لقد زرتهم عصرا وكدت أن أكون لصا


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بداية لقد شدَّ انتباهي موضوعُ للشيخ / سلطان العمري..

وهو بعنوان: (رتِّب وقتك أيها الداعية).. وفيه تطرق إلى أهمية الوقت بشكل عام..

ولقد سَرَحَ فكري، وَنَأَتِ بي ذكرياتي إلى أيامٍ, خوالي، فلقد تذكرت مواقف مَرَّت بي مع علماء ومشايخ فضلاء، أحسست منهم بروعة وحرص الإنسان لوقته، فزاد فيَّ ذلك تقديرهم وتبجيلهم..

حيث كان الموقف الأول مع الشيخ الفاضل / د. سفر بن عبد الرحمن الحوالي.. عميد كلية العقيدة بجامعة أم القرى سابقاً، - حفظه الله - ورعاه، وأمدَ في عمره على طاعته، فقد زرته مرة في مكة للسلام والاطمئنان عليه لا غير..

وكان الوقت بعد صلاة العصر، فعندما طرقت جرس الباب، حدثتني طفلة له صغيرة، فقلت لها أين أباكِ؟ فقالت: انتظر.. وبعد فترة وجيزةº ردت بقولها:

إن أبي يعتذر من مقابلتك وموعد الزيارات معلق على الباب، فلعلك تأتي على الموعد المحدد.. وكان الشيخ لكثرة الزوار عليه قد حدد لهم أياما للزيارة، تنظيما لوقته، وكنت أعلم بذلك..

فقلت لها: قولي له أنني قدمت من تبوك، وسفري قريب ولن أستطيع المجيء في موعد الزيارة، وبعد انتظار ليس بالطويل إذا بها تخرج عليّ من الباب لتقول: إن أبي يقول لك: صلِّ معنا المغرب في هذا المسجد، وسيقابلك..

فانتظرت ما يقرب الساعة أو تزيد حتى دخل وقت صلاة المغرب، وبعد الصلاة، وأنا في المسجد صِرت أتلفَّتº فوقعت عيني عليه، فرأيته ورآني، فقمنا وسلمنا وتعانقنا..

ثم فقال: أهلاً بأهل تبوك وأعتذر لك.. فكما تعلم أن طلاب العلم يكونون دائماً مشغولون، وأنا أقوم بتفريغ مخطوطة عندي، والوقت لا يسعفني، فقلت في نفسي: هذا العالِم يقول إنه طالب علم، وحريص على وقته فكيف بنا. ؟

والموقف الثاني: كان مع الشيخ الفاضل / محمد الفراج - حفظه الله - ورعاه، ولعل أغلبكم يعرفه كان محاضرا بجامعة الإمام بالرياض..

المهم أنني أردت وصاحباً لي أن نستفتيه في مسألة أشكلت علينا، فذهبنا إليه بعد العصر في بيته الذي كان بجوار مسجده، ففتح الباب لنا، وكنا ننتظر منه أن يستضيفنا في بيته أولا، ثم نطرح مسألتنا عليه، ولكنه رحَّبَ بنا عند باب البيت، ولم يدخلنا، ففهمنا أن لديه عملٌ يشغله..

فقال: ماذا تريدان؟ فقلنا مسألة. قال: عجِّلا فأنا مشغول ببحث عندي، فأعطيناه مسألتنا وأعطانا فتوانا وذهبنا، وهو عادَ إلى بيته..

الموقف الثالث: مع شيخنا الفاضل / أحمد بن مرزوق العتيبي - حفظه الله -.. كان في تبوك وانتقل إلى حفر الباطن.. فقد طرقنا عليه الباب ذات يومٍ, أنا وصاحبٌ لي، لغرض دعوته حضورَ مناسبة، فلما فتح الباب وكان الوقت عصراً..

فقال: بما أنكم قد جئتم من غير موعد مسبق، فلذلك لن تدخلا إلى البيت، فقلنا: نحن ما نريد إشغالك، ولكننا جئنا لندعوك لحضور مناسبة عندنا، فوضع يده على رأسه وقال بحرقة مع أساً وحزن شديد: أتجدون متسعا من الوقت؟

والله إني لأغبطكم على ذلك! أمَّا أنا فلا أجد فاعذروني. ! فذهبنا ونحن نغبطه على حرصه على وقته، وحسرتنا على ضياع أوقاتنا..

فانظروا يا إخوان لمثل هذه النماذج، وأمثالُهم كثير، ولاحظوا تكراري لوقت الحدث يكون (عصراً)، حيث ينشط الناس تقريباً في هذا الوقت، ولكنه عند أناس مليءٌ ومستثمَر. !

وبعد هذا التطواف بكم ـ أيها الأحبة ـ لابد إن لم نكن ممن يستثمر أوقاته ويعتني بها، فلا نكن من لصوص الوقت، الذين يسرقون أوقات الآخرين، والله يحفظكم ويرعاكم..

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply