مهارات التواصل الاجتماعي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

كثيراً ما تطرق أسماعنا مقولة: (فلان شخص اجتماعي)، وعندما تعلم أن هذه الصفة في شخص صار جاراً لك، أو أصبح زميلاً لك في العمل، أو رفيقاً لك في سفر، فإنك حينها تفرح، وتحس بالأنس والراحة.

 

فمن منا لا يريد أن يوصف بأنه (اجتماعي)؟ ومَن منا لا يحتاج إلى إتقان مهارات التواصل الاجتماعي؟

 

بالطبع جميعنا نحتاجها، وكلنا يتوق إلى أن يمتلك هذه الصفة ليوظفها متى شاء، فهي صفة - ولاشك على وجه العموم - محمودة، إذن فنحن بحاجة إلى إتقانهاº لأنها تمنحنا الثقة بالنفس، والقدرة على التخفيف من حدة موقف اللقاء الأول، الذي يكون فيه بالطبع عدم فهم للطرف الآخر، وبالتالي الرهبة منه، وعدم الجرأة على مبادرته في الحديثº خوف النتيجة غير المتوقعة، فيعم بذلك الصمت، إلى أن يكسر بموقف يتبين من خلاله الطرف الآخر.

 

 كلنا بحاجة إلى عقد صلات بطريقة لبقة، وتعريف الآخرين بالنفس، وتعريف الآخرين ببعض، والمبادرة في فتح الحوار في جلسة ما، أي ببساطة (كسر جمود الجو العام)، ولكنَّ ذلك يحتاج إلى شيء من المجازفة مجهولة العواقب، ولا تتوفر في أي شخص، ولكن رغم أن الالتقاء بأناس جدد يسبب لمعظم الناس شعوراً بالحرج، إلا أنه باستطاعة الواحد منا تجاوز ذلك بسهولة من خلال تطوير مهارات ثلاث:

1- تعريف الشخص بنفسه: إذا أراد الشخص أن يكتسب ثقة الآخرين به فإن عليه أن يمتلك القدرة على أن يُعرِّف بنفسِه عند اللقاء بهم لأول مرة، وفي مثل هذا النوع من اللقاء يجب على المرء ألا يتحدث كثيراً عن نفسه حتى لا يبدوَ في نظر الطرف الآخر نرجسيّاً، ولا يتكلف ما ليس فيه، وعليه أن يتحدث بكلمات مفهومة، وأن يركز أفكارَه حتى يبدوَ أكثر ثقة بنفسه، وألا يكثر من الحديث عن عمله وحياته الخاصة فيبدو ثرثاراً ليست لديه أي خصوصية، وأن يحرص المتحدث على أن يبحث عن مجالات الحديث العامة المشتركة، وأن يتصيد مواطن الاشتراك ويتحدث عنهاº كسباً لثقة الطرف الآخر، وإثراءً للحديث، ورصداً لتحسن العلاقة المتبادلة.

 

 وإن كانت اللقاءات مع الطرف الآخر كثيرة فهناك أمور خاصة لا يليق الحديث عنها في الحياة الخاصة، ولا يسأل أيضاً في أمور الطرف الآخر الخاصة، وإن حاول هو الحديث عنها فعلى الشخص أن يبتعد في حديثه عن الخوض فيها حتى وإن كانت هناك مناسبة للمشاركة.

 

2- تعريف الآخرين ببعضهم: وفي هذه المرحلة يتطلب من الشخص أن يكون قد عرَّف بنفسه أولاً، ثم إن كان معه صديقٌ أو عدة أصدقاء فيعرف بهم الآخرين، وهنا لابد من مراعاة أمرين مهمين:

أ عند التعريف بشخصين يجب التنبٌّه إلى ذكر اسم الشخص الأهم أولاً، أي ذكر اسم الشخص الذي يُفترض أن يحضى باهتمام الآخرين، وفي هذه النقطة يجب مراعاة الألقاب العلمية أو الوجاهة الاجتماعية التي يحملها الشخص المعرَّف به، كأن يكون دكتوراً أو مهندساً أو طبيباً...

 

ب تقديم الشخص الأصغر سناً إلى الأشخاص الأكبر منه سناً.

 

3- مهارات المحادثة: بعد التعريف بالنفس، والتعريف بالآخرين، تأتي مرحلة الحوار والمحادثة، وفي هذا النوع من المحادثة يحرص المرء على أن يكون فاعلاً، متحدثاً بطريقة لطيفة ولبقة، وأن يكون الحديث في نفس المجال الذي دار الحديث حوله، وعلى المرء ألا يفتح مجالاً جديداً للحديث حتى يعرف توجهات من يجالس، فقد يتحدث المرء بما لا يناسب الآخر أو يمسه، وإن كان لا بد من أن يبدأ الحديث هو فليحاول انتقاء الموضوع الشيق، ولا يحرص على التحدث فيما لا يصدق حتى وإن كان ذلك حقيقياً وحدث بالفعل، ولا يحرص على الإسهاب بالحديث، وأن يعطيَ من يجالسه الفرصة في أن يشاركه، ويبتعد عن الغيبة والنميمة وكثرة الانتقادات.

 

وإذا هاتفه أحد معارفه وهو في مجلس يتحدث فيه لأشخاص فلا يطيل الحديث معه وليبين له أنه مشغول إن كان الحديث في أمور يطول شرحها، ولا يجامل، وعليه أن يحدد موعداً لهذا الحديث الطويل، ولا يجعل جلساءه في انتظار إنهاء المكالمة حتى وإن طال الحديث.

 

ومن آداب الحديث إذا كان الشخص واقفاً أو جالساً مع مجموعة وأراد الانصراف فليستأذن ولا ينصرف فجأة حتى وإن لم يكونوا يتحدثون معه، وإذا جلس إلى جوار أحد يقرأ كتاباً أو مجلة أو صحيفة فلا يسترق النظر إليها ليقرأ فهذه السلوكيات غير مقبولة في كل المجتمعات.

 

وفي إتقان هذه المهارات يكتسب الشخص حب الآخرين، وقربهم منه، ويحقق بذلك المرح والانطلاق، وتطبيق معنى الاجتماعية، وبذلك يضفي إلى نفسه روحاً من المرح والقبول.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply