة للانتشار المنظم لوسائل الفاحشة والدعوة إليها وكثرة المغريات، وتعدد سبل الفساد، ويزيد ذلك المجتمع الذي لا يعين على معالجتها بل هو سبب تولدها وازدياد انتشارها واضطرام نيرانها أقول لأجل ذلك كله يترسخ في أذهان الشباب أنها الحل للنجاة من الكارثة.

 

ولكن يبرز لنا ها هنا سؤالان:

 

الأول: هل هذا هو الحل حقًا؟

 

الثاني: هل يكون هذا الحل للهروب من الكارثة هو بذاته كارثة؟

 

لكن في الإجابة سأسلك مسلكًا مختلفًا فأبدأ بالإجابة عن السؤال الثاني قبل الأول لحكمة آمل أن تستوضحها من خلال إجابتي. الحل... كارثة.

 

الدراسات العلمية النفسية والشكاوى المتراكمة للمتزوجين وغيرهم كلها تؤكد حقيقة أثبتها الشرع منذ نزل ألا وهي أن أي ممارسة جنسية غير الكامل التام بين الرجل والمرأة [الحلال] لا بد أن ينبع عنه آثار جانبية تبدأ من أول القلق والتوتر وتختم بالعجز الجنسي الكامل أحيانًا، وهو في الأساس نفسي أي غير عضوي.

 

قول الله - تعالى - في كتابه الكريم: {فَمَنِ ابتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ العَادُونَ} [المؤمنون: 7].

 

المعتدون الذين تجاوزوا الحدود فلن ينالوا الأمن والراحة.

 

وإننا إذا نظرنا إلى العادة السيئة على المدى القريب فلا نرى فيها إلا نوعًا من المسكنات المؤقتة للشهوة توجد نوعًا من التعويض النفسي عن عدم وجود الشريك الآخر، وتحقيق الاكتفاء الذاتي ولكن الأخطر من ذلك هو أثرها على المدى البعيد، حيث إن الفرد بالاستمرار عليها لفترة طويلة ويستديم على فعلها بمواعيد شبه ثابتة ومستقرة ومتكررة فهو من حيث لا يدري يقوم بتدريب جسمه تدريبًا منظمًا مستديمًا على وسيلة من الإشباع الجنسي هي في الواقع لا تحقق الإشباع الكامل، ولكن الجسد لطول ممارستها يترسخ بداخله أن هذه هي الطريقة المثلى للوصول إلى مرحلة الإشباع الجسدي الكامل.

 

وبذا يمكنك أن تفهم كيف يمكن لرجل متزوج من امرأة لا عيب فيها وهي ذات نصيب من الجمال لا بأس به، ثم هو بعد ذلك لا يملك نفسه بهذه العادة السيئة، ويشعر فيها بلذة لم يشعرها في الجماع الكامل، وكفى بهذا الخطر بيانًا لعظم الكارثة في هذا الحل.

 

ـ ومع ذلك فينبغي لنا أن ننبه أن كثيرًا من الأفكار الطبية الشائعة حول إتيان هذه العادة إنما هي أفكار ليس لها سند من العلم أو الطب سواء منها ما كان في:

 

* ناحية السلب: مثل الإصابة بالأمراض كالعمى ـ التشوه ـ الضعف الجنسي ـ العقم ـ إضعاف الذاكرة والقوى العقلية.

 

* وأما كان منها في ناحية الإيجاب: قوة الجهاز التناسلي لكثرة تدريبه ـ علاج لحب الشباب وعلاج للسمنة ـ ومزيل للتوتر الجنسي فتزيد التركيز ـ تحدث نتيجة امتلاء الخصيتين بالسائل المنوي.

 

وكل هذا الذي سبق هو محض افتراء على العلم ولم يثبت منه شيء بدليل، لكننا نؤكد ويؤكد معنا العلم أن الإفراط في الممارسة إلى حد الإدمان يقلل بلا شك من إنتاج المني ما قد يؤخر أن يضعف القدرة على الإنجاب، كما أن كثرة الممارسة كذلك قد تضعف الأداء الجنسي عند بعض الأفراد.

 

 لكننا ونحن نأمل هذا الحل الكارثة ننبه إلى أنه كي يتم لا بد أن يبدأ بشكل من أشكال الانحراف ألا وهو النظر إلى ما حرم الله، أو تفكر وتخيل ما حرم الله، كما أنها تدفع مرتكبها إلى السرية والتخفي بها والحذر من أن يشعر من حوله به وهو يفعلها مما قد يدفع أحيانًا الشاب على تأخير الغسل من الجنابة، ويبقى على هذه الحال يومًا أو ربما أيامًا خشية أن ينتبه إليه أحد، مع ما في ذلك من تضييع للصلوات واستحواذ الشيطان عليه.

 

ومع أننا أكدنا أنها لا تضعف التركيز أو الذاكرة أو تزيدهما إلا أنه من المؤكد أن التفكير المستمر في الجانب الجنسي والاستمرار في الإثارة الخارجية بالصور والقصص والتخيلات والأفلام والحرص على أداء ذلك كله في سرية مطلقة وتخفٍ, تام مع وجود الشعور بالإثم ومحاولة إزالة آثار هذه الجريمة، هل يمكن أن تتخيل مقدار التركيز الذي سنحصل عليه بعد كل هذا؟!

 

وفوق كل هذه الآثار الجانبية السلبية فإن من أعظمها أثرًا ذلك الضيق الذي في الصدر والغيام الذي في البصر، وتقطع النفس حال الذنب، والشعور بحلاوة الطاعة تتفلت منك تحت وطأة المعصية والصراع تدخله مع نفسك حتى لا تطرحك في الهاوية.

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply