تنظيم إدارة الوقت


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

كلنا نواجه المشاكل مع الوقت ولا نستطيع أن نسرعه ولا أن نبطئه، نحتاج إلى الكثير منه، ولا نعرف أين نجده لكننا فجأة نتساءل أين ذهب كله.

لكن الوقت ليس هو المشكلة الرئيسية فالوقت هو السيولة عينها التي تعطي لكل الناس، وبالعدل والمساواة، وكل يوم. المشكلة إذن أن كلا منا ومعظمنا، يترك الكثير منه \"يتسلل عبر أصابعه\" لأننا لم نتعلم أبداً كيف ننظم إدارة وقتنا.. أهلنا لم يجلسوا معنا ليكلمونا عن حقائق الوقت ومهارات إدارة الوقت ليست جزءاً من أية دراسة أكاديمية. ولعدم معرفتنا كيف ندير وقتنا بكفاءة، نبقى مستخدمين الأسس \"الطبيعية\".

التعامل الطبيعي مع الوقت هو في أخذ الأمور كما هي، وأن يقوم المرء بما يشعر برغبة في عمله، دون تنظيم أو مواعيد أو تخطيط. وما الخطب في هذا... لقد كان ناجحاً ونحن صغار، وكان العيش من يوم إلى يوم سهل جداً ولم نكن نقلق أبداً في أي شيء يمضى وقتنا.

في الواقع، طالما بدا لنا أن هناك الكثير من الوقت، ساعات طويلة قبل انتهاء المدرسة... أيام كثيرة قبل عطلة الصيف.. أسابيع عديدة قبل عيد الميلاد.. الكثير من السنوات قبل أن نتعلم قيادة السيارات.. أيام الطفولة كانت أو قاتاً أكثر سهولة.

لسوء الحظ، لنا كلنا، إنه يأتي يوم، وقريب جداً، حين لا يعود نظام العيش يوماً فيوم ساري المفعول.. بالنسبة لأكثرنا، نصل دراستنا العليا بسرعة.. وبصدمة. لماذا؟ لأن هذا هو الوقت الذي نبدأ فيه وضع الأهداف الأكثر أهمية لنا، وليس فقط لأهلنا. نصبح مشاركين أكثر، وبنشاطات عامة مثل الرياضة والموسيقى أو النوادي، ومعظم مواعيدنا تتطلب الوقت.

في الكلية نبدأ التفكير بمستقبلنا المهني. ندرس فقط ما يؤهلنا لهذا حتى إننا قد نحاول أن نجد عملاً لجزء من الوقت ولكي نحقق أهدافنا يجب أن نلزم أنفسنا بالعديد من الخطوات المختلفة لنصل يجب أن نخطط.. ننظم إدارة وقتنا. وبالرغم من كون المرء يميل بطبيعته أن يدعي أن لا وقت لديه يمضيه في التنظيم، وضع الجداول، اللوائح، والتسجيل، فإن هذه هي أفضل وسيلة لتوفير الوقت.

لكن قد لا يكون هناك ما يكفي من وقت.. دعونا نعطيكم خبراً جيداً: هناك طريقة يستطيع فيها الإنسان إنجاز المزيد من العمل في وقت أقل.. وعمل أكثر فعالية من التقدم الطبيعي في الوقت ولا يأخذ المزيد من الجهد بإمكان كل منا أن يخطط مسبقاً، ويقوم بخيارات واعية حول كيفية قضاء وقته.. وكم من الوقت يقضيه لإنجاز كل مهمة وبإمكانه أن يسيطر أكثر على وقته بدلاً من أن ينفذ الوقت منه دائماً.

الآن، الخبر السيء: أول خطوات إدارة الوقت، يجب أن تقرر ما هو المهم، وما هو غير مهم قد يكون هذا صعب، فأحياناً من الضروري لنا أن نفهم أننا قد لا نستطيع فعل \"كل شيء\" والاقتطاع من برنامج عمل مليء، يجب أن نلحظ النشاطات التي لا تعطي لنا الكثير كي نخصص المزيد من الطاقة لما هو مهم حقاً.

محاولة \" فعل كل شيء\" حتى مع وجود الكثير، هو عمل سيقود على الاحتراق.. فمتى ينتهي كل هذا؟ مع الدراسة، مع الواجبات، مع العمل الجزئي والكامل، وضياع كل فرص اللهو والإبداع يمكن للحياة أن تكون مشغولة جداً، لكن لا تصبح الحياة سهلة فجأة.. معظم الراشدين يمكن أن يقولوا أن الحياة تصبح أكثر انشغالاً هناك دائماً \"رب عمل\" يتوقع منك العمل حتى وقت متأخر.. أولاد يحتاجون لطعام وملبس، وطبابة.. هوايات واهتمامات تلاحقها... خدمات اجتماعية يصبح الراشد متورطاً بها.. فإذا كنت هكذا، فلا داعي إذن لأن نقول لك كم هي أهمية الوقت وإدارته.

لكن.. يبقى وقت كثير للتخطيط، حتى بعد تشذيب كل الالتزامات، يبقى معظمنا أمام تحدي إنجاز تلك الالتزامات. خطة تنظيم إدارة الوقت، التي نبحثها هنا، مبرمجة للجميع، أما إذا كان القارئ لا زال طالباً في جامعة أو خريجاً يبحث عن عمل، أو إدارياً يحاول تنظيم المؤسسة التي يعمل فيها فسيجد الجميع، أن هذا برنامج يمكن إدارته بسهولة، وسيعمل جيداً لكل فرد بمفرده.

هذا البرنامج يسمح بالليونة.. في الواقع يشجع على تبني أي اقتراح منه بما يناسب حاجات الجميع. والهدف منه مساعدة الجميع على اختيار ما هو الأهم لهم، ومساعدتهم في وضع أهداف لأنفسهم، لتنظيم وجدولة الوقت، وتطوير الدوافع والانضباط الذاتي لتنفيذ جدول الأعمال والوصول إلى الأهداف، وهذا ما سيعطي بالتأكيد وقتاً لمهارات أخرى.

مهما كان الهدف، الحاجة لي التخطيط يجب أن تكون واضحة وبذات الوضوح، واقع أن الكثير من الناس يديرون وقتهم فعلاً بطريقة فوضوية.. والنصيحة هنا هي أن تتعلم الاهتمام بالدقائق فالساعات تعتني بنفسها.

لكن وضع الخطة لتنظيم إدارة الوقت، تتطلب جهداً... لكن هذا هو استثمار للجهد، سيأتي في النهاية بنتائج أساسية.. أو ليس من الجيد أن تشعر أنك تمارس بعض السيطرة على برنامج عملك، على حياتك، بدلاً من نفاذ الوقت دائماً، والجري من موعد إلى آخر، ومن مهمة إلى أخرى؟ لنفترض أن كل هذا صحيح... فكرة جيدة نافعة لإدارة الوقت، وأن هذه الإدارة الفعالة ستكافئك بطرق محسوسة، لكن، على الأرجح ستجد من الصعب إعطاء الدوافع لوضع التخطيط... لذا يجب أن تحاول جعل التخطيط عادة لك.. شيء تفعله دون تفكير، لكن، شيء ستفعله مهما كان الأمر.

نظام لإدارة الوقت يتناسب مع حاجاتك يمكن أن يساعدك على إنجاز عمل أكثر في وقت أقل. أكان الهدف من هذا الحصول على المزيد من الوقت الحر، أو تحسين الإنتاج ويساعدك كذلك على الوصول إلى أهدافك لأنه:

يساعد على تحديد الأولويات.

وضع لائحة بالمهام، وإعطائها أولوياتها، سيؤمن أن تنجز أهم الأشياء أولاً، ولو لم تنجز \" كل شيء\".

يساعد على تتجنب الفخ الزمني. قد تقع في فخ زمني لأشياء غير مخطط لها وستضطر إلى إضاعة الوقت في إطفاء الحريق قبل الانتقال إلى مهمة أخرى.

يساعدك على توقع الفرص. إضافة إلى مساعدتك على توازن وقت عملك مع أوقات أخرى، يساعدك على تنظيم الوقت المر الذي ستحصل عليه، لتمضيته بفعالية أكثر. وبهذا تتمكن من القيام بالمزيد في ذات الكمية من الوقت أو في بعض الأحيان، في وقت أقل.

يعطيك الحرية والسيطرة. على عكس مخاوف الكثيرين، إدارة الوقت هي نوع من التحرر، وليس التقييد في جدول محدد. إنها نوع من السيطرة على جزء من يومك، يسمح لك أن تكون مرناً في بقية اليوم.

إضافة إلى هذا ستتمكن من تخطيط وقتك الحر، وإدخاله ضمن جدولك.. مثلاً: ستعرف مسبقاً أن أمامك مهمة صعبة في اليوم التالي لحفلة راقصة. وبدلاً من أن تتصل بالأصدقاء ليلة الحفلة لتعتذر ستكون متأكداً من جدول أعمالك الذي يسمح لك بفرصة أكبر للتحرك، وحضور الحفلة في آن، دون الإحساس بالحرج أو الذنب.

يساعدك على تجنب التضارب في الوقت. بمجرد كتابة كل نشاطاتك، مسؤولياتك، مهماتك في مكان واحد، سيساعدك على التأكد من أن الأشياء لن تختلط في وقت واحد، وإذا حدث تضارب في الأوقات، ستتمكن من ملاحظة هذا مسبقاً، وترتيب أمورك حسبما تقتضي الحاجة.

تساعدك على تجنب الإحساس بالذنب. حين تعرف بالضبط كم لديك من عمل، ويكون لك برنامج زمني لتنفيذها، تستطيع أن ترتاح لمعرفتك أن كل شيء سينجز في وقته المحدد.. لكن دون خطة لإنجاز العمل، ستشعر وكأنه سيف مسلّط فوق رأسك، حتى وأنت لا تعمل... وإذا أمضيت وقتك تفكر بعملك فقط، فمن الأفضل لك أن تمضيه وأنت تعمل. تنظيم إدارة الوقت الفعالة، تساعد كذلك راحة ضميرك، فبعد أن تتم ما عليك من عمل، ستتمتع حقاً بوقتك الحر دون الإحساس بالذنب لأنك لم تنجزه.

يساعدك على تقييم مدى تقدمك. إذا كنت تعرف مسبقاً مما هو المطلوب منك من مهمات، فلن تندهش أبداً حين يلوح أمامك الموعد النهائي لإنجاز عمل ما.. لكن إذا عملت حيث يكون هذا ملائم لك، أو إلى أن تتعب، فلن تعرف أبداً ما إذا كنت متقدماً عن موعد التسليم أو متأخراً.. ثم ستكتشف فجأة أن هذا الموعد قد برز أمامك فجأة دون أن تخطط له.

يساعدك على رؤية \" الصورة الكبيرة \". إدارة الوقت الفعالة توفر لك نظرة أوسع للعمل كله. بدلاً من أن تواجه المفاجأة مع قدوم أوقات أكثر انشغالاً، ستتمكن من التخطيط مسبقاً ولأسابيع قادمة.

يساعدك على أن تعرف كيف تعمل بطريقة ذكية أكثر، لا بجهد أكبر.

البعض يعتقد أن إدارة الوقت هو مجرد معرفة الوقت، أو قضاء وقت منظم في العمل، في الراحة، في الاتصالات، وأن التحرك ضمن هذه المواعيد الزمنية يؤمن لهم التنظيم أكثر.. قد يكون هذا صحيح جزئياً، فجزء رئيسي من تنظيم إدارة الوقت هو تعلم كيف تصنّف المهمات حسب أولوياتها. لكن هذه النظرة البسيطة، تتجاهل فائدة كبيرة تأتي بها السيطرة على الوقت.. فقد يكون من الممكن أن يكون المرء منظماً، لديه أولويات مسجلة، وسيطرة على الوقت، بحيث يمضي وقتاً أقل في العمل ويحصل على نتائج أكبر.. وهذا ليس عملاً سحرياً، مع أنه يبدو هكذا.

تعلم إدارة الوقت الآن سيساعدك على التحضير للمستقبل.

الحياة كلها تحضير للمستقبل، وإذا أمضى المرء وقته الآن بشكل فعال، فلسوف يكون محضراً جيداً للمستقبل.. وكلما كان محضراً جيداً أكثر، كلما كان أمامه خيارات أكبر.. وستكون الشركة تعمل فيها من خيارك، لا مفروضة عليك بإولئك الضعيف السابق. لننظر الآن إلى بعض المخاوف التي تشاور الكثيرين حول إدارة الوقت، وهي لا أساس لها.

عدم المرونة هو أكبر مخاوف الناس، إذ يظن الكثيرون أن السير حسب جدول محدد ومكتوب يفقدهم لذة العضوية في التصرف والاختيار. لكن نظام إدارة الوقت يمكن أن يكون مرناً كما يشاء المرء، بل الواقع أن أفضل نظام هو الذي يعمل كمرشد، وليس نظاماً متصلباً.

على عكس الاعتقاد السائد، لن يؤدي هذا التنظيم إلى تحويل الشخص إلى \" عبد \" للوقت. فبرمجة الوقت لا تعني أبداً الالتزام بعمل أكثر، بل الواقع أن تحديد أوقات العمل مسبقاً تعني أنك ستتمكن من الاسترخاء أكثر غير أوقات العمل، لأنك لن تكون قلقاً حول سير هذا العمل ومتى ستنجزه، فوقتك \"منظم\" على هذا الأساس.. فكم من وقت تقضيه في العمل، أقل أهمية بكثير من مدى كفاءتك ووقت تعمل، والهدف ليس قضاء وقت أكبر في العمل، بل قضاء الوقت ذاته أو أقل منه، وإنجاز الأكثر في مدى أي وقت تعمل فيه.

العديد يخشون \" التعقيد \" الذي يوحي به تنظيم الوقت.. لكن الواقع هو العكس، فهو يؤدي إلى \" التبسيط \".. لكن كلما زاد تعقيد النظام الذي يتبعه الإنسان، كلما زادت صعوبة استخدامه، ونتيجة لهذا، ستقل إمكانية استخدامه بكفاءة. ويمكن أن يضع المرء نظاماً يلائم حاجاته، ولتسهيل الوصول إلى الأهداف.. وهناك مهارات عديدة قد لا تساعد أبداً.. لذا يجب استخدام المهارات التي من المحتمل أكثر أن تقود إلى الهدف المنشود، وتتناسب مع شخصية من يملكها.

ولكي تنجح في إدارة وقتك، يجب أن تكون قادراً على العودة إلى خطتك حين الحاجة لاستخدامها. فمن المستحيل وضع خطة تفصيلية إلى مستقبل بعيد دون أن يكون لديك سجلات دائمة.. والأفضل كتابة الخطط المرحلية والبعيدة المدى، في مكان واحد.. كي تتمكن دائماً من مراجعتها. المهم أن يكون لديك مكان واحد للمخططات والمعلومات وجداول الأعمال.. ونظام إدارة الوقت، الذي سيناسبك أفضل، هو الذي \" تفصله \" ليلائم حاجاتك وشخصيتك. معظم ما نتذكره هنا هو أفكار عامة، قد تصلح للكثيرين، لكن قد لا تلائمك أنت بالضبط. لذا، يجب أن تأخذ هذه الأفكار العامة، وتجعلها في \" نظام \" ناجح لك.. غيّر، عدّل، اجعل الخطة أكثر حزماً، أو أكثر ليونة.

لقد مررنا جميعاً بتجربة نسيان موعد، أو التزام. ومن السهل أنت نتذكر كتابة الموعد.. لكن جدولاً لا يستخدم دائماً، ليس الأمان الكافي.. وعليك دوماً كتابة التزاماتك، وقضاء وقت لتسجيل المواعيد لكل أسبوع، لكل يوم لكن، أي وقت تقضيه في الكتابة سيكون دون جدوى، إذا لم تحتفظ باللائحة معك، حين تحتاج إليها.

تصل إلى العمل لترى أن المشرف قد حدد لك ساعات عملك للأسبوع القادم، ويراجعها معك، تجدها مناسبة وتلتزم بها. لو أن المفكرة معك فستتمكن من كتابة جدول أعمالك وتبرمج كمية الوقت الضرورية.. إذن خذ مفكرتك معك أينما ذهبت فأنت لا تعرف متى ستحتاجها. احتفاظك بالمفكرة معك ستقلل مخاطر النسيان.. سجل دائماً المهمات، التكليفات، أرقام الهاتف، أو أية معلومات مهمة، وعلى الفور.

عليك أن تعطي أي نظام لإدارة الوقت فرصة للنجاح.. جربه لفترة. أي برنامج قد لا ينجح إلا إذا استخدم على الدوام.. والدوام هذا لن يحدث.

قد يساعد كثيراً أن يكون مكان عملك \" إيجابي \"، وأن يكون جوه محركاً للعمل.. ولا تدفع نفسك لأن تعمل إلى أن تصل مرحلة اللاتحمّل.. فأشياء صغيرة قد تدفعك إلى كراهية عمل ما، ويبدأ رأسك يؤلمك عليك إذن أخذ مقدار تحملك وبعين الاعتبار بعض الناس يمكن أن يجلسوا وراء مكاتبها يعملون لساعات... البعض يرى أن ذهنه شرد بعد ساعة أو يزيد.. الصنف الأول لا يحتاج إلى فرصة راحة. بينما الأخير، إذا أراد العمل بكفاءة يجب أن يخطط لفترة راحة حسب قدراته.

قد يكون من الأفضل أن تضع حاجزاً، حقيقياً أو خيالياً ما بينك وبين العالم الخارجي وأنت تعمل... إغلاق باب شغلك، مكتبك أو المكان الذي تعمل فيه قد يمنع عنك الضجيج، والكثير من المقاطعة والإلهاء.

لوحة \" الرجاء عدم الإزعاج \" وسيلة جيدة للقول بأنك مشغول.. والمحيط الصالح للعمل، هو أكثر من \" موقع \" فهناك عوامل أخرى للمحيط يمكن أن يسهل لك عملك. هل تجلس في كرسي مريح؟ قد تكون كرسيك جيدة لكنها ليست مريحة! وماذا عن التهوية والحرارة؟ هل يتحول مكتبك إلى جو خانق حار، أو تضطر فيه إلى ارتداء المعطف لمنع البرودة؟

قبل أن تقرر هذه الأشياء لنفسك، قد ترغب في وقت لترى كم تستطيع الإنجاز، مع موسيقى مثلاً، ثم دونها. إذا وجدت أن الموسيقى عامل إيجابي، فليكن لديك جهاز يؤمنها لك، الألحان المألوفة بريتم محدد قد تكون فعالة أكثر من غيرها أو أقل إلهاء.

لقد تكلمنا بما يكفي حول مكان العمل وأهميته.. وأهمية الاعتياد على العمل في مكان واحد.. والشيء عينه ينطبق على \" متى \" تعمل.. قدر المستطاع، اخلق جو الروتين اليومي.. فالوقت المحدد لعملك يقرره عدد من العوامل، هذه العوامل تلعب دوراً مهماً في عملك ومتى تعمل.. فبعض الإداريين مثلاً لا يتمكنون من العمل باستمرار في أعمالهم المكتبية والبقاء في الموقع عينه.. لذا يقسمون وقتهم بين المواعيد والمقابلات والإشراف على العمال، والأعمال المكتبية التي تتطلب تركيزاً أكثر من محاولة أن تكون في أوقات يرتاحون لها، كما أن هناك عوامل أخرى تؤثر على الأوقات المتوفرة للعمل.. وكون المرء في أحسن حالاته، هدف عظيم لكنه ليس ممكناً على الدوام.

هل جلست يوماً لتعمل، ووجدت أنك بحاجة إلى آلة حساب من مكتب آخر؟ وأنت ذاهب لتحضرها، تقرر أنت تزور زميلاً في مكتبه لبحث أمر هام بينكما.. بعد دقائق من تبادل الحديث، تلمح صحيفة على الطاولة وتتفحص العناوين الرئيسية.. وأنت تعود إلى غرفتك تقف بالباب متسائلاً: لماذا تركت مكتبي أساساً؟ هل تذكر أفخاخ الوقت؟ هذا واحد منها.. أن لا تكون كل مواد عملك معك، فتخاطر في أشياء جانبية وتخسر وقتاً ثميناً.. ولسوف توفر الكثير من الوقت بالتفحص الدائم لأغراضك اللازمة للعمل، دفتر الملاحظات، أقلام، آلة حساب، وأشياء أخرى ضرورية، قبل أن تبدأ يومك.

انظر إلى برنامج عملك كل صباح، وقرر ما الذي يلزمك، وتأكد من أن تكون مذكراتك كلها أمامك، وحضّر حقيبة الأوراق سلفاً، ولا تنسى المخطط أو برنامج العمل.. فلقد مر ذكر كم من السهولة نسيان المواعيد والالتزامات إذا لم تكن مكتوبة.

 

عامل آخر له أهميته الكبرى، وهو الحوافز، فبدون حوافز كافية، والإطراء، يكون تنظيم إدارة الوقت مثل سيارة دون محرك.. والمحفزات نوعان إما داخلية أو خارجية.. فما هو الفرق؟ بالنسبة للحوافز الداخلية، يعمل المرء في عمل ما لأنه يتمتع به مثلاً، ولا لسبب آخر. أما الحافز الخارجي فهو يعود إلى مكافأة ستحصل عليها من وراء إنجاز العمل.

ولكي تزيد من كمية الحافز الداخلي، يجب أن تعرف أية حقول من الحياة تثير اهتمامك.. والدراسة هي الممر الأساسي الذي يقودك إلى أشياء أخرى، لكن بقدر اهتمامك أكثر بهذا الممر، من المحتمل أكثر أن تصل إلى مبتغاك.. وتتمتع بالمسيرة كذلك.

الحوافز الخارجية قد تساعدك على اجتياز المهمات المملة الصعبة التي هي جزء من عملية وصولك إلى الهدف. مثلاً، أنت تختار مهنة الصحافة لأنها تسمح لك بالتحقيقات والكتابة عن الأحداث الجديدة.. وستجدها مثيرة للاهتمام، ومع ذلك، ستجد نفسك مضطراً إلى الكفاح للحفاظ على ما تحبه.. وستحتاج إلى دوافع خارجية لمساعدتك على النجاح في عملك للوصول إلى أهداف أكبر وضعتها لنفسك... وقد تكون صورة الهدف النهائي قوة محركة حافزة فحاول أن تتصور ماذا ستكون عليه حياتك بعد خمس أو عشر سنوات.. وكيف ستكون حياتك المهنية؟ إذا لم تكن الصورة جاهزة، فلا عجب أنك لا تستطيع إعطاء نفسك الحافز الداخلي، لتعمل نحو الهدف النهائي.

هدفك، مهما كان سامياً، لن يدفعك إلى الاستيقاظ كل صباح، ويبقيك تعمل لسنوات.. فأنت بحاجة إلى أهداف متوسطة، أو قصيرة الأمد كذلك. أحد الطرق لتصور أهدافك بسهولة وإيجاد صلتها ببعضها هو إنشاء ما يسمى \" هرم الأهداف \" بوضع الهدف النهائي عند القمة ثم تقسيم باقي الأهداف المرحلية إلى أن تصل أسفل الهرم.. وهذا الهرم ليس مبنياً من الحجر، بإمكانك تغييره وأنت تتقدم. وقد تقرر خلال رحلة العمل تغيير المهنة أو تغيير الطريق الموصل إلى الهدف.. وهذه ستختلف حتى من أسبوع لأسبوع، مثلما تتغير مهماتك الأسبوعية، أو اليومية، لتعطيك المزيد من الطاقة والحماس.

تطوير مهاراتك، هي الطريق الرئيسية نحو الهدف مهما كان. ومهما كان من الصعب الاستمرار في العمل أو كم من العوائق يجب أنت تتخطى وأنت على الطريق.. لكن كيف تضع أهدافك في الحياة؟

كن واقعياً في توقعاتك.

كن واقعياً في أهدافك.

احذر الأوهام.

ركّز على حقول تعطيك أفضل الفرص للتقدم.

راقب ما تنجزه، وثابر على وضع الأهداف.

طريقة اختيارك لنوعية المكافأة، تعتمد على كم أنت بحاجة للمساعدة كي تحافظ على حوافزك. وكما لاحظنا، المهمات المثيرة للاهتمام تتطلب قليلاً من الدوافع الخارجية.. وإذا كانت المهمة صعبة متعبة، فاجعل مكافأتها أغلى ثمناً كي لا يتزعزع حافزك.. وكقاعدة عامة يجب أن يكون حجم المكافأة مناسب لصعوبة المهمة.

يخشى الكثيرون أن لا تكون إرادتهم قوية بما يكفى وأن يكون طلبهم للمكافأة لشي يجب أن يقوموا به على أي حال وسيلة لإخفاق عزيمتهم.. لكن مكافأة نفسك قد تكون وسيلة لتقوية انضباطك الذاتي. فإذا كنت تضع باستمرار أهدافاً لا يمكنك الوصول إليها، فما تفعله هو التدرب على الفشل.. والتدريب يجعل أي شيء مكتملاً، لذا ستفشل حتماً.

من ناحية أخرى، الانطلاق لتحقيق أهداف صغيرة ومكافئة نفسك كلما حققت أحدها، قد يبني في نفسك الإحساس بأهمية النجاح.. أنت تعمل نحو الأهداف المدروسة وتحققها، ستبدأ بالإيمان بنفسك أكثر فأكثر.. وسيتابع أدائك في التحسن. وتذكر أن مقصدك ليس المعاناة في عملك كالشهيد، ولا شيء يمنع أن تجعل من عملك ممتعاً قدر الإمكان.. هنا نتساءل في هذا السياق! إذا كنت تريد إعطاء نفسك الحافز المطلوب، فهل تستخدم أسلوب الجزرة أم العصا؟ فالأفكار الإيجابية والسلبية معاً يمكن أن تكون من الحوافز. فأيها تختار؟ وقد يجد الكثيرون أن من الأسهل تسجيل السلبيات أكثر من الإيجابيات. في الواقع قد تجد أن لا مجال يكفي لذكر كل السلبيات، بينما في المقابل تسجل بضعة إيجابيات.

حسناً.. هناك شيء نريد أن نقوله حول النجاح والفشل (الإيجابيات والسلبيات)، الفشل تجربة لها قيمتها كالنجاح تماماً، قد تكون أكثر قيمة ما هو أول شيء تعلمته في حياتك؟ أن لا تلمس الطباخ الساخن؟ أن لا تضع القطة في آلة الغسيل؟ أن لا تترك لعبتك تحت المطر؟ وكيف اكتشفت هذه الحقائق؟ دون شك بالطريقة الصعبة. لكنك تعلمت من التجربة، من \" الفشل \" مما هو ((سلبي)) هكذا تستطيع أن تتعلم من كل السلبيات ثم تتجه إلى النجاح. ستتعلم من الفشل أن إنجاز العمل في الوقت المحدد هو بالأهمية ذاتها لإكماله بشكل جيد، وستدرك أنك لو تعلمت إدارة وقتك بشكل أفضل فستلزم نفسك بنظام ناجح وستستلم زمام حياتك بيدك.

 

أنت جاهز للتخطيط!

حين تتمكن من استيعاب عملك كله، كل مهمة أساسية فيه، كل اختبار، كل ورقة مهمة، كل موعد، فستكون احتمالات أن تصل إلى صرف وقت أكبر أقل، لمجرد أن هذا يتطلب برمجه وإبراز الأهم.

ولكي تكون البرمجة على المدى الطويل فعالة، يجب أن تبدأ التخطيط باكراً. ومن يفشل في التخطيط المسبق لمستقبله، أو لأي مشروع مرحلي، سيجد نفسه يضيع وقته في تنفيذ حدث واحد لوقت واحد، وسيشعر أنه غير منظم قطعاً، طوال فترة عمله. التخطيط المسبق من ناحية أخرى، يزيد من القدرة على اللحاق ببرنامج هجومي منظم.. البعض يمكنه اختيار عمله حسب برنامجه الخاص، وحسب ما يحب وما يكره، والأهداف.. الخطوط العريضة لمثل هذه الحرية يجب أن تختلط بالتقدم المنطقي الذي تحاول تطويره.

لن تستطيع الإسراع إلى هدفك النهائي ما لم تعرف أين هي نقطة الانطلاق. لذا، أو خطوة لتفحص روتين مسيرتك الحالية هو تعريف ذلك الروتين، وبالتفصيل.. ونقترح أن تفصل عملك ليوم كامل، ثم لأسبوع كامل، بما فيه عطلات الأسبوع. أيمكنك استخدام ساعة أو ساعتين إضافيتين كل يوم، إما للعمل أو المرح؟ لو استطعت استخدام مثل هذا الوقت \" الميت\" فستجد كل الوقت الذي تحتاج إليه، كلما كنت مستعداً لتحويل هذا الوقت \" الميت \" إلى وقت مفيد، عملاً أو راحة، لكما تمكنت من ابتداع الوقت لنفسك.

هناك أداتان ممتازتان تستغلهما في تخطيطك على المدى الطويل، أولهما \" لوحة المشروع \" التي يمكنك وضعها على جدار فارغ أو فوق مكتبك. فكيف تعمل \" لوحة المشروع \"؟ كما ترى أنها شكل مختلف عن التقويم السنوي، الأِشهر في خط أفقي تقابلها المشاريع في خط عامودي، أو العكس. وهذا يتوقف على مدى المساهمة المتوفرة لك.

بالنسبة لكل مشروع على حدة، هناك تحضيرات أساسية تقوم بها قبل استخدام اللوحة عليك أن تقسم كل مهمة عامة إلى أجزاء أساسية مركبة، والمهمات الخاصة التي يشملها أي مشروع. إلى جانب كل مهمة جزئية نضع الوقت المقدر لإنجازها.. المشروع التالي يتطلب العمل كفريق عمل آخرين من الشركة. في وقت العوامل الخاصة مختلفة، نلاحظ أن عملية تقسيم المشروع إلى خطوات منفصلة سهلة الإدارة، وتحديد الوقت اللازم لكل شكلية منها لا تتغير أبداً.

ولأن تحديد الوقت في الخطوات الأخيرة تعتمد على نوع المهمة الموكلة إليك ضمن فريق العمل، إلا أن من المهم وضع علامات استفهام إلى جانب البعض منها.. ومع اتضاح تفاصيل هذا المشروع وتحديد المهمات المحددة، قد تتغير صورة \" لوحة المشروع \" لتعكس تفاصيل أكثر، وقت محدد أكثر لكل خطوة.

تحتوي لوحة المشروع الآن على الأوراق الرئيسية، المشاريع الثانوية، الأقسام والاختبارات لكل خطوة منجزة.. وهاهي اللوحة تحتل جداراً في مكتبك، أو مشغلك... وحان الآن وقت معرفة أشياء عن الإدارة التي ستساعدك في تنظيم وقتك:

الخطوة الأولى: ضع قائمة بما يجب أن تفعل.

الخطوة الثانية: ضع أولويات مهماتك.

الخطوة الثالثة: املأ جدول أعمالك اليومي.

أنت الآن مستعد لنقل ما على لوحة المشروع إلى جدول أعمالك اليومي.. ضع الأولويات أولاً، ثم الوسط، ثم الأقل قيمة، التي لها مكان.. بهذا ستكون متأكداً أنك ستخصص كمية الوقت اللازم للأولويات الأهم كما يناسبك.

كل ليلة، أو صباح، قبل بدء يومك، انظر إلى برنامج عملك لتعرف ما هو مخطط لهذا اليوم. كم لديك وقت راحة.. هل هناك مهمات مفاجئة ليست مسجلة على مفكرتك، ويجب أن تكون معك. هناك تضارب لم تكن تتوقعه في بداية الأسبوع؟

كيف تعرف ما إذا كان يجب تحويل مهمة من الجدول اليومي إلى لوحة المشروع؟ الأمر بسيط إذا وجدت أن بالإمكان إنجازه ضمن أسبوع، ضعه في مكان ملائم من الجدول اليومي. أما إذا كانت مهمة معقدة، ويتطلب الإنجاز أكثر من أسبوع، فيجب أن يسجل على \" لوحة المشروع \".

ما إن تبدأ باستخدام \" لوحة المشروع \" جدول التخطيط العام، لائمة الأولويات، والجدول اليومي، فلسوف تقطف الثمار كل يوم.. وطوال اليوم، يمكنك اتباع الجدول اليومي.

لن تعود قلقاً حول متى تنجز عملك..فقد خططت له..وتنجز ما خطط له، خطوة خطوة. ومع اعتيادك على إدارة وقتك، والتخطيط للأشهر والأسابيع، والأيام.. ستكشف بسرعة أن لديك وقت راحة أكبر مما كنت تتصور.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply