أرضٌ قاحلةٌ متشققة... جف زرعُها.. واختفت ملامحُها... وضاعَ دَرسها... أكل الدهرُ عليها وشرب... مرت عليها سنونٌ عجاف... حولتها إلى ركامٍ, وبقايا أطلالٍ, متناثرةٍ, هنا وهناك... منع عنها القطر... وتآكلت معالمُها... إلى أن قيض الله ُلها يوماً سحابةً ممطرة ًروت الظمأ... وسقت الجدب... وانبتت الزرع... (اللهم صيباً نافعاً)... أشرقت الشمسُ على الأودية والبطون... و تخلل دفئها بين طياتِ تلك الأرض الجافة.. و من بين الأنقاض... من بين الركام... من بين تشققات تلك الأرض الجافةِ اليابسة... نمت نبتة ٌ خضراء!!
وهل لتلك الأرض ِالجافةِ أن تُنبت الزرع؟؟ وهل لأرض ٍ,رحلت عنها الحياة أن تعود لها الروح من جديد!!
نعم لقد كان ذلك اليوم يوماً فريدا في عمرِ تلك الأرض... لقد كان لها العمرَ الجديد الذي غير حياتها... بل أعادَ لها الحياة..
تسللت الروحُ لها من جديد... فأشرقت الشمس.. شمس الحب.. وبثت الدفء إلى الحنايا... بعد زمن من الصقيع القاسي!؟ ومرت أيام ٌ استفاقت الحياةُ على تلك الربوع...
شمسٌ دائمة ُالإشراق.. بللٌ من السماء أنعش الروح في تلك الديار... ودفءٌ وأمان... ونبتة ٌ خضراء شامخة ٌ من بين الأنقاض.
إلى أن جاء يومٌ لم يكن هنالك مفرٌ منه!!! هبت رياح ٌ عاتية!!! عاصفة ٌ اقتلعت تلك الأشجار اليانعة!!! شُنقت الشمس على مشارف الضياء... وضاعت ملامح الأمل!! ليلة ٌ شتوية ٌ ممطرة ٌ أضاعت تلك النبتة... يدٌ قاسيةُ اقتلعتها وهي بعدُ لم ترى النور.. بل لم تزل في طور النمو بعد... ولكن تلك اليد العاتية أصرت على أن تحرمها من الدفء.. أن تبث الخوف والحرمان في أعماقها. !
يالها من قسوة تعذر على تلك الأرض أن تتحملها... في ذلك الجوِ العاصف... وفي تلك الليلة المخيفة. ! تلك الليلةٍ, القاسية... الليلة التي يملؤها الخوف والرعب... ضاعت تلك النبتة.. وضاعت معها الأشواق؟؟ والحنين!! وضاع كلُ أملٍ, جميل!! كلُ حلمٍ, كان ينمو كل يومٍ, مع تلك النبتة... وبقيتُ من بعدها لا أرى سوى طريقا ً طويلا ً ليس فيه سوى الشوك...
وبعد..
ماذا أخط!! وماذا أرسم!! هل أرسم أرضا ً خرابا ً اقتلعت آمالها وأحلامها.. وعوت فيها الذئاب... وغابت عنها ملامحُ الأمل؟!
ماذا أرسم!!! أأرسمُ جراحاً يسكن على ضفافها الدماء؟؟؟ وينبثق من كهوفها المظلمة بقايا نواح وأنين؟؟؟
لن أستطيع أن أرسمَ سوى الحقيقةَ المرة!!! ولا يسعني سوى أن أعترف بتلك الحقيقة. !!!
ولكني برغم ذلك لن أنسَ تلك الأيام الجميلة.. ولن أنسى أن تلك النبتة أعادت لي الحياةَ.. و علمتني لغة الأشواق.. وأعطتني الكثير... وبثتني الدفء... ولن أنسى تلك الليالي الغارقة في الشوق والحنين... تلك الليالي التي عشناها سويا.. ولن أنسى أيضاً أن يد الغاصب كانت أقوى وأعتى؟!
و برغم ذلك سأبقى على ثقةٍ, أن شمساً جديدةً ستشرقُ يوماً...ونبتةً أخرى ستنمو يوماً..
وروحاً ستسكن هذه الأرض من جديد!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد