مهارات قرائية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السؤال الذي يطرح نفسه بعد الإطلاع على تقرير المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «أاليسكو» لعام 2004م الذي يصف العرب بأنهم لا يقرؤون، وأن من بينهم 70 ألف أمي - هو: هل نحن نقرأ حقًا لنسير في اتجاه الحضارة المأمولة؟ في واقع الأمر أن الناس يقرؤون، لكن المشكلة تكمن في أن قراءاتهم تراود نفسها في طريق رسم الحضارة ذات الهوية العربية الإسلامية، وذلك لأن شريحة كبيرة من القراء تجعل قراءتها فيما لا يسمن ولا يغني من جوع، كما أن ثلة ممن يقرأ القراءة النافعة يجد مشكلة في عدم الاستفادة مما قرأ، وتتطاير المعلومات بمجرد مضي وقت قصير على قراءته وبالتالي فالحصيلة قليلة جدًا.

إذًا نحن في أزمة القراءة الصحيحة، وللتغلب على هذه الأزمة لا بد لنا أن نركز على مهارات القراءة أولًا، لا أن نحصر مفهوم القراءة في مادة القراءة أو المطالعة على فك الحرف والتلاوة الصحيحة للنص فهذا لا يكفي بأي حال من الأحوال، فإذا كان الهدف من القراءة هو تخريج أناس متمكنين من تلاوة النص، فإن القارئ الحاسوبي في هذا العصر قد يخدمنا لتحقيق هذا الهدف، حيث بإمكان الحاسب الآلي أن يتلو نصًا مكتوبًا كاملًا وبشكل جيد وبنغمة صوت بشرية عالية الجودة.

يجب أن يوسع الهدف إلى أبعد من ذلك بحيث يشمل معرفة مهارات القراءة التي تكفل الإلمام بالقراءة السليمة والفهم الصحيح للنص، واستيعاب مفرداته ومعانيه، وعدم تشتت الذهن ومعرفة الخاص من العام، والشاهد من النص وغير ذلك.

لقد فهم سلفنا الصالح الهدف من القراءة (وخاصة قراءة كتاب الله) حيث كانوا لا ينتقلون من آية إلى أخرى إلا بعد فهمها واستيعابها والعمل بها. ولتحقيق القراءة الفاعلة لابد بادئ ذي بدء أن يحدد القارئ الهدف المرجو عند قراءة موضوع ما بشكل واضح (ماذا يريد؟) بعد ذلك لابد من أن تتحق لدى القارئ قواعد القراءة الأساسية التي تحقق هذا الهدف، وبذلك يمكننا تذكر ما تم قراءته من معلومات لأكبر فترة ممكنة والإفادة منها سواء في الحياة العلمية أو العملية أو الاجتماعية. ومن ذلك اتباع أسلوب القراءة الإجمالية أولًا والتفصيلية ثانيًا (إن لزم)، بحيث يقوم القارئ أولًا باتباع الطريقتين التاليتين:

التصفح السريع «Skimming» الذي يعتبر أحد أهم الطرق لأخذ فكرة مختصرة عن الموضوع قبل الدخول للجزء المراد قراءته، ويكون ذلك بقراءة جميع العناوين الرئيسة، بالإضافة إلى العناوين الفرعية، ومن ثم الانتقال إلى قراءة الموضوع قراءة إجمالية وسريعة، فقراءة العناوين أولًا تساهم في الإلمام بموضوع المقال، وتكوين الرغبة في التعرف على المعلومات التي تشملها هذه العناوين مما يساعد في الإلمام بالموضوع وربط أجزائه. كذلك فإن القراءة السريعة تفيد كثيرًا في سرعة فهم الموضوع عند الرجوع إليه بشكل مفصل. كما أنها تعطي القارئ القدرة على التركيز والتغلب على الشرود وانشغال الذهن بغيره، ولابد أيضًا الاهتمام بالرسوم التوضيحية (إن توفرت) والتمعن فيها والتعرف عليها جيدًا، أخيرًا وقبل الانتقال إلى مرحلة القراءة التفصيلية لابد من قراءة ملخص الموضوع (إن وجد) لمعرفة النقاط الأساسية فيه.

القراءة التفصيلية: وعلى الرغم من أن القراءة التفصيلية تختلف باختلاف المواد التي تقرأ فإن هناك أساليب لرفع مستوى التركيز وجعل القراءة أكثر متعة وفائدة، منها على سبيل المثال لا الحصر الحضور الذهني (الاستدعاء الذهني) لأهم الأفكار والمعلومات التي تمت قراءتها ومراجعتها واستخدامها لحفظها من الضياع. هذا بالإضافة إلى حفظ بعض العبارات الجميلة ودلالتها وشواهدها مما يساعد على أعمال الفكر في المقروء، ومن ذلك أيضًا استخدام أكبر عدد من الحواس عند القراءة.كما لا ننسى أن النفس البشرية تكلّ وتملّ بطبعها لذا لابد من أن يتخلل القراءة فترات راحة لتجديد الحيوية والرغبة في المواصلة.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply