الإدارة و المجتمع


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 المهتمون بالإدارة يعرفون جيداً أن الإدارة لا تمارس بمعزل عن الناس والمجتمع وأنه من شبه المستحيل أن تطبق الإدارة في أبراج عاجية ومكاتب مغلقة بدون التطرق لأمور اجتماعية على درجة عالية من الأهمية سواء داخل المنشأة أم خارجها.

 

 في داخل المنشأة، يتعامل المدير مع أعداد كبيرة من الأفراد (مجتمع) لهم طموحات مختلفة وغايات متعددة وقدرات وإمكانيات متفاوتة وعليه الواجب الكبير والمهمة الشاقة بأن يوحد جهودهم وتطلعاتهم ويسيرهم في مسار واحد بما يحقق الأهداف العامة للمنشأة في الحاضر والمستقبل. لذا كانت أغلب الأدوار الداخلية التي يمارسها المدير (حسب تصنيف النظرية الإدارية) تدور حول فض المنازعات وحل المشاكل وتوزيع الموارد وقيادة المجموعة نحو أهداف محددة.

 

 أما خارج المنشأة فان الأمر اعقد من ذلك بكثير. فعلى المدير أن يتعامل مع أطراف متعددة (ملاك، موردون، منافسون، مشترون، منظمون حكوميون … الخ) بما يكفل تحقيق أهداف المنشأة وحماية مصالحها. وللدلالة على أهمية هذا البعد الاجتماعي الخارجي قدمت النظرية الإدارية تصوراً للأدوار الخارجية التي يمارسها المدير تحت مسميات مثل: المفاوض (الذي يفاوض الأطراف الخارجية ويوقع معهم العقود لتسيير أعمال المنشأة) الرمز (الذي يمثل المنشأة لدى العالم الخارجي وفي المناسبات الجماهيرية) الإعلامي (الذي يتحدث باسم المنشأة لدى وسائل الإعلام وأمام الجمهور).

 

كل هذا كلام جميل يوضح الأبعاد الاجتماعية لعمل المدير ولكن الأجمل من كل ذلك هو بروز مبادئ المسئولية الاجتماعية وهيمنتها على الفكر الإداري في السنوات الماضية مع ما يحمله ذلك من تأثيرات حاسمة على عمل المدير الذي كان ينظر له كعمل عقلاني رشيد يؤدي إلى تحقيق نتائج مثالية وأصبح ينظر له كعمل تفاوضي صعب قائم على المفاضلة والمقارنة ويؤدي إلى تحقيق أرباح مقنعة وفي نفس الوقت يعمل على حماية حقوق المجتمع الذي تعيش فيه المنشأة.

 

 في عصر المسئولية الاجتماعية، أصبح لزاماً على المدير أن يعمل مفاضلة مستمرة لكل قرار يريد اتخاذه بحيث يمتنع عن اتخاذ أي قرار يضر بمصلحة المجتمع حتى لو كان سيحقق أرباح طائلة للمنشأة.

 

وهناك صور عديدة للأضرار بمصلحة المجتمع منها:

* الغش التجاري بكافة أنواعه.

 

* معارضة قيم المجتمع ومبادئه الدينية والثقافية والاجتماعية.

 

* استنزاف العمالة أو التستر عليهم.

 

* التجسس الغير نظامي والمنافسة الغير شريفة … وغير ذلك.

 

* وبالمثل أصبح واجباً على المدير اتخاذ تلك القرارات التي تحقق مصلحة المجتمع الذي يعيش فيه حتى لو كانت عائدات هذه القرارات على المنشأة ضئيلة نوعا ما. والقرارات التي تحقق مصلحة المجتمع هي القرارات التي تحقق كل أو جزء من هذه الفضائل.

 

* الإسهام في رعاية المعاقين والمسنين والمحتاجين في المجتمع.

 

* سعودة الوظائف والمشاركة في تدريب وتطوير القوى العاملة.

 

* دعم مراكز البحوث والجامعات وتشجيع البحث العلمي بكافة أشكاله.

 

* الإسهام في التنمية وتحقيق أهداف الدولة في تنويع مصادر الدخل.

 

* المحافظة على البيئة.

 

* المشاركة في المناسبات الوطنية والاجتماعية والمهرجانات المحلية والأسابيع الخاصة كأسبوع المرور وأسبوع الشجرة.. الخ وغير ذلك.

وهكذا نرى أن المدير يتأثر بشبكة من العلاقات الاجتماعية المتداخلة وعليه التعامل مع هذه الدوامة بما يحقق مصلحة المنشأة والمجتمع على حد سواء.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply