إليكِ... لأنّكِ نهرٌ من الماءِ القَراح يروي اشتياقَ الأرضِ لبردِ الريّ في جفاءِ الجدب... لأنّكِ.... عطاءٌ بغير منع... و وُدُّ بغيرِ مقابل... و حُبُّ سخيُّ كغيثٍ, يلامسُ مفرداتِ الحقولِ و الأشياء... غير ضنين بمنحه... و لا متردِّدٍ, في هباته...
لأنّكِ.... نسماتٌ تتهادى في مساءِ الصّيف...
فـــيءٌ يبسطُ بردَ ردائه للعابرين في دروبِ القيظ... و حمائمُ تسبّحُ في هديلِها هادئةً مطمئنّة... تتسلّلُ سكينةُ ترجيعِها في قلوبِ السّامعين... لِتملأها سلاماً و أمناً سرمديَّ المدى و السّمات...
لأنّكِ... حبُّ جارفٌ كسيلٍ, لا تصدّهُ أحجارُ السدّ... و عطفٌ مطلقٌ لا يحفظ لمواثيق الجفاءِ العهود... و تسامحٌ لا يغريه دمعُ الوجدِ لقطعِ علائقِ الودّ... و صبرٌ لا يشكو من ضيقِ ذاتِ الصّدر...
إليكِ.... أيّتُها المجبولةُ على حبّ الجمال... المفتونةُ برقّةِ القلوب... المسحورةُ ببليغِ البيان...المنذورةُ للعطاء الدائم... للصّبرِ و المكابدة... يا رفيقةَ الدمعِ و الجهد... يا صائغةَ الحكايا العظيمة... و يا حائكةَ غزلِ الحياءِ و العزّ... إليكِ....
كي لا تغفلي في ازدحامِ الصّخبِ عن جللِ المهمّة...
إليكِ....
كي لا تشغلَك ِرفاهةُ الحسِّ و دعةُ العيشِ عن فرضِ الحراسة... و كي لا تتسلّلَ إلى يقظةِ القلبِ سِنَةٌ من نُعاس الغفلة... فيحتلَّ اللصوصُ القلعة....
إليكِ........
يا حارسةَ القلعة.... أهدي هذه الخواطر.... إضاءة, و أفتشُ في معارجِ السماءِ
عن مدارجَ لروحي
عن بلسمٍ, لجروحي
و أشدو...
في سكونِ الليلِ وحدي
أشتكي من طولِ بعدي
عن صراطِ الحقِّ حتى
ما استبانَ الدربُ خطوي...