العمل المؤسسي... معناه، ومقومات نجاحه


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لعل من أخطر ما تعانيه الأمة الإسلامية: غياب الروح الجماعية.

ولقد انعكس هذا الواقع على الفكر - كما للأخير انعكاس عليه - فصار من عللنا الفكرية: ممـارســة التفـكـيــر بطريقة فردية، ومنها أيضاً: نمو التفكير في شؤون الفرد على حساب التفكير بشؤون المجتمع. وعليه: فإن الفقه المتعلق بشؤون الفرد وحركته وحقوقه وواجباته ظل أكثر نمواً من الـفـقـــه الذي يهم الجماعة، ففُصِّلت الفروض العينية، وبقيت الفروض الكفائية - والتي تصير عينية بالتقصير فيها - بقيت عند بعضهم عائمة، كمسألة: كفاية الأمة في كل جوانبها، وكـمـســألة: أهل الحل والعقد، وبيان تشكيلهم، ودورهم.. وبقيت الدراسات التي تتناول أبنية المجتـمـعــات الإســـلامـيــة التاريخية ومشكلاتها وأطوارها محدودةº ونتيجة لذلك فقد رأينا سجل التاريخ حافلاً بالـمـآثـر الفردية ضامراً في الأعمال الجماعية.

والسبب أن الوعي المدني لم يتم تنظيمه بشكل كافٍ,، فهو بحــاجــــة إلـى الـمــؤسـسـات المختلفة(1).

ولقد تأصلت فكرة الفردية اليوم، ثم تأزم الموقف حين ورث كثير من الدعاة إلى الله- تعالى - ذلـك المرض من أمراض التخلف الحضاري، فلا تزال ترى اليوم كثيراً من التـجـمـعـــات الإســلامـيـة محكومة بعقلية الفرد، تعيش مركزية القرار، رغم ازدياد التحديات، وتوالي المحن، وتفاعل الأزمات.

ولئن كان بعض الدعاة في العقود الماضية يسعون إلى مجرد الانتشار الأفقي للدعوة، فإنه لا يقبل من أحد اليوم التفـكـير بعقلية تلك المرحلةº فلقد صارت الصحوة اليوم معادلة صعبة في الموازين العالـمـيـة، والخطر الأوحد أمام الأنظمة الغربية، بل نستطيع القول: إن كثرة الأتباع غير الواعين أصبح يمثل هاجساً للدعاة والمصلحين أنفسهم.

وعليه فلا بد من مراجعة أســالـيـب الـعـمـل الدعوي اليوم. كما أنه من الضروري العناية بتنمية الفكر الجماعي، وأسلوب العمل المؤسسي المحكم الذي صار أسلوب القوة والتحدي في هذا الزمان، ويكفي برهاناً من الواقع أن الــدول الكبرى في الوقت الحالي دول مؤسسية ليست مرتبطة ارتباطاً كلياً بالأفرادº فالولايات الـمـتـحــــدة الأمريكية مثلاً هي بجملتها مؤسسة ضخمة تضم في ثناياها عدداً هائلاً من المؤسسات مخـتـلفة التخصصات، ولا تتغير استراتيجياتها الرئيسة بتغير أفراد حكوماتها إلا من منطلق جماعي.

وفي هذه المقالة: محاولة لتأصيل الفكر الجماعي، وبيان معنى الـعـمــل المؤسسي، وتحديد المراد به، ثم عرض شيء من مزاياه وفوائده، وبعض أسباب تقصير الدعاة في الأخذ به، ثم ذكر مقومات نجاحه. وما هذا الطرح إلا إثارة للموضوعº ليأخذ طريقه إلى حوار جاد(2).

 

نحو وعي أعمق للروح الجماعية:

إن تغيير واقع الأمة يتطلب في المستوى الأول تغيير النفوس، ومن عناصر ذلك التغيير: تعميق الفهـم، وتجديد الفكر، وتصحيح المفاهيم التي من أهمها: مفهوم الفرد، والجماعة، وهو - بحمد الله - مفهوم في غاية الوضوح.

إن الفرد هـو العـنـصر الأساس في بناء الأمة، ولكن شرط قيامه بدوره الأكمل هو تعاونه مع بقية أفراد الأمة.

والأمـة التي يتعاون أفرادها هي أمة الريادةº لأن تعاونهم يضيف كل فرد إلى الآخر إضافة كيفـية لا كمية، ومن ثم تتوحد الأفكار والممارسات من أجل تحقيق رسالة الأمة، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يربـي صـحابته على الروح الجماعية، روح الأمة، كما ضرب مثلاً - للمجتمع - بقوم أقلَّتهم سفـيـنة، إن أراد أحدهم خرقها وجب على الجميع الأخذ على يده، وإلا غرقوا جميعاً(3)º فالمسؤولية في بلوغ الريادة تقع على الأمة جميعاً في مقابل أمة الكفر.

والـعــــودة بالناس إلى روح الأمة يستدعي إجراءات، أولها: فك الارتباط القائم بين العمل الإسلامـي والأُطُــر الحزبــيـــة الضيقة(4)º ليتقبل العمل الإسلامي الاستراتيجية الصائبة الموصلة إلى الهدف، سواء انبعثت من داخله أو خارجه.

وهذا يجرنا إلى الإجراء الثاني الـمـتمـثل في تنمية الصفات التي تحقق التفاعل بين الأفراد وتعميقها، كالأخوة، والشورى، والتواصي بالحـق وبالصبر، والعطاء المتبادل، والقدرة على التجميع، مع موالاة الأمة، لا الحزب.

ولا بـد فـي ذلـك مـــن تحقيق التوازن بين الروح الفرديــة والروح الجماعية، وهذه مهمة التربية المتوازنة التي لا تحيل الأفراد أصفاراً، وأيضاً لا تنمي فيهم الفردية الجامحة، بل توفر لهم المناخ المناســـــب لتنمية شخصياتهم، مع اختيار أساليب العمل التي تحول دون التسلط، وتنمي المبادرات الذاتية، وترسخ الشورى.

ويكفل كلَّ ذلك إجراءٌ ثالـثٌ يـحــــوِّل العمل من أسلوب المركزية في اتخاذ القرار وتطبيقه ومراقبة تنفيذه إلى أسلوب المشاركة التي تُحسِّن الأداء وتنمي الشخصية، فيلتقي نموها مع روح الفرد التي أثمرها التعاون فيزداد التفاعل وتتكامل الجهود.

إن الجماعة والتنظيم في الإسلام يعني كلٌ منهما: \"التعاون\" و \"العلمية\" أي تعاون الجهود في خطة يضعها العلمº فجوهر الجماعــــــة وحقيقة التنظيم إنما هو التعاون بين المسلمين، والتكامل بين نشاطاتهم في طريق التمكين لشريعة الله، وإقامة دولة الإسلام، وإحياء الأمة الإسلامية\"(5).

 

تعريف العمل المؤسسي:

كل تجمع منظم يهدف إلى تـحـسـيـن الأداء وفـعـالية العمل، لبلوغ أهداف محددة، ويقوم بـتوزيع العمل على لجان كبرى وفرق عمل وإدارات مـتخـصـصـة: علمـيـة، ودعــويـــة، واجتـماعيةº بحيث تكون لها المرجعية وحرية اتخاذ القرار في دائرة اختصاصها... يعتبر عملاً مؤسسياً.

 

وليس المراد بالعمل المؤسسي العمل الجماعي المقابل للعمل الفرديº إذ مجرد التجمع على العمـل، وممارسته من خلال مجلس إدارة، أو جمعية أو مؤسسة لا يجعله مؤسسياً، فكثير من الـمـؤســســـات والمنظمات والجمعيات التي لها لوائح ومجالس وجمعيات عمومية إنما تمارس العمل الفــرديº لأنها مرهونة بشخص منهاº فهو صاحب القرار(6)، وهذا ينقض مبدأ الشورى الذي هو أهم مبدأ في العمل المؤسسي.

 

مزاياه وفوائده (7):

1 - تحقيق مبدأ التعاون والجماعية الذي هو من أسمى مقاصد الشريعة.

2 - تـضـيـيـق الفـجــوة بين عمل الدعاة، وردم الهوة بينهم بتحقيق ذلك المبدأ، وتأسيس الأعمال المشتركة بـيـنهمº فإن ذلك يقلل التصادم والنزاع، وهي الطريقة المتبعة بين الدول في تأسيس اللجان والمجـالـس الـمـشتركة، وهو ما لم يشعر بعض الدعاة بأهميته وضرورته بعد(8).

3 - تحقـيـق الـتكامل في العمل، وذلك في عمل الفرد عزيز، فكثيراً مما يحصل من القصور في عمل الفرد يـتـلاشــى في عمـل المؤسسةº إذ المفترض حدوث التكامل باجتماع الجهود، والمواهب، والخبرات، والتجارب، والعلوم، مع التزام الشورى، والتجرد للحق.

وأيضاً: فإن العمل الفردي يصـطـبـغ بصبغة الفرد، بينما المفترض أن يخلو العمل المؤسسي من ذلك(9).

4 - الاســتـقـرار النسبي للعمل، بينما يخضع العمل الفردي للتغير كثيراً - قوة وضعفاً أو مضموناً واتجاهاً - بتغير الأفراد، أو اختلاف قناعاتهم.

5 - القرب مـــــــن الموضوعية في الآراء أكثر من الذاتيةº حيث يسود الحوار الذي يَفرض قيامُه وضعَ معايير محددة وموضوعية للقرارات تنمو مع نمو الحوار، في حين ينبني العمل الفردي على قناعة صاحبه.

6 - دفع العمل نـحـو الــوسـطـيـة والـتـوازنº إذ اجـتـمــــاع الأفراد المختلفين في الأفكار والاتجاهات والقدرات يدفع عجلة العمل نحو الوسط، أما الـفــرد فلو توسط في أمر فلربما تطرف - إفراطاً أو تفريطاً - في آخر.

7 - توظـيـف كـافة الجهود البشرية، والاستفادة من شتى القدرات الإنتاجيةº وذلك لأن العمل المؤسسي يوفــر لها جو الابتكار والعمل والإسهام في صنع القرار، بينما هي في العمل الفردي أدوات تنفيذيــة رهن إشارة القائم بالعمل، ويوم أن أعرض المسلمون عن هذا العمل خسروا كثيراً من الطاقات العلمية والعملية، فانفرد أصحابها بالعمل، أو فتروا عنه(10).

8- ضمان استمرارية الـعـمـــــل - بإذن الله - تعالى - لعدم توقفه على فرد يعتريه الضعف والنقص والفتور، ويوحشه طول الطريق وشدة العنت وكثرة الأذى.

وللمثال: فقد كان من أقوى أســـبــاب استمرار التعليم قوياً في الدولة الإسلامية - حتى في عصور الضعف السياسي -: قيامه على المؤسسات العلمية القوية التي تمدها الأوقاف، كما تمد سائر الجهود الدعوية والإغاثــيــة - التي لـم يُـتـجرأ عليها إلا في العصر الحديث - واليوم نرى استمرار المؤسسات الغربية قوية تساندها جمعيات كثيرة(11).

9- عمـوم نفعه للمسلمينº لعدم ارتباطه بشخصية مؤســــســه، وهــذا بدوره ينمي الروح الجماعية الفاعلة، ويحيي الانتماء الحقيقي للأمة، وهذا مكمن قوتها.

10- مواجهة تحديات الواقع بما يناسبهاº فإن الأمة اليوم يواجهها تحدٍّ, من داخلها، في كـيـفـيـــة تطـبـيـق مـنهـج أهل السنة مع الاستفادة من منجزات العصر، دون التنازل عن المبادئ(12)، كما يواجـهـهـــا تحدٍ,ّ من خارجها مؤسسي منظمº والقيام لهذا وذاك فرض كفاية لا ينهض به مجرد أفـــراد لا ينظمهم عمل مؤسسي، كما لا ينهـــض أفــراد الناس لتحدي العمل المؤسسي في مجالات الحيـــاة الاقتصاديـــة، أو السياسيـــة، أو الإعلامية، أو غيرها.

11- الاسـتـفــــادة من الجهود السابقة والخبرات التراكمية، بعد دراستها وتقويمها بدقة وإنصاف وحياديـــــــة، وبذلك يتجنب العمل تكرار البدايات من الصفر الذي يعني تبديد الجهود والعبث بالثروات.

لماذا الإحجام عن العمل المؤسسي؟

ولسائل أن يقول: عَمَلٌ بهذه المزايا ما الذي حدا بالأمة اليوم أن تحجم عنه؟

ويجاب: بأن للأمر خلفيات وأسباباً، منها:

1 - طـبيعة المجتمعات الإسلامية المعاصرة عامة، وعدم ترسخ العمل المؤسسي في حياتهاº لما اعتراهــــا من بُعد عن الدين أدى إلى تأصل الفردية، وضعف الروح الجماعية، والحوار والمناقشة والمـشــاركة، ولما حلّ بها من تخلف حضاري أقعدها عن الأخذ بأسباب الفاعلية والنجاح، فأصابها التأخر وتبدد الطاقات.

2 - ضعف الملكة الإدارية لدى كثير من العاملين في الحقل الإسلامي، بسبب إهمال العلوم الإنسانية التي أفــــاد منها الغرب، وهذا مما ورثه العاملون عن مجتمعاتهم. وقد أدى هذا الضعف إلى الجهل بالـعـمـل المؤسسي ومقوماته وأسباب نجاحه فتلاشت الخطط، وأغلقت دراسة الأهداف وإقامة المشـاريع، وصار العمل مجرد ردود أفعال غير مدروسة أو عواطف غير موجهة(13).

3 - حــاجــــة الدعوة إلى الانتشار، مع قلة الطاقات الدعوية المؤهلةº مما حدا بكثير من الدعاة إلى التركـيـز على الكم لا الكيف، والغفلة عن قدرة العمل المؤسسي على الموازنة بين الكم والكيف، وتحقيق أكبر قدر منهما.

4 - الخلط بين الـعـمـــل الجماعي والمؤسسي، والظن بأن مجرد قيام الجماعة يعني عملاً مؤسسياً، في حين أن كـثيراً من التجمعات والمؤسسات لا يصدق عليها حقيقة هذا الوصفº لانعدام الشورى، والمركزية في اتخاذ القرار.

5 - الشبهات العارضة الـتـي يـتـذرع بـهــا المانعون من العمل الجماعي، بحجة بدعيتهº فأحجموا بذلك عن العمل المؤسسي انطلاقاً من هذه الشبهة.

6 - حداثة العمل الإسلامي المعاصر، فإنه إذا مـــا قورن عمره بعمر المؤسسات الغربية بان قصيراً جداً. يقال هذا لئلا تُهضم الحقوق، ولكي نقـتـرب بـالـحـديـث مـن الإنصاف لهذه الصحوة المباركةº حيث نرى بوادر الاهتمام بالمجالات الإدارية أكثر من ذي قبل.

 

لكي ينجح العمل المؤسسي:

للتربية الإيمانية المتكاملة أكبر الأثـر فـي بـنـــاء الطاقات، وتنميتها، واستثمارها استثماراً مناسباً، وهذا عماد العمل المؤسسي، ويمكن تفـصـيـل المقومات اللازمة لنجاحه على النحو الآتي:

1 - تـوفــــــر القناعة الكافية بهذا الأسلوب من العملº بإدراك ضرورته، وخاصة في زمن القوة، وبمعرفة مزاياه وثمراته، وفهم مقومات نجاحه للوصول به إلى المستوى المطلوب.

2 - صدور القــرارات عـــن مـجـالـس الإدارة، أو اللـجــان ذات الصلاحية، حرصاً على خروجها من أدنى مستوى ممكن، لتكون أقرب إلى الواقـعـية وقابلية التنفيذ، ولا يجوز أن يكون المصدر هو الفرد أو المديرº فإنه يستمد صلاحياته - هـــــو أيضاً - من المجالس، لا العكس، ويجب أن تملك المجالس واللجان صلاحية مراجعة قــرارات المديرين ونقضها.

3 - أن تكون مجالس الإدارة أو اللجان غير محصورة في بيئة واحدة محكومة بأطر تنشئة وتربية وتفكير محددة مما يؤثر على طبيعة اتخاذ القرار، فوجود أفراد من بيئات مختلفة ضمن هذه المجالس يثري العمل المؤسسي بتوسيع أنماط التفكير وتعديد طرق التنفيذ(14).

4 - أن تسود لغة الحوار، حتى تتلاقح الآراء للخروج بأفضل قــرار، وأيضاً حتى يخضع الرأي الشخصي لرأي المجموعة.

ويذكر هنا بالمناسبة: نزول النبي - صلى الله عليه وسلم - على رأي أصحابه في أحد، وخروجه من المدينة تلبية لرغبتهم، مع ميله للبقاء في المدينة، وتأييد رؤياه لرأيه(15)، وبـعـدمـــا حصل ما حصل لم يصدر منه لَوم لأولئك المقترحين للخروج.

5 - تحديد ثوابت ومنطلقات مشتركة للعاملين في المؤسسة تكون إطاراً مرجعياً لهم، توجه خطة العمل، وتناسب المرحلة والظروف التي تعيشها المؤسسة.

6 - الـتـسامي عن الخلافات الشخصية، وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، وهذا يتم بتحـسـيـن الاتصال والتواصل بين أفراد المؤسسة بعضهم مع بعض، وبينهم وبين سائر العاملين في الحقل الإسلامي.

وهذا أساس قوي للـنـجـــاحº فـفـي استفتاء لعدد من القياديين الناجحين اتضح أن الصفة المشتركة بينهم هي القدرة على التعامل مع الآخرين(16)، ولن يتم ذلك لأحد ما لم تتربَّ أنفسنا على العدل والإنصاف، ومـعـرفـة ما لدى الآخرين من حق، ومحاولة فهم نفسياتهم من خلال نظرتهم هم لأنفسهم، لا من خلال نظرتنا نحن.

7 - الاعتدال في النظرة للأشخاصº فـإنــه فـي حـيـن يصل الأمر لدى المنحرفين عن أهل السنة والجماعة في نظرتهم للأشخاص إلى حد الغلو والـتقـديس، فإنَّا نجده عند بعض أهل السنة - الذين سلموا من الغلو - بالغاً إضفاء هالة على بـعـض الأشــخـاص تـؤثـر في مدى استعدادهم لمناقشة رأيهم، أو احتمال رفضه مع بقاء الاحترام الشخصي، وهؤلاء يشـكـلون ضغطاً على العمل المؤسسي وتوجيهاً غير مباشر للآراء(17).

وكأن هذا ما أراده عمر - رضي الله عنه - حين عزل خالد بن الوليد - رضي الله عنه - خشية تعلق الناس به، وربطهم النصر بقيادته(18).

8 - إتـقــان التخطيط، وتحديد الأهداف لتنفيذها، وتوزيع الأدوار، وهذا يتطلب مستوى جيداً في إعـــداد الـقـــادة والمسؤولين، وتدريب العاملين مع الاستفادة من كل الإمكانات، وتوظيف جميع الطاقات، بعد التعرف عليها جيداً(19).

والمهم هو التركيز في جــــداول الأعـمـال على الـمـنطلقات والأسس والخطوط العامة، دون الانهماك في المسائل الإجرائية، والتي قـد لا تحـتـاج إلا لمجـرد قــرار إداري أو إجـــراء تقليدي، ودون المسائل التي يكثر الجدل والخلاف حولها.

ولضبط الخطط، وإتقان تنفيذها، وبلوغ الأهداف، يراعى الآتي:

أ - الأنــاة في التخطيط، والحماسة في التنفيذ(20)º فالأول: لمراعاة القدرات والإمكانات، ومعرفة الـتـحـديــات وحسن تقدير العواقب، وتحاشي مخاطر السرعة، والثاني: لاستباق الخيرات، وكسب الزمان، واغتنام الهمة، ومبادرة العزيمة.

ب - أهمية قيام المــؤسسات بأداء أعمالها بأساليب علمية حكيمة تكفل استمرارها وأداءها لعملها على الوجه المـطـلـــــوب، وحتى لا تتعرض لكيد الكائدين وأساليب المغرضين، ولا ينبغي أن يكون أهل النفاق أكـثـر حـنـكــة مناº فكم نالوا أهدافهم من جمعياتهم وأعمالهم حتى بلغوا مناهم(21). اللهم ألهمنا رشدنا، وأعذنا من شر أنفسنا(22).

 

__________________________

الهوامش:

(1) انظر: مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي، د. عبد الكريم بكار، ص39.

(2) بعد إعداد هذه المقالة اطلعت على رسالة قيمة ـ لما تطبع بعد ـ بعنوان: العمل المؤسسي الإسلامي ودوره في التغيير الشمولي، د. سامي الدلال ـ جزاه الله خيرا ـ.

(3) انظر الحديث في البخاري، كتاب الشركة، باب (6)، 3/11.

(4) التي تحبس صاحبها في بوتقة ضيقة، فيحصر ولاءه في الحزب، ولايعرف الدعوة إلا بمفاهيمه، بغض النظر عن مدى التوافق مع الشريعة.

(5) انظر: مقالا بعنوان: روح الفريق والمبادرات الذاتية، لمحمد بدري، في مجلة البيان، العدد83، ص42.

(6) انظر: مقالا لعبد الله المسلم، مجلة البيان، العدد: 118، ص18.

(7) انظر: مقال: لعبد الله المسلم، في مجلة البيان، العدد: 117، ص38.

(8) انظر: مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي، د. عبد الكريم بكار، ص 238.

(9) انظر: العمل الجماعي، د. عبد الوهاب الديلمي، ص 35.

(10) انظر: خواطر في الدعوة، محمد العبدة، ص165.

(11) انظر: خواطر في الدعوة، ص147.

(12) انظر: خواطر في الدعوة، ص37.

(13) انظر: البيان، العدد: 110، ص4.

(14) الفكرة مقتبسة من: المسار، لمحمد الراشد، ص62ـ66، فليراجع.

(15) كما في مسند أحمد: 3/351، وصححه الألباني في تخريج فقه السيرة للغزالي، ص269.

(16) انظر: دليل التدريب القيادي، ص142.

(17) انظر: مقالأ لعبد الله المسلم، في مجلة البيان، العدد: 118، ص18.

(18) راجع البداية والنهاية، 8/115، وقد يوجه الأمر توجيها آخر، انظره في الفتاوي لابن تيمية: 28/256.

(19) انظر: مشكلات وحلول، للبلالي، ص183، ودليل التدريب القيادي، ص137 وما بعدها، والمسار للراشد، ص166ـ167.

(20) انظر: مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي، د. بكار، ص162.

(21) انظر مقالا لعبد القادر حامد، البيان، العدد: 31، ص96.

(22) الموضوع بحاجة ماسة إلى إثراء، ويمكن الاستفادة فيه من كتب الإدارة، مثل: الخطوات الذكية، الإدارة، مثل: الخطوات الذكية، الإدارة بضمير، (مترجمة)، وتنظيم العمل الإداري في النظام الإسلامي، د. محمد الأغبش.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply

التعليقات ( 1 )

اعجاب

12:23:07 2020-06-29

جزاكم الله خيرا مقال ىائع