بسم الله الرحمن الرحيم
إلى أي مدى يمكنك التحكم في أفكارك؟ إن الإجابة عن هذا السؤال سيحدّد وبدقة إلى أي مدى يمكنك التحكم في مشاعركº فإن كل شعور هو في الحقيقة نابع من فكرة قمت بالغوص فيها والتفاعل معها، وتضخيمها وإضفاء اللون والحركة والصوت على تلك الصور التي تعبر عن تلك الفكرة التي بخيالك.. فلا يمكن أن يتولّد شعور من غير فكرة مرت بك وبالتالي فإن التحكم القويّ بالأفكار هو السبيل الأمثل للحصول على شعور سويّ منضبط.. والعكس أيضًا صحيحº فإن المشاعر التي تنتابك وتحسّ بها من شأنها أن تجعلك تستنبط منها مجموعة أفكار تكون في نهاية الأمر باعثة على أحداث قرار حيالها.
فإن الأفكار والمشاعر مشاريع عمل إن صحّ التعبير.. ولهذا كان ضروريًا أن يعتاد كل واحد منا ضبط الفكر.
وقديمًا أشار علماء الإسلام كالغزالي وابن القيم وغيرهما إلى هذا المعنى بضرورة السيطرة على الخواطرº فإنها تستحيل إلى أفكار، ومن ثم السيطرة على الأفكار فإنها تستحيل إلى إرادات والإرادات تستحيل إلى أفعال والأفعال تصير إلى عادات.
والعادة تستحكم ويصعب الخلوص منها. تصوّروا أن كل عادة يعتادها الواحد سواء كانت سلبية أو إيجابية فإنها في الحقيقة كانت مجرّد خاطرة عابرة، فأصبحت فكرة ثم عادة فأصبحت فكرة ثم إرادة ثم عملاً ثم تحوّلت إلى جزء من شخصيتنا.
وهذا المعنى هو الذي يذكره مؤلفو الغرب من المهتمين بعلوم البرمجة اللغوية والتفوق البشريّ.. وهي موجودة لدى ثقافتنا قديمًا.. إذًا الشعور هو استجابة جسدية للفكر.. هل تتذكر مرة وجدت فيها نبض قلبك يزداد؟ أو أن وجهك علته حمرة؟ أو أن العرق ملأ جبينك؟ أو غير ذلك من الاستجابات العاطفية.. الأكيد أن ثمة رسالة أتت من مركز التفكير.. لهذا لو قُدّر أن مركز التفكير لديك حدث به عطف فاعلم أنك لن تشعر بأية استجابات عاطفية البتّة.. وفي بعض حالات اعتلال المخ فإنك لربما لن تشعر حتى بالألم الجسدي الواقع عليك.
بعض الناس يعيش شقيًا وتعيسًا فقطº لأن فلاناً من الناس أو علاناً يراه بنظرة سيئة، أو لأن فلاناً قال عنه كذا وكذا.. المشكلة الحقيقة أن نظن أن أعمال غيرنا هي التي تصنع شعورنا. حسنًا وما علاقة فعل الغير بالحقيقة التي تعلمها أنت عن نفسك؟ إذا كان أحد من الناس يراك بنظرة معينة.. فهو ما يشاء، وإن كان فلان من الناس يتحدث عنك بكيت وكيت فقل له بأعلى صوتك: \"احترم وجهة نظرك\" لكن حين تتأثر وتحزن وتتألم فاعلم -على وجه اليقين الذي لا ينتابه شك- أنك أنت الذي اخترت هذه المشاعر وليس أحد غيرك.. فأنت بحقيقتك وقواعد حياتك وقيمك وشيء مستقل تقدر على أن تتحكم في فكرك وشعورك كما تحب...
وأنا أقول: تتحكم أي أن هناك عملاً يجب أن تقوم به، وليس هو أمراً سهلاً أو يسيراً.
بل يتطلب منك جدًا ومثابرة حتى تعتاد التحكم في أفكارك، ومن ثم مشاعرك وأعمالك.. قبل أن تتحول إلى عادات.. إننا في الحقيقة متأثرون كثيرًا بفكرة أننا غير مسؤولين عن مشاعرنا بل غيرنا هو المسؤول.. وبالتالي نتملّص ونعيش الألم ونلقي اللائمة على غيرنا.. إنك أنت المسؤول الأول والأخير عما تشعر به مهما كانت هناك من المحركات والأسباب والظروف القاسيةº فإن تفسيرك للأحداث، وتقييمك لها هو قطب الرحى.
كثيرون من الذين يستنكرون هذه الحقائق يكون هذا بسبب أنهم اعتادوا نسقًا معينًا للتفكير، ومن ثم فهي ردود فعل مباشرة نشؤوا عليها أعوامًا طوالاً..ولهذا بقليل من الدربة وتعويد النفس والسيطرة والتحكم الحقيقي بالفكر والشعور فإن ذلك سيجعل منك شخصًا رائعًا، وسيجعلك تعيش سلامًا داخليًا مذهلاً.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد